back to top
المزيد

    الأسواق الناشئة : زيادة الضوابط على رؤوس الأموال للحد من التدفق المالي

    كارولين كوي

    أعرب بعض المستثمرين الأجانب عن استيائهم بشأن القيود التي تهدف إلى تخفيف الضغط على العملات المحلية.

    تتخذ عدد من الأسواق الناشئة نهجا محفوفا بالمخاطر في تعاملها مع الضغوط المتزايدة على عملاتها, فهم يحاولون منعها.

    صرّحت دولة اذربيجان, التي يعتمد اقتصادها على النفط,بانها ستفرض ضريبة تصل الى 20% على اي صفقة لنقل الأموال إلى خارج البلاد, وبناءً على ذلك فقد أبلغت المملكة العربية السعودية البنوك التي لها فروع في أذربيجان بعدم السماح للتجار بالمراهنة على انخفاض قيمة العملة السعودية (الريال), كما وأوقفت نيجيريا مؤخراً استيراد بعض السلع كالرز واعواد تنظيف الاسنان، وحددت سقف الإنفاق لبطاقات الائتمان وبطاقات الخصم المقيّمة بالعملة الاجنبية.

    يهدف فرض الضوابط على رؤوس الأموال الحد من تدفق الأموال أو إبطائه,وكذلك الحد من الضغط الذي يُضعف قيمة العملات، التي يراهن التجار على انخفاض قيمتها بشكل اكبر,ولكن أذربيجان تخاطر بزيادة الامر سوءاً، وذلك عن طريق التسبب بنفور المستثمرين الأجانب المستاءين من القيود المفروضة على تدفق رؤوس الاموال التي تضر بالاعمال التي تحتاج الى حماية.

    قال جورج هوغويت ،الخبير الاستراتيجي للاستثمار العالمي في ستيت ستريت جلوبال للاستشارات والتي تمتلك اصول تقدر ب 2.4 تريليون دولار, “إنها علامة على ضعف الاقتصاد و على حدوث تغير جذري في معدلات التبادل التجاري، وهذا يزيد ايضاً من علاوة المخاطر بسبب عدم وضوح السياسة المتبعة”.

    إن السؤال الرئيس الذي يخيّم على الاقتصاد العالمي هو كيفية تمكن الاسواق الناشئة من القيام بالتحكم بالتدفق الكبير لرؤوس الاموال والضعف في عملاتها وزيادة عبء الديون؟

    بعد الازمة المالية، تدفقت تريليونات الدولارات إلى الأسواق الناشئة ولكن تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين وانهيار أسعار النفط فضلاً عن السلع الأخرى أدى الى انعكاس الوضع.

    ففي عام 2015، عانت الاسواق الناشئة من تدفقات صافي الارباح المقدر ب 732 مليار دولار، و تتحمل الصين الجزء الاكبر من هذه المشكلة وفقا لمعهد التمويل الدولي.

    وفقاً لمجموعة أشمور العالمية لإدارة الاستثمار فقد تراجعت عملات الأسواق الناشئة في الوقت نفسه بمعدل 17.6% مقابل الدولار في العام الماضي، وان الاتجاه الحالي لا يظهر أي مؤشر على انحسار انخفاض العملة, فقد انخفض كل من الروبل الروسي والبيزو المكسيكي والبيزو الكولومبي إلى مستوى قياسي مقابل الدولار الأمريكي يوم الأربعاء ,كما وانخفضت أسعار عملات الاسواق الناشئة بنسبة 3% في الاسبوعين الاولين من عام 2016.

    ردت الهند وفنزويلا ومصر بتطبيق شكل من أشكال الرقابة على رؤوس الاموال, كما وقامت الصين بإحكام سيطرتها على حركة رأس المال في خضم افتتاح أسواقها بصورة أكبر أمام المستثمرين الأجانب وذلك لدعم اليوان كعملة عالمية. و على غرار المملكة العربية السعودية فقد قامت بكين أيضا بوضع قيود على مراهنات العملة,وأوقفت أيضا بعض الاستثمارات الخارجية .

    قال زينغوانغ تشيان، الاستاذ المشارك في العلوم المالية في جامعة بافالو في ولاية نيويورك,”ان الأسواق الناشئة هي الأكثر عرضة لتدفقات رؤوس الاموال التي قد تقوّض انظمتها المالية على المدى القصير، فلذلك يجب عليهم اتباع تلك السياسات الادارية كأداة لمنع حدوث الكارثة”.

    حتى الآن، فقد حققت هذه السياسات نتائج متضاربة,اذ ساعدت الضوابط التي فرضت على رؤوس الاموال في الهند، والتي فرضت في عام 2013، بوقف تراجع عملتها وإعادة بناء احتياطاتها الأجنبية, إلا ان رؤوس الأموال لكل من الصين وفنزويلا ومصر استمرت بالتدفق الى الخارج بسبب ارتباط عملاتهم بالدولار الأمريكي, مما سيؤدي إلى تضاؤل احتياطاتهم المالية.

    المصادر: شركة توليت بريبون (اليوان)؛ وكالة تومسون رويترز (المانات)؛ بنك الصين الشعبي؛ صندوق النقد الدولي صحيفة وول ستريت

    إن الاعتماد على الضوابط المفروضة على العملة يمثل تحولاً لِما كان سائداً قبل سنوات عدة، عندما كان المستثمرون يضخون مليارات الدولارات في الاسواق الناشئة التي تعمل بالسلع المستهلكة للوقود. لذلك فان بعض البلدان قد وضعت تدابير للحد من زيادة التدفقات المالية التي قد تؤدي الى التضخم او التسبب بفقاعة في أسعار الأصول المحلية,فعلى سبيل المثال، قامت البرازيل بفرض ضريبة بمقدار 2% على التدفقات المالية للمستثمرين في عام 2009.

    وكانت ضوابط رؤوس الأموال لعنة في آخر انهيار كبير للاسواق الناشئة ، كما حدث في الأزمة المالية الاسيوية عام 1997.

    أذربيجانيون يصطفون أمام بنك باكو. تواجه اذربيجان و غيرها من الاسواق الناشئة ضغوطات على عملاتهم. تصوير عزيز كريموف / باسيفك بريس/ زوما بريس
    أذربيجانيون يصطفون أمام بنك باكو. تواجه اذربيجان و غيرها من الاسواق الناشئة ضغوطات على عملاتهم. تصوير عزيز كريموف / باسيفك بريس/ زوما بريس

    خلال تلك الأزمة، لجأت كل من تايلاند وكوريا الجنوبية وإندونيسيا الى صندوق النقد الدولي لطلب المساعدة, وفي مقابل حصولهم على مساعدات الطوارئ, اصّر صندوق النقد الدولي على أن تقوم هذه الدول بإزالة القيود المفروضة على تدفقات رؤوس الاموال.

    اختارت ماليزيا مساراً مختلفاً، إذ فرضت ضوابط على رؤوس الأموال للدفاع عن عملتها الوطنية, الرينجت, مما أدى إلى تعرّضها لانتقادات دولية,وبعد عقد من الزمن في عام 2008لجأت كوريا الجنوبية الى فرض ضوابط على رؤوس الأموال وذلك لحماية مصالحها الاقتصادية خلال الازمة المالية العالمية.

    وفي خطوة مثيرة للجدل، فقد فرض صندوق النقد الدولي ضوابط على رؤوس الأموال في عام 2011 إذ تبين له صحة الاجراءات التي قامت بها تلك الدول إذ أنها كانت الأقل تضرراً خلال الازمات.

    وبيّن صندوق النقد الدولي  في آخر تعليماته بشأن الضوابط المفروضة على رؤوس الأموال, “ان التدفقات المالية الفوضوية يمكن أن تؤدي إلى استنزاف الاحتياطيات, وانهيار العملة, واجهاد النظام المالي, وخسائر في الانتاج”. كما وصرح الصندوق انه في حالة الازمات فان تدابير ادارة تدفق رؤوس الاموال “قد تمنع الانهيار الشامل لأسعار الصرف وتحد من استنزاف الاحتياطات المالية الدولية”.

    إن المستثمرين الأجانب أكثر صرامة في موضوع تدفق رؤوس الاموال, فقد تم اخراج اوكرانيا العام الماضي من مؤشر (سوقMSCI  فرونتير) الذي يتم متابعته بشكل واسع، بعد منع البنك المركزي الاوكراني المستثمرين الأجانب من استرداد أموالهم الناتجة عن بيع الاسهم الاوكرانية,وتم اخراج نيجيريا أيضا من مؤشر سندات السوق الناشئ (J.P. Morgan’s) في أيلول الماضي مما أدى إلى استرداد المليارات من حملة السندات.

    ومع ذلك فان بعض المدراء الماليين على استعداد للتمسك بالضوابط التي تفرض على رؤوس الأموال. قال تشارلز روبرتسون, كبير الاقتصاديين في رينيسانس كابيتال,بأن “البلدان بإستطاعتها النجاة من نتائج فرض ضوابط على رؤوس الاموال وكذلك المستثمرين”.


    كارولين كوي ، صحفية  مختصة بسوق الدخل الثابت في صحيفة الوول ستريت جورنال في نيويورك. وتضم منطقة تغطيتها سوق سندات الخزانة الأمريكية وأسعار الفائدة واتجاهات الاستثمار في سوق السندات.


    ملاحظة :
    هذه الترجمة طبقاً للمقال الأصلي الموجود في المصدر ادناه ، والمركز غير مسؤول عن المحتوى ، بما فيها المسميات والمصطلحات المذكوره في المتن .

    المصدر :

    http://www.wsj.com/articles/battered-emerging-markets-race-to-stem-outflows-1453410496