د.سعد سلوم / استاذ العلاقات الدولية في كلية العلوم السياسية / الجامعة المستنصرية.
كان فرنسيس الأول، الراحل عن 88 عاماً، مثالا نادرا عن الشجاعة الأخلاقية والروحية والفكرية، وكانت تصريحاته وتصرفاته، مثار سجال كبير لن ينتهي بانتهاء حقبته المتميزة والفريدة. أصبح بعد انتخابه البابا رقم 266 في تاريخ الفاتيكان، والبابا الأول القادم من أميركا اللاتينية، وأول بابا من العالم الثالث.
قدم الراحل إطارا أخلاقيا نادرا في عصر شديد العلمانية في الواقع، من خلال أفكاره وأقواله وأفعاله، فنراه قد تبنى القيادة الأخلاقية في العديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية العالمية.
فارق البابا، الأكثر شعبية في تاريخ البابوية، الحياة يوم الاثنين المصادف 21 نيسان 2025 بعد معاناة من أمراض مختلفة خلال فترة بابويته التي استمرت 12 عاماً، وأتت وفاته غداة مشاركته في احتفالية عيد الفصح بكاتدرائية القديس بطرس.
وفي آخر ما صدر عنه من تصريحات، شدد في رسالة بمناسبة عيد الفصح، الأحد 20 نيسان 2025، على أهمية السلام، داعياً إلى إنهاء الصراعات المسلحة في العالم، لا سيما في غزة وأوكرانيا. وقال في رسالته التي نشرها المكتب الصحافي للكرسي الرسولي: “أود أن نجدد أملنا في أن يكون السلام ممكناً. من كنيسة القيامة، حيث يحتفل الكاثوليك والأرثوذكس بعيد الفصح هذا العام في اليوم نفسه، قد يشع نور السلام في جميع أنحاء الأرض المقدسة والعالم بأسره”.
من هو البابا فرنسيس الأول؟ ما مسيرة حياته وتعليمه اللاهوتي؟ كيف اكتسب سمعة عالمية وأصبح صوت الفقراء والمدافع عن البيئة. كيف تأثر بلاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية؟ وما سياسته وتوجهاته وفلسفته بالمقارنة مع بقية الباباوات؟ ولماذا كان فرنسيس يصر على زيارة العراق على الرغم من التهديدات الأمنية والصواريخ والتشويهات المتعمدة لصورة هذه البلاد المنكوبة بالعنف والفساد؟ وما الميراث الروحي والفلسفي والسياسي التي خلفه صانع السلام الأبرز في القرن الحادي والعشرين، من بعد رحيله؟
سنحاول في هذه المساهمة المتواضعة الإجابة عن معظم هذه الاسئلة.