احمد جلوب المياحي- طالب دكتوراه في جامعة طهران قسم العلاقات الدولية
مقدمة:
 أشارت المشاركة العسكرية المُتزايدة بين أوكرانيا والغرب إلى أنّ أوكرانيا (أو أوكرانيا مع الناتو) قد تتحدى روسيا يوماً ما في المستقبل المنظور؛ لذلك اتخذت الدولة التي كانت لها أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لروسيا كدولة عازلة، إجراءات عملية ضد هذا الإمر. يمثل الغزو الروسي لأوكرانيا في 24/ فبراير 2022 تجدد الحرب في القارة الأوروبية ومحاولة أخيرة لإصلاح النظام الذي يقوده الغرب والذي ساد منذ نهاية الحرب الباردة، بعد أن أصيبت روسيا بخيبة أمل من تنفيذ قرار مجلس الأمن 2022، الذي كان عبارة عن سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها مينسك لحل الوضع في دونباس، حيث أعلنت روسيا أنّها قررت الهجوم من أجل الحفاظ على وحدة أراضي أوكرانيا.
الهجوم هو أكبر هجوم من دولة ضد أخرى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية وجاء بعد يومين من اعتراف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستقلال دونيتسك ولوهانسك، وبرر الرئيس الروسي الهجمات بالدفاع عنها ضد العدوان الأوكراني، وتخليص أوكرانيا من النازية، ونزع سلاح كييف التي وصفها بوتين بأنها تهديد لروسيا.
هناك نوعان من وجهات النظر في هذا الصدد، من ناحية أخرى يمكن القول أنّ الناتو قد أضعف نفسه في الواقع كتحالف عسكري من خلال تضمين دول ما بعد الاتحاد السوفيتي والتي قد لا يكون لدى الأعضاء الغربيين الرئيسيين الإرادة السياسية للدفاع عنها، حتى لو تمكن الناتو من بناء نظام دفاع صاروخي. ففي التطوير الفعّال، تستمر ترسانة روسيا النووية الهائلة وتطوير الصواريخ الأسرع من الصوت في البلاد في ضمان أنّ لديها قدرة موثوقة على الضربة النووية الثانية.
بشكلٍ منفصل يُجادل البعض بأن شكاوى بوتين المتكررة بشأن توسيع منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو، 2022)، قد أتت بنتائج عكسية، حيث أنهت فنلندا والسويد الآن مفاوضات الانضمام إلى الحلف؛ لأن العدوان الروسي دفع دول عدم الانحياز لمحاولة الاتحاد. أخيراً بالنسبة لروسيا يعني هجوم أوكرانيا توسيع نظام جديد في العالم، الذي كان يحتج على النظام العالمي لسنوات، وأدخل النظام الدولي في الواقع إلى حقبة جديدة بهذا الهجوم؛ لهذا السبب نقول: إنّ الهجوم على أوكرانيا تسبب في نظام جديد؛ لأنه قبل هذا الهجوم لم يواجه كل من الناتو وروسيا بعضهما البعض بهذه القوة، وكُتبت القوانين وانتهكت المعاهدات التي بعد الحرب العالمية الثانية. كانت هناك فجوة بين العالم الشيوعي والعالم الرأسمالي في الغرب وتعمل روسيا بنشاط على تعزيز مطالبتها العامة بتغيير هيكل النظام العالمي.
ما يؤكده هذا المقال هو أنه قبل هذه الحرب، كانت روسيا تشكو من النظام العالمي في بياناتها، ولكن مع هذه الحرب قد تحدت النظام العالمي عملياً. الأمر الذي كانت أمريكا زعيمة له من قبل وادّعت أنه لا يمكن تحقيقه إلا في ظل القيادة الأمريكية. و السؤال الذي يطرح نفسه، ما هي مكونات النظام العالمي الجديد الذي ظهر نتيجة للحرب بين روسيا وأوكرانيا؟
بطريقة تفسيرية تتناول هذه المقالة توسيع مفهوم روسيا مير (العالم الروسي)، وتوسيع مفهوم أوراسيا الكبرى في شكل عالم متعدد الأنظمة، وتحدي مفهوم النظام الليبرالي والقوانين الدولية كأُسس للنظام العالمي الجديد لروسيا.

لقراءة المزيد اضغط هنا