المقدمة
ازداد استخدام مفهوم الدبلوماسية الرياضية في العقدين الماضيين، وأصبح يحتل مكانة داخل عالم الدبلوماسية العامة، الذي يتطور؛ ليشكِّل أساساً لبناء علاقات طويلة الأمد بين الشعوب. وقد أصبح هناك قدر من الاتفاق على أنَّ الرياضة أصبحت وسيلة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية للدول، وبناء قوتها الناعمة، وتشكيل صورتها الذهنية، ووضع قضايا سياسية على الأجندة الدولية.
أصبحتِ الدبلوماسية الرياضية اليوم جزءاً لا يتجزأ من نموذج القوة الناعمة الأوسع نطاقاً على المستوى الدولي، الذي تستخدمه البلدان لتعزيز جاذبيتها. وقد جذب مفهوم الدبلوماسية الرياضية كأحد المؤشرات الرئيسة لتطور القوة الناعمة والدبلوماسية العامة انتباه عديد من البلدان المتقدمة. وفي هذا الصدد، نجحت قطر من بين دول المنطقة في مجال الدبلوماسية الرياضية، إذِ استثمرت دولة قطر في جميع مجالات الدبلوماسية الرياضية: تنظيم المنافسات الدولية، وتنمية الرياضة داخلياً، ورعاية منافسات أو كيانات رياضية عديدة، والحصول على حقوق البث الحصرية للمنافسات الدولية، وشراء كيانات رياضية أجنبية. ويشرف على تصوُّر دبلوماسية قطر الرياضية وتخطيطها وإنعاشها وقيادتها للسلطة المركزية في الدولة. كما تلبي الاستثمارات الرياضية حاجات عقلانية طويلة المدى: كالحاجة إلى التنويع الاقتصادي، وتحديث الدولة وتطويرها، وكذلك الحاجة السياسية للاعتراف الدولي؛ لتعزيز مكانة البلاد في المحافل الدولية.
لقد كان أحد أكبر النجاحات التي أحرزتها الدبلوماسية الرياضية القطرية هو الفوز باستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022؛ فهذه البطولة العالمية هي أكثر الأحداث الرياضية جذباً لاهتمام الإعلام في العالم، إذ تُعدُّ كرة القدم أكثر الألعاب شعبية في العالم. ومن دون شك، تُعدُّ الدبلوماسية الرياضية القطرية إستراتيجية فريدة من نوعها، إذ أثمرت نجاحاً منقطع النظير؛ حين منح الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، في كانون الأول/ديسمبر2010، الدولة الخليجية استضافة نهائيات كأس العالم، عام 2022. وبذلك، باتت قطر أول دولة خليجية وعربية وشرق أوسطية في التاريخ تستضيف النهائيات العالمية لكرة القدم، التي تُعدُّ أكبر تجمُّع كروي في العالم على الإطلاق، وتحظى بمتابعة جماهيرية جارفة في جميع أرجاء العالم بِلا استثناء.
ومن ناحية أخرى، وبعد مدَّة وجيزة من نهائيات بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر، سيستضيف العراق، كأس الخليج، إذ صوَّت اتحاد كأس الخليج في 30 حزيران/يونيو 2022 بالإجماع على استضافة البصرة للنسخة (25) من بطولة الخليج، المقرر إقامتها مطلع العام 2023، ليســتضيف العراق البطولة للمرة الثانية بعدما استضافها في العام 1979 ببغداد.
تسعى هذه الورقة البحثية دراسة مفهوم الدبلوماسية الرياضية واستثمارات قطر كنموذج ناجح في مجال القوة الناعمة والدبلوماسية الرياضية. وفي النهاية، تُقدَّم بعض المقترحات السياسية الخاصة بالعراق، لا سيَّما أنَّه يستضيف كأس الخليج الخامس والعشرين في بداية عام 2023.

لقراءة المزيد اضغط هنا