غولزار آغي – باحثة
القوة الناعمة والقوة الصلبة (الاقتصادية والعسكرية) هما المصدران الرئيسان لقوة الحكومات في العلاقات الدولية. اقْتُرِحَ مفهوم القوة الناعمة لأول مرة من قبل جوزيف ناي، ويشمل هذا النوع من القوة المكونات الثقافية، والأيديولوجية، والسياسية، والفنية، والقيم الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والقدرات العلمية، والثقافية، والقوة الدبلوماسية، وقوة المعرفة، والقوة الإعلامية ذات الصلة. كما أدَّى التطور التكنولوجي وزيادة التحديات العالمية إلى زيادة قيمة القوة الناعمة.
والآن بعد أن تغلَّب العراق على أزمات داخلية وخارجية مختلفة، فإنَّه يريد استخدام إجراءات أكثر صرامة في سياسته الخارجية مقارنة بالماضي، ومن أدوات تحقيق هذا الهدف هي القوة الناعمة. وفي هذا الصدد، أكَّد وزير خارجية العراق فؤاد حسين التركيزَ على مصادر القوة الناعمة في العمل الدبلوماسي؛ لأنَّ هذا هو السبيل؛ لتحقيق مصالح البلاد والسياسة الخارجية للعراق. في الوقت الحالي، توجد عديد من العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثِّر على القوة الناعمة للعراق.
مصادر القوة الناعمة العراقية وأسسها:
يشهد تاريخ العراق على أقدم المستوطنات في بلاد ما بين النهرين، وانبثاق الحضارة السومرية -خمسة آلاف سنة قبل الميلاد- حتى اليوم جزءاً مهماً من تراث البشرية. يتجسَّد التراث التاريخي للعراق في حضاراته القديمة، وما تزال بلاد ما بين النهرين تمثِّل مهد الحضارات الأولى في الفكر العالمي. تُعدُّ الثقافة العربية والإسلامية وتاريخ العراق وعاصمة العالم الإسلامي في العصور الوسطى ومدنه الكبرى، …إلخ -في أذهان العراقيين- رموزاً مهمة لقوتهم الوطنية والدينية واعتزازهم. العراق هو مصدر الديانات التوحيدية الرئيسة في العالم، ودولة العراق مهمة للغاية، ولها جاذبية لوجود عدد من أهم الأماكن المقدسة الشيعية وحتى السنية.
تجذب الشعائر الدينية مثل: عاشوراء، والأربعين ملايين السائحين الدينين. لقد أوجدت ديمقراطية العراق بعد عام 2003 قيماً إيجابية في جميع أنحاء الشرق الأوسط. في مجالات أخرى، على سبيل المثال التعليم، كان لدى العراق «واحد من أفضل النظم التعليمية في العالم العربي». وزاد عدد الطلاب الأجانب في الجامعات العراقية، بعد سنوات من العزلة وتدمير البنية التحتية، مع التقدُّم في الأساليب التعليمية، والبحثية، وبرامج الدراسة الدولية. يمكن لعدد كبير من المهاجرين العراقيين إلى البلدان الأخرى أن يقدِّموا ثقافة العراق إلى بلدان أخرى. يمكن للعراقيين في الخارج تشكيل جماعات ضغط عراقية، وتعزيز وجهة نظر العراق في المحافل الدولية.
العوامل المؤثرة على مستقبل القوة الناعمة للعراق
العوامل الداخلية:
الدعم الداخلي والقبول الداخلي:
إذا أظهرت القوةُ الصلبة قوةَ الحكومات فقط، فإنَّ القوة الناعمة تُظْهِرُ قوةَ الناس، والدول القوية لديها حكومات وشعوب قوية. تسبَّبت مدة الاستبداد السياسي لحكام العراق (داخلياً وخارجياً) في إلحاق أضرار جسيمة بشعب هذا البلد وحضارته، وانعكست آثاره السلبية على القيم، والتقاليد، والعادات، والأنماط الفكرية.
مصداقية الحكومة في المجتمع وتأثيرها بعد الظروف التي مرَّ بها البلد من بين العوامل التي تؤثِّر على القوة الناعمة للعراق. ويعني ذلك إلى أي مدى يمكن للحكومة تعزيز بناء الدولة، وهو ما يعني حل المشكلات الداخلية، بما في ذلك المشكلات الاقتصادية والثقافية، وتوفير فرص العمل للشباب، وتحسين البنية التحتية التعليمية، وخفض التضخُّم، وتقليل الاختلافات العرقية والدينية (الأكراد، والسنة، والشيعة).

لقراءة المزيد اضغط هنا