back to top
المزيد

    هل من المتوقع فرض عقوبات أمريكية على العراق؟

    READ IN:ENGLISH

    هدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض عقوبات مشددة على بغداد كرد فعل على قرار البرلمان العراقي إخراج القوات الأمريكية.من الأراضي العراقية، وعلى وفق تقارير صحيفة الواشنطن بوست فقد قال ترامب: “إننا سنسحب قواتنا من العراق، ولكن يجب على العراق أولاً أن يدفع تكاليف بناء قاعدة القوات الجوية الأمريكية”، وأضاف: “نحن لا نغادر العراق، ما لم يدفعوا تكاليف بناء هذه القاعدة”[1].

    قال ترامب -الذي كان يتحدث إلى الصحفيين على متن الطائرة المخصصة للرئيس الأمريكي-: “في حال طلب العراق من القوات الأمريكية مغادرة البلاد لأسباب غير ودية، فإننا سنفرض عقوبات على هذا البلد لم يسبق لها مثيل في ما مضى”[2].

    وقال إن العقوبات التي سيتم فرضها على العراق ستكون بطريقة “تجعل العقوبات المفروضة على إيران تبدو بسيطة”.

    وتنقل صحيفة نيويورك تايمزأن هناك حوالي 5200 جندي أمريكي في العراق، فضلاً عن عدد من القوات البريطانية التي تكون ضمن قوات التحالف الدولي ضد داعش الإرهابي في هذا البلد.

    وفي أعقاب الهجوم الأمريكي على قائد فيلق القدس بالحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس بالقرب من مطار بغداد الدولي، صادقَ مجلس النواب العراقي في يوم الأحد 5 كانون الأول 2020 على مشروع قرار يقضي بإنهاء وجود القوات الأجنبية على الأراضي العراقية[3].

    وكانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس قالت في بيان: “بينما تنتظر واشنطن توضيحاً أكثر تفصيلاً بشأن الطبيعة القانونية وتأثير قرار البرلمان العراقي، نحن نحث الزعماء العراقيين على مراجعة أهمية العلاقات الاقتصادية والأمنية بين البلدين وأهمية التحالف لهزيمة تنظيم داعش”[4].

    ومن المتوقع فرض عقوبات مركزة في حال حدوثها، وهناك مؤشرات على جدية واشنطن في ذلك، في حال أصرّ العراق على تنفيذ قرار البرلمان العراقي في خروج القوات الأجنبية من العراق[5]، أهمها:

    • تنعكس العقوبات على عمل البنك المركزي العراقي بنحو مباشر، وسيخاطر العراق بقطع مصدره الرئيس من الدولار؛ لأن حسابه في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك يمكن تجميده في حال العقوبات. إذ يودع العراق عائدات مبيعاته النفطية هناك، ويسحبها لدفع الرواتب والعقود الحكومية. وتشير إحصاءات وزارة النفط إلى أن إنتاج العراق من النفط الخام مستقر عند 4.46 مليون برميل يومياً تماشياً مع حصة أوبك، ولم يتأثر بالأحداث الأخيرة في ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك.[6]
    • يمكن للولايات المتحدة أن تنهي الإعفاءات التي تسمح للعراق بشراء الغاز الإيراني لتزويد محطات الكهرباء في الجنوب بالوقود، التي توفر ما لا يقل عن 35% من طاقة البلاد. ويمكن للعراق استبدال هذا الخيار أو البحث عن مصدر آخر، لكن قد يكون من الصعب العثور على مصدر بديل في مدة قصيرة. أما الخيار الثاني فهو الترشيد في صرف الطاقة الكهربائية؛ فهذا الخيار سهل جداً لكن له تبعات على سكان المناطق الجنوبية، إذ يمكن أن يثير الاضطرابات هناك بمجرد ارتفاع درجات الحرارة كما حدث في عام 2018.[7]
    • خروج الشركات الأجنبية ومنها الأمريكية التي تعمل في مجال النفط إذ تقلل العمل في العراق أو تعلق، وإذا أصبحت تشعر بالقلق إزاء سلامة مواطنيها. إذ غادر عدد من المقاولين الأمريكيين في الأيام التي تلت وفاة اللواء سليماني؛ لأنهم أرادوا البقاء بعيداً عن خط النار.
    • سيُحرم العراق من المساعدات التي تساعد في الإعمار مثل منظمةUSAID الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وUNDPالتابعة للأمم المتحدة. إذ يحتاج حوالي 6.7 مليون عراقي إلى مساعدة إنسانية لهذا العام، وإن ملايين الأشخاص في العراق بحاجة ماسة للمساعدة في المناطق المحررة ولاسيما من النازحين داخلياً في البلاد للعودة إلى ديارهم في المستقبل المنظور.[8]
    • سيخسر العراق دعم التحالف الدولي في تسليح القوات العراقية وتدريبهم، وسيكون ذلك مضراً بالمؤسسات العسكرية التي ما تزال ناشئة، وفي الواقع ما تزال القوات العراقية بعيدة عن الاكتفاء الذاتي على الرغم من سنوات من التمويل والتدريب من قبل التحالف الدولي بحسب تقرير المفتش العام العسكري الأمريكي الفصلي إلى الكونغرس الذي نُشر في 25 تشرين الأول 2019، إذ يرى التقرير أن “قدرات القوات العراقية لم تصل الى المستوى المطلوب، وإن قدرتها لم تستغل فعلياً أو “غير موجودة فعلياً” دون مساعدة التحالف”[9].

    ومن المستبعد أن تشمل هذه العقوبات إقليم كردستان، فالوضع تماماً مختلف للكرد في الإقليم. أما إذا تم العمل في العقوبات على العراق فسوف ينعكس ذلك على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية بنحو كامل، وتكلف العراق الكثير من الخسار المادية والمعنوية، وتعيد هذه الأحداث إلى الأذهان الحصار الاقتصادي الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق عام 1990 جراء حرب الخليج الثانية ولاسيما القرارات (661، و665، و670).


    المصادر:

    [1]After Trump’s threat, administration begins drafting possible sanctions against Iraq. https://www.washingtonpost.com/business/2020/01/06/trump-administration-begins-drafting-possible-sanctions-against-iraq-following-trumps-economic-threat/  

    [2]U.S. Says It Won’t Discuss Withdrawing Troops From Iraq, Defying Baghdad’s Request. https://www.nytimes.com/2020/01/10/world/middleeast/us-troops.html

    [3]مجلس النواب يصوت على قرار نيابي بإنهاء تواجد القوات الاجنبية في العراق.  –  https://ar.parliament.iq/2020/01/05/

    [4]U.S. Disappointed in Iraqi Parliament Vote, Urges Reconsideration. https://www.nytimes.com/reuters/2020/01/05/world/middleeast/05reuters-iraq-security-parliament-usa.html

    [5]As U.S.-Iran Tensions Flare, Iraq Is Caught in the Middle. https://www.nytimes.com/2020/01/10/world/middleeast/iraq-iran-us-troops.html

    [6]Iraqi oil output steady at 4.46 mil b/d, in line with OPEC quota: ministry. https://www.hellenicshippingnews.com/iraqi-oil-output-steady-at-4-46-mil-b-d-in-line-with-opec-quota-ministry/

    [7]As U.S.-Iran Tensions Flare, Iraq Is Caught in the Middle. https://www.nytimes.com/2020/01/10/world/middleeast/iraq-iran-us-troops.html

    [8]USAID: 6.7 million people in Iraq need assistance, few IDPs to return home soon.

     https://www.kurdistan24.net/en/news/51fea434-4875-44d6-82ec-7d8a73d3592f

    [9]Operation Inherent Resolve, Report to the United States Congress, July 1, 2019-October 25, 2019-P 54.

    https://www.stateoig.gov/system/files/q4fy2019_leadig_oir_report.pdf

    حيدر الخفاجي
    حيدر الخفاجي
    باحث في شؤون الشرق الأوسط ومختص بالعلاقات العراقية-الإيرانية، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في الدراسات الإسلامية من كلية بيركبيك – جامعة لندن، وشهادة الماجستير من جامعة ميدلسكس، وهو حالياً يكمل الدكتوراه المهنية في الثقافات الإسلامية.