الدكتور ماندانا تيشه يار، عضو الهيئة العلمية لجامعة العلامة الطباطبائي، وعضو مجلس إيراس العلمي.

في العقود الأخيرة -بالتزامن مع القبول بعولمة بعض أساليب العيش في الساحة الدولية- حاولت الوحدات السياسية أن تعيد تعريف مصالحها وهويتها في الأطر الإقليمية، وتتضح عمليات التعاون الجديدة هذه في إطار نظريات المناطقية الجديدة. وبالاعتماد على عنصري الانفتاح الموضوعي، والمرونة الجغرافية، تهيّئ مجالاً مناسباً للتعاون الإقليمي، وذلك في إطار مستقل ومنفصل عن التفاعلات العالمية.

نحاول في هذا المقال أن نبحث العلاقات الإيرانية-الروسية ودور المناطقية الجديدة في تقارب مجالات التعاون بين البلدين في أفغانستان. وإن السؤال الأساس لهذا البحث هو كيف تستطيع إيران وروسيا أن تتعاونا معاً على مستوى منطقة أورآسيا، ولاسيما في إحلال الاستقرار والأمن في أفغانستان. وبناءً على فرضية هذا المقال، يبدو أن إيران وروسيا -على الرغم من وجود المصالح المتعارضة في بعض الشئون الإقليمية- تستطيعان -بالاستفادة من إطار النظريات المناطقية الجديدة- أن تصلا إلى تعريف مشترك ووضع القواعد الحاكمة لأنموذج علاقاتهما الخارجية من أجل إقرار الاستقرار والأمن في أفغانستان؛ وفي هذا الإطار تتعاون تانِ الدولتانِ معاً بنحوٍ وثيقق من أجل حلَّ المشكلات الإقليمية، وربط مصالحهما معاً على المستوى الإقليمي على نحو أيسر.

نظرة على النظرية المناطقية الجديدة:

ثمة حقيقة أن الدول لا تمتلك حق اختيار موقعها على الأرض، ولا يمكنها الاستقرار في مكان ما، فهي ترتبط بمجالها الجغرافي؛ لذلك فهي لا تتمتع بالحق في اختيار الارتباط بالمناطق المختلفة. وحينئذٍ يبدو هذا الأمر كسدٍ أمام المناطقية كي نتذكر أنه قد نشبت كثيراً من الحروب على مرِّ التأريخ بين الدول المتجاورة.

وبالطبع يمكن للعداء بين الجيران في كل منطقة أن يعدَّ المجال لتعاون بين هذه الدول أيضاً، وفي كثير من الأمور -حينما تطفو المصالح الاقتصادية والرفاهية القومية على السطح- تسعى الدول وراء مصالحها المشتركة والتنافس في إطار التعايش، أكثر من سعيها وراء العداء.

وقد مهّد هذا النوع من الآراء العملية حول التعاون من أجل تحقيق الأمن الجماعي وتأمين مصالح اللاعبين الإقليميين المجالَ لتشكل “المناطقية” بوصفها جسراً بين مستويين معرفيين: جزئي (الوحدات السياسية)، وكلي (النسق الدولي).

ومنذ عقد التسعينيات وعقب انهيار الاتحاد السوفيتي تشكل أسلوب جديد مهد الأرضية لدخول مفهوم “المناطقية الجديدة” في مجال الدراسات فيما يخص هذا الأمر. وتؤكد خصائص هذا الاتجاه الجديد في المناطقية -أكثر من أي شيء- على انفتاح تعريف مفهوم المنطقة وتفكيكها. وعلى هذا المنوال، لا تتقيد الدول في ارتباطها بالترتيبات الإقليمية أو انفصالها عنها، بالقيود الأيديولوجية فقط، بل قد تحولت الجغرافيا إلى أمر نسبي؛ ويمكننا أن نرى في كثير من المنظمات الإقليمية، أنه قد انضمت إليها دول من خارج هذه المناطق، وكذلك قد حظي مفهوم المنطقة بمرونة أكثر، ويمكن في منطقة جغرافية واحدة أن نصنع أنماط متنوعة من المناطقية والمنظمات الإقليمية على أساس المصالح التي تجمعها.

وبناءً على ذلك، لم تستطع عمليتا العولمة والأحادية القطبية أن تقفا في طريق المناطقية، وقد أراد العالم أن يكون متعدد الأقطاب أو عالمي على مستوى النسق الدولي أكثر من كونه متوجهاً نحو الأحادية القطبية أو الأحادية الإقليمية.

وعلى أساس النظريات البنيوية، كانت هذه القوى الكبرى وحدها هي التي تستطيع أن تؤثر في المناطق المختلفة، لكن الاتجاهات الإقليمية تؤكد على دور القوى المتوسطة والمناطق في السياسات والاتجاهات القطبية.

وتعد المناطقية الجديدة -نوع من الصناعة الواعية للهويات والقواعد في إطار التنظيم- خطاباً سياسياً جديداً في الساحة الدولية، وفي هذا الخطاب الجديد، تكون “المنطقة” هي ذلك الشيء الذي نتصوره، وليس ذلك الشيء المحدد بالضرورة على الخريطة الجغرافية؛ وبالتالي -ومع أن الجغرافيا ما زالت عاملاً مهماً- يتمتع هذا العنصر بمرونة أكثر، ويمكن إعادة تشكيله في كل وقت على نحوٍ ما حسب الاحتياجات والهويات ومصالح الدول.

المناطقية الجديدة .. إطار جديد من أجل التعاون بين إيران وروسيا في أفغانستان

لقد كانت سلطتا إيران وروسيا تتعاملان وترتبطان معاً منذ خمسة قرون على الأقل، وقد تمتعت هذه العلاقات بمنحنيات صعود وهبوط على الدوام؛ وفي هذا الصدد، مهّد انهيار الاتحاد السوفيتي في عقد التسعينيات، وتشكل روسيا الاتحادية، المجال لبدء مرحلة جديدة من العلاقات بين إيران وروسيا. واستطاعت هذه الأحداث بالتزامن مع التغيير في بعض الأنساق الإقليمية والعالمية أن تهيّئ المجال لنوع جديد من العلاقات المبنية على التعاون.

وعلى الرغم من هذا -ومع أن العلاقات الروسية الإيرانية قد بدت ودية في مجالات متنوعة في الخمسة وعشرين عاماً الماضية- أدى تعريف مصالح كل واحدة من الطرفين في إطار مختلف وبعيد عن الأنساق المشكلة لمصالحهما إلى عدم ظهور خطاب مستقر يبحث عن التعاون بينهما على المستوى الإقليمي.

وفي المجالات الاقتصادية تعدُّ روسيا وإيران كلتاهما من أصحاب احتياطات النفط والغاز، وبوسع هذا الأمر أن يهيّئ مجال التنافس بينهما في أسواق الطاقة، وإن التنافس في مجال مدّ خطوط أنابيب نقل الطاقة من آسيا الوسطى وبحر قزوين إلى الأسواق العالمية، وأيضاً محاولة شقّ طرق تجارية إقليمية تذكر بعهد طريق الحرير المزدهر، لم يهيّئ الأرضية من أجل التعاون الاقتصادي الإقليمي بين كلا الطرفين.

وكذلك في القطاع العسكري تطالب روسيا بلا شك باستمرار تفوقها العسكري على المناطق المحيطة بها. وفي السنوات الماضية، قد قلّل ازدياد التوترات بين إيران والدول الغربية الكبرى من معدل حصول إيران على الأسلحة المتقدمة المصنوعة في الغرب، وفي هذا المجال اكتفى الإيرانيون أكثر بالإنتاج المحلي أو الأسلحة الروسية والصينية، بينما يريد الروس أيضاً استمرار التعاون العسكري مع إيران والحفاظ على أسواق بيع أسلحتهم إلى هذه الدولة.

ولم ينته هذا التعاون بتوسع الصفقات العسكرية بين البلدين على المستوى الدولي، فقد استطاع التقارب الإيراني-الروسي أن يقودهما إلى التعاون على مستوى المنظمات الإقليمية من أجل مواجهة التفوق الغربي وإيمان كلا البلدين بضرورة قيام النسق الدولي المبني على تعدد الأقطاب.

وفي الشؤون الثقافية والأيديولوجية يمكن مشاهدة تعاون البلدين على المستوى الإقليمي في السنوات الأخيرة. لكن على الرغم من جميع المصاعب، فالحقيقة أنه ما يزال لإيران وروسيا مصالح مشتركة على المستويين الإقليمي وما بعد الإقليمي تتيح لهما فرصة التعاون معاً.

ويبدو أن أحد أهم دوافع التعاون بينهما تجاه روسيا إلى إقامة نسق متعدد الأقطاب على المستوى الدولي، ومع اضطراب النسق الدولي عقب انهيار الاتحاد السوفيتي هو محاولة الآن أن تحصل على مكانتها السابقة في الساحة الدولية مرة أخرى عن طريق اتباع أفكار مثل: (الأورآسيا، والاتحاد الأوروبي الأطلنطي)، وتعريف تفوقها في الأطر الجديدة. وإن محاولة هذه الدولة من أجل استمرار حضورها المتفوق في المنطقة التي تسميها “الخارج القريب” والتي تشمل الجمهوريات المستقلة حديثاً، دليل على اتباع قادة الكرملين تلك السياسة.

وفي هذا الصدد بوسع إيران -التي قد اتبعت دائماً اتجاهاً صِدامياً مع الغرب خلال العقود الماضية- أن تكون نظيراً جديراً بالثقة، وقد استطاع التقارب الإيراني-الروسي أن يقودهما إلى التعاون على مستوى المنظمات الإقليمية؛ وعلى ضوء هذا الاتجاه الجديد ستقوم جميع القوى العالمية والإقليمية بالتعاون معاً، وليس المنافسة من أجل حلّ المشكلات المشتركة، وذلك في إطار توافقي.

وفي الحقيقة، قد اضطرتهما التهديدات المشتركة لمصالح البلدين على المستوى الإقليمي إلى التعاون المشترك. ويمكننا أن نرى أنموذجاً لهذه التهديدات في اتباع سياسة النظر إلى الشرق من قبل منظمة حلف شمال الأطلنطي (الناتو) التي قد اتبعتها منذ عام 1993. وكذلك التهديدات داخل المنطقة مثل مكافحة الجماعات المتطرفة مثل طالبان وداعش، أو عصابات مافيا تهريب المخدرات، التي تؤدي إلى إثارة الاضطرابات على الحدود، وأحياناً داخل حدود دول آسيا الوسطى والقوقاز، قد ساعدت أيضاً في تقارب المواقف الإقليمية لهذين البلدين وسعيهما المشترك من أجل العثور على طرق حل من أجل الابتعاد عن الأزمات؛ وإن تعاونهما في حلِّ الأزمات الإقليمية في مناطق مثل طاجيكستان، وآذربايجان، وأرمينيا، وأفغانستان، يعد أنموذجاً يدل على هذا النوع من التعاون. وبناءً على ذلك، يمكن القول إن الواقعية الجيوبوليتيكية والتعريف الذي يطرح الهوية والقواعد الحاكمة للسياسة الخارجية لكلا البلدين في مجال العلاقات الدولية، يرغمانهما على التعاون معاً في الساحتين الإقليمية وما بعد الإقليمية.

وفي هذا الصدد، فإن أفغانستان أرض مألوفة بالنسبة لإيران وروسيا، وقد ظهرت العلاقات الثقافية والتأريخية والهوياتية بين الإيرانيين والأفغان متوحدة لآلاف الأعوام بحيث يصعب تمييز كلا القوميتين بعضهما من بعض. وقد امتلك الروس أيضاً في الوقت الحالي -ولاسيما في حقبة الحكومة الشيوعية في كابول- حضوراً  قاتماً بين الشعب الأفغاني، وقد أدّى دوراً في تشكيل البنى السياسية وتهيئة المجال لهذا المجتمع نحو المؤسسات والبنى الحديثة أيضاً.

ومع أنه كان من المتوقع أن تؤدي إيران وروسيا أدواراً محورية في تشكيل النظام السياسي الجديد ما بعد سقوط حكومة طالبان في أفغانستان، إلا أن ما حدث في الواقع يدلُّ على أن هذا الحضور قد تم في بعض المجالات فقط وبصورة فردية، وليس في إطار حركة تبحث عن التعاون الإقليمي.

وبما أن الإطاحة بطالبان من السلطة تمت على يد الناتو وبحضور قوات من دول مختلفة، ولاسيما الولايات المتحدة الأمريكية؛ لذلك أصبح مجال التنافس في عهد ما بعد طالبان صعباً للدول التي لم تشارك بنحوٍ مباشر في الحرب على الجماعات الأصولية المتطرفة. ومع أن طالبان تعدُّ عدواً لإيران وروسيا أيضاً، وقد تعاون البلدان مع قوات التحالف الدولي بنحوٍ غير مباشر، إلا أن الحكومة الجديدة المسيطرة على كابول لم تستطع أن تتعاون مع هذين البلدين تعاوناً مؤثراً. وكان هذا الأمر لأن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين لم يظهروا الوجه الحسن لحضور القوى الإقليمية والعالمية الأخرى في أفغانستان؛ والنتيجة أن روسيا التي تريد الحصول على قواعد عسكرية في أفغانستان من أجل إحلال الاستقرار والأمن -ولاسيما في الولايات الشمالية من هذا البلد- لم تستطع الاستفادة من المباحثات مع حكومة كرزاي. ومن حيث إقرار الأمن في أفغانستان لأكثر من عقد كان الأمر قد تم بواسطة قوات إيساف؛ لذلك لم يكن للتجار والمستثمرين الروس الثقة الكافية من أجل الاستثمار والتجارة في أسواق أفغانستان، وعلى هذا الأساس لهم دور باهت اليوم في بنية أفغانستان الاقتصادية.

ومن ناحية أخرى، لم تستطع إيران أيضاً -التي قد أعلنت رسمياً أنها تريد خروج القوات الأجنبية من أفغانستان- أن تهيّئ مجال التعاون مع القوات الدولية في أفغانستان. ومع أن بعض البضائع الإيرانية استطاعت -بسبب التجاور ووجود ملايين الأفغان في إيران وأيضاً بسبب التكلفة القليلة لاستيراد هذه البضائع في المدن الأفغانية المختلفة- أن تحتل مكانة جيدة في أسواق هذه البلاد؛ وبذلك تحولت إيران إلى واحد من المصدرين الرئيسيين للبضائع الاستهلاكية والطاقة إلى أفغانستان، لكن في قطاع الاستثمارات طويلة الأجل في الصناعات الثقيلة، لم تستطع إيران أن تحصل على المكانة المطلوبة في هذا المجال.

والنتيجة، أننا يمكننا أن نرى في عام 2016 أن الصين هي المصدر الرئيس إلى أسواق أفغانستان، والهند هي المستثمر الرئيس في قطاعات الصناعة المختلفة في هذه البلاد.

وفي هذا الصدد، قد أدّى تزايد التوترات على مستوى المنطقة عن طريق ظهور الجماعات الإسلامية المتطرفة الجديدة مثل (داعش) واستمرار الاضطراب في أفغانستان، إلى أن تتحوّل أجزاء من هذه الدولة إلى جنة الجماعات المتطرفة والأصولية، ويعد هذا الأمر تهديداً أمنياً خطيراً لكل من إيران وروسيا. وقد كان الاتجاه الرئيس لهاتين الدولتين التفاوض مع الحكومة الأفغانية وأيضاً مع بعض فروع طالبان للحيلولة دون نفوذ داعش في منطقة آسيا الوسطى وأيضاً داخل هذا البلد. بينما يعتقد المسؤولون في كابول أن اللعبة الثنائية بين إيران وروسيا بإمكانها أن تؤدي إلى عدم استقرار أكثر في المنطقة ونقص قوة الحكومة الأفغانية في الحرب مع الجماعات المتطرفة؛ لذا فإن مطلبهما الأساس هو الدعم الشامل من قبل القوى الإقليمية والدولية للحكومة القانونية للبلاد من أجل هزيمة القوات المتطرفة والإرهابية في هذه البلاد.

ومن ناحية أخرى -في البحث عن جذور تكون الأصولية في أفغانستان- يعتقد معظم المسؤولين الحكوميين في هذه البلاد أن هذا الأمر قبل أن يكون له جذور أيديولوجية قد حدث بسبب الصعوبات الاقتصادية وأسلوب العيش بالتزامن مع الفقر في مناطق حضرية وريفية متعددة في البلاد في أماكن نائية؛ لذا، فهم يعدون الحل الأساس للتقليل من قدرة الجماعات الأصولية، في تحسين الوضع المعيشي للشعب الأفغاني. وهكذا، يستطيع الاستثمار في القطاعات الاقتصادية المختلفة لهذه البلاد وزيادة فرص العمل ومستوى الدخل القومي، أن يساعد في إحلال الاستقرار السياسي، والتنمية الاقتصادية، وزيادة الأمن الاجتماعي في هذه البلاد.

وفي مجال التعاون الإقليمي على صعيد أورآسيا، تستطيع إيران وروسيا بصفتهما دولتين قويتين أن تؤديا دوراً مهماً في عملية التنمية الاقتصادية في أفغانستان بهدف إحلال الاستقرار في هذه البلاد. ويستطيع هذا الأمر -الذي يمكن أن يتم سواء عن طريق معبر تعاون ثلاثي، أو في إطار ترتيبات تعاونية جديدة بحضور دول مثل الهند وكازاخستان- أن يكون له عدة فوائد، منها:

أولاً: رفع مستوى الاستقرار والأمن في المنطقة.

ثانياً: ستعود المصالح الاقتصادية الحاصلة من الاستثمار في أفغانستان على القطاعات الاقتصادية لهذه البلاد على الأجلين المتوسط والطويل.

ثالثاً: ينسجم هذا التعاون مع الهوية الرئيسية للسياسة الخارجية لهذه البلاد وماهيتها الأصلية التي تسعى إلى تشكيل نسق متعدد الأقطاب في الساحة الدولية.

وبناءً على ذلك، بوسع التعاون في أفغانستان بالمجال الاقتصادي وأيضاً زيادة التعاون مع الحكومة الأفغانية من أجل تقوية هذه الحكومة في مواجهة الجماعات المتطرفة، أن يكونا مؤثرينِ في زيادة الأمن والاستقرار الإقليميينِ، وتأمين مصالح إيران وروسيا في كلا المجالين.

الاستنتاج:

ربما كان من المتوقع أن تنطلق لعبة كبرى ضخمة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في منطقة أورآسيا لا تسعى فيها الدول العالمية الكبرى فقط، بل دول كبرى إقليمية مثل الصين وإيران وتركيا وروسيا والهند، إلى التنافس معاً على زيادة النفوذ في الدول حديثة الاستقلال؛ وهذه اللعبة وإن حدثت، إلا أنها لم تكن بالضخامة المتوقعة. وفي الحقيقة، حاولت الدول المتجاورة -قبل أن تفكر في التنافس- أن ترسخ الاستقرار في هذه الدول القائمة حديثاً، وتمنع توسع الاضطراب على حدودها، وتشكّل منظمات من أجل الاستقرار وخطط العمل، من أجل التعايش السلمي في هذه المنطقة.

ومع بداية الألفية أظهرت إيران وروسيا -أكثر من الماضي- أنهما مع ملاحظة النقاط المشتركة في سياستيهما الخارجية، وأنهما تسعيان أكثر وراء التعاون الإقليمي كي تحدا من التنافس والعداء في هذا المجال. وبدت روسيا من وجهة نظر إيران أنها ما تزال لاعباً استراتيجياً قوياً قد احتل مكانة متفوقة في منظمة الأمم المتحدة، وإن هذه الدولة تعد مصدراً لجزء من الأسلحة التي تحتاجها إيران، وأيضاً منفذاً للبرنامج النووي الإيراني. وتعد إيران -من الناحية الروسية- قوة إقليمية قديرة لديها فرص كثيرة؛ وبذا تكون العلاقة الثنائية الإقليمية التي قد بدت في إطار تشكيل المؤسسات والمنظمات الإقليمية في هذا الجانب من العالم، ذات دلالة جيدة على الاتجاه السلمي للقوة المطروحة في منطقة أورآسيا من أجل الفوز بالمصالح والأمن الجماعي. وبلا شك -بعد خروج القوات الأجنبية من أفغانستان عام 2017- خلق التعاون من أجل تعزيز الأمن في المنطقة مجالاً آخر من أجل التقارب الإقليمي بين إيران وروسيا والدول الأخرى حول أفغانستان.


«هوامش هذه المقالة ومصادرها محفوظة عند مؤسسة إيراس»

http://www.iras.ir/www.iras.irfa/doc/article/3594