احتلت التهديدات الأمنية الناجمة عن عدم الاستقرار في الخارج حيزاً واسعاً من الاهتمام بين البلدان في العقدين الماضيين؛ وتبعاً لذلك فقد تبنت العديد من الحكومات سياسات تنطوي على الالتزام ببناء السلام والحفاظ على استقرار السلام في المناطق الخارجة من نزاع عنيف. وينعكس هذا الالتزام على جهود إعادة الإعمار لحقبة ما بعد الصراع التي تبذلها المنظمات المتعددة الأطراف، ولاسيما الأمم المتحدة، والبنك الدولي، ومنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) والاتحاد الأفريقي (AU) وغيرها. إن المرحلة التي تتطلب إحلال سلام مستقر بعد النزاع الأهلي تشكل تحدياً كبيراً جداً؛ إذ أن العودة للصراع يعد أمراً شائعاً، فمن بين البلدان الـ105 التي شهدت حرباً أهلية بين عامي 1945-2013، عانى أكثر من نصفها من الانزلاق إلى النزاع العنيف من جديد بعد أن استتب السلام فيها. وبحسب أحد التقديرات فإنه بمعدل 40 % من الدول الخارجة مؤخراً من الحرب الأهلية من المرجح أن تنزلق من جديد صوب النزاع العنيف في غضون عقد من وقف الأعمال العدائية.
سنعمد في هذا الدراسة إلى الإجابة عن سؤال مفاده: لماذا يدوم السلام؟ وسنعمل على تقييم الدور المهم الذي تؤديه عدد من العوامل فيما يتصل بـ «استمرار» أمد السلام في جميع البلدان التي شهدت إحلالاً للسلام بعد أن خاضت حرباً أهلية منذ العام 1990. ويستند التقييم إلى التحليل الإحصائي الذي يوظف أنموذج المخاطر لمدة السلام، ويستخدم البيانات المتوافرة التي تم تحديثها مؤخراً لتحديد أي من المتغيرات المشتركة أو مجموع المتغيرات المشتركة التي كانت مهمة في الحفاظ على السلام في أعقاب الحروب الأهلية. وتم استكمال التحليل الإحصائي بتحليل ست حالات، ولاسيما التي أعدها خبراء البلد لهذا المشروع؛ الأمر الذي يوفر تفاصيل أكثر بشأن كيفية تحقيق بعض البلدان السلام الدائم في هذه الحقبة من جهة، وبعضهم الآخر الذي فشل في ذلك من جهة أخرى.
ويستعرض الجزء الأول من هذه المادة الدراسات الحالية المتعلقة بمدة السلام والنتائج التي توصلت إليها تلك المجموعة من البحوث. أما الجزء الثاني فيناقش المصطلحات الرئيسة التي تتصل بمعايير هذه الدراسة. فيما يتناول الجزء الثالث الإطار الواسع للأنماط التجريبية لمدة السلام في أعقاب النزاعات المسلحة. أما الجزء الرابع فيناقش طريقة التحليل الإحصائي المستخدم في هذه الدراسة. ليأتي الجزء الخامس ويعرض النتائج الذي خلص إليها التحليل الإحصائي في الفصل السابق. أما الجزء السادس فيناقش أهمية هذه النتائج وآثارها على النطاق الأوسع. فيما يقدم الجزء الأخير من الدراسة بعض الملاحظات الختامية.

لقراءة المزيد اضغط هنا