د. حسين فازلا – باحث
ترجمة: يوسف علاء عباس
أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجانية أن المجموعات الأرمنية في كاراباخ قد ألقت أسلحتها. وقال المتحدث باسم الوزارة العقيد أنار إيفازوف: «مع استسلام القوات الأرمينية، توقفت عملية مكافحة الإرهاب في كاراباخ. وعلى الرغم من توقف الحرب إلا أن دعم إيران لأرمينيا مازال مستمراً كسياسة لم تتغير في السنوات الأخيرة».
من بدأ الحرب الأرمنية الأذربيجانية؟
في التسعينيات، ركزت أوروبا اهتمامها على الصراع في يوغوسلافيا. وقد أظهرت احداث سريبرينيتشا وغيرها من الأحداث بشكل مؤلم للبشرية جمعاء مدى فشل الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاقيات. وبينما كان الجميع يركزون على يوغوسلافيا، استغلت أرمينيا الوضع وحصلت على دعم ضمني من روسيا لشن حرب على أذربيجان التي أصبحت أيضاً دولة مستقلة حديثاً.
بدأت هذه الحرب في حرب كاراباخ عام 1992، عندما أعلنت أرمينيا عن نيتها تحقيق الانفصال والحكم الذاتي داخل أذربيجان.  في ذلك الوقت، استغلت أرمينيا عدم الاستقرار السياسي في أذربيجان لصالحها، وكان هذا في رأيهم التوقيت المناسب، واستخدموا بمهارة حماية ما يسمى بحقوق الأرمن الذين يعيشون في الأراضي الأذربيجانية «كسبب للحرب». واحتلت 20% من الأراضي الأذربيجانية في وقت قصير. وهذا يعني مكاسب إقليمية أكبر بكثير من حجم ما يسمى بجمهورية أرمينيا المتمتعة بالحكم الذاتي. وبحسب المراقبين لو أراد الأرمن في تلك السنوات لكان بإمكانهم السير إلى باكو. كان الأذربيجانيون في وضع ضعيف في الحرب ونتيجة لذلك، اضطرت اذربيجان إلى قبول الاحتلال الأرمني والجرائم التي ارتكبت خلال الاحتلال والانتظار بصبر لمدة تقرب من 30 عاماً حتى يأتي الوقت المناسب.
وفي واقع الأمر، فإن الحرب التي وقعت في عام 2020، والتي يمكن أن نطلق عليها حرب كاراباخ الثانية بدأتها أذربيجان لاستعادة بعض الأراضي التي فقدتها في عام 1992. وقد مكنت هذه الحرب أذربيجان من استعادة غالبية الأراضي التي كانت من حقها، ولكن لأسباب مختلفة لم يكن من الممكن استعادة جميع الأراضي التي فقدتها في عام 1992 من أرمينيا. وهنا من منظور استراتيجي كان أكبر مكسب لأذربيجان هو استعادة الطريق التجاري الذي يربط البر الرئيسي الأذربيجاني بتركيا وناخچيوان.
كما عزز انتصار أذربيجان على أرمينيا في سبتمبر 2020 قيمة المركبات الجوية بدون طيار وأعطى تلميحات جديدة حول مستقبل الحرب الحديثة. حققت أذربيجان تقدماً جديداً في اكتشاف الأهداف وتحديدها في الوقت الفعلي من خلال تحليق طائرات بدون طيار صغيرة (طائرات صغيرة بدون طيار)، والتي تُستخدم أيضاً كطائرات قتالية فوق المناطق التي توجد بها الوحدات العسكرية الأرمينية والرادارات وأنظمة الدفاع والمدفعية. وهكذا، تم ضرب الأهداف التي تم تحديد موقعها بدقة كبيرة، بطائرات بدون طيار مسلحة أكبر وطائرات ومروحيات وحتى بطاريات مدفعية، مما ترك أرمينيا في وضع لا تستطيع فيه الدفاع عن نفسها بعد حرب قصيرة استمرت حوالي 40 يوماً. ومما لا شك فيه أن أذربيجان، التي انتصرت في الحرب، فشلت في فرض شروط السلام النهائية التي أرادتها في منطقة ناغورنو كاراباخ، نتيجة تدخل القوى التي تقف خلف أرمينيا. وفي ظل هذه الظروف ورغم وقف إطلاق النار بين أرمينيا وأذربيجان، لم يكن من الممكن رسم الحدود النهائية، ولوحظ أنه بالإضافة إلى المعابر المتبادلة في المنطقة كان الجانب الأرمني يحاول الوصول إلى الحدود الطبيعية في أراضيه لصالحهم خاصة من خلال إجراء تصحيحات حدودية فعلية. معلنة أنها لا تستطيع الصمت بشأن هذا الوضع، طلبت حكومة علييف(أذربيجان) من باشينيان(أرمينيا) التراجع لكن ذلك لم يكن ممكناً. ولهذا السبب كان هناك توقع بأن تشتعل الصراعات بين الطرفين على الخط الحدودي الغامض مرة أخرى ذات يوم. وفي واقع الأمر، حدث ما كان متوقعاً. وتستمر منذ أيام العملية العسكرية التي تشنها أذربيجان لتطهير «العصابات» الأرمنية في الأراضي التي تعتبرها تابعة لها، والتي تسميها «عملية مكافحة الإرهاب «.

لقراءة المزيد اضغط هنا