عمر سمير – باحث مصري / طالب في برنامج دكتوراه العلوم السياسية بجامعة اسطنبول
مقدمة:
تأتي القمة الخليجية الروسية التي عُقدت في موسكو يوم 10 يوليو 2023، في سياق قمم خليجية دولية عديدة وفي إطار التنافس الدولي على دعم دول الخليج النفطية في سياق الصراع الدائر بين الشرق والغرب والمتمظهر في الحرب الروسية الأوكرانية التي تشبه في تطوراتها الحروب العالمية فهي ممتدة لأكثر من عام ونصف وتتفاقم فيها الاستقطابات وتتوسع دوائر العقوبات والعقوبات المتبادلة بين الأطراف وتقود لأزمات وسباق تسلح وسباق على التحالفات في المنطقة والعالم.
كما تأتي أيضاً في إطار قيادة الخليج للمنطقة العربية في ضوء تراجع أدوار قواها التقليدية في العراق ومصر وسوريا، وفي ضوء تنافس خليجي خليجي على قيادة المنطقة يصل حد الصراع أحياناً بين رؤية ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وحاكم الإمارات محمد بن زايد وما يقيمانه من تحالفات دولية وإقليمية لتثبيت رؤيتهما للإقليم والعالم.
تحاول هذه الورقة تحليل السياقات التي انعقدت فيها القمة الروسية الخليجية والتطورات التي قد تنبني عليها وعلى القمم المماثلة وما إذا كانت تتيح فرصة للمساومة والتوازن في العلاقات الدولية للمنطقة أم تحيلها طرفاً في الصراع له وزنه، أم تحولها ملعبا دوليا من جديد بعد خفوت الحرب على الإرهاب التي دارت على أراضي المنطقة لعقدين من الزمان؟؟ وذلك عبر النقاط التالية:
القمة الروسية الخليجية أية أهداف استراتيجية؟
تعد هذه القمة هي النسخة السادسة من الحوار الاستراتيجي بين روسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، الذي عاد للانعقاد سنوياً بعد توقف دام نحو خمس سنوات، وتوازى مع توتر كبير في العلاقات بين الخليج وإيران، ويطرح توقيت انعقاد هذه النسخة من الحوار مجموعة من الدلالات التي تأتي متسقة مع ما تصفه بعض الدراسات بمسعى خليجي منذ جائحة «كورونا»، وتمت بلورته بعد الحرب الروسية الأوكرانية بتنويع الشراكات الدولية لدول المجلس.
بالنسبة لروسيا فإن استئناف مثل هذه القمم يعطي صورة مغايرة لما يحاول الغرب فرضه عليها وعلى الصين من عقوبات وعزلة دولية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية التي اندلعت في فبراير من العام 2022 ولا تزال مستعرة ووصلت العقوبات الأوروبية لأكثر من 11 جولة ، بينما لا تزال روسيا تناور وتثبت قدرتها على التعاطي مع هذه العقوبات رغم الصعوبات الكبيرة التي تواجهها على أرض المعركة التي كان مقدراً لها الانتهاء في أسابيع لكنها لا تزال مستمرة ويعتبر استمرارها من قبل البعض استنزاف متعمد للقدرات العسكرية والاقتصادية الروسية.
وليس غريبا أن روسيا قامت بتنظيم الجولة الخامسة من الحوار الاستراتيجي الخليجي الروسي، في يونيو 2022، أي بعد أربعة أشهر فقط من بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وذلك يعطي رسائل بأن العالم لم يقف عند حدود القرار الغربي، وأنها أمامها خيارات واسعة في مختلف مناطق العالم لتعزيز التعاون والشراكات، وهو المنظور الذي يضاف إليه ما يتعلق بالخصوصية الخليجية التي تنبع من الأهمية الجيوسياسية التي تعاظمت مع المتغيرات التي فرضتها الحرب وأزمة الطاقة الدولية التي ترتبت عليها وأصبحت دول الخليج النفطية مستفيدة من الحرب بطريقة الراكب المجاني حيث حققت فوائض ووفورات كبيرة من مبيعات النفط بأسعار مضاعفة عما كانت عليه الأوضاع جراء أزمة كورونا وما تبعها من توقف واضطراب سلاسل  الإمداد والتوزيع وانهيار أسعار النفط حد الوصول لأسعار سالبة،  إذ تحولت أسعار العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي في 20 أبريل/نيسان 2020 إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ لتنهي الجلسة عند ناقص 37.63 دولار للبرميل مع إقبال المتعاملين على البيع بكثافة، وهو الأمر الذي وصفته صحيفة وول ستريت جورنال حينها بأنه “دليل فوضوي على عدم القدرة على تخزين إجمالي إنتاج النفط الذي كان من المفترض أن يستخدمه الاقتصاد العالمي الذي يعاني من الركود”. تدرك روسيا والولايات المتحدة الدور الذي تلعبه بعض دول المنطقة في الأزمات الإقليمية مثل الدور الإماراتي السعودي في اليمن وليبيا والسودان وكذلك الدور العماني والكويتي والقطري في تحقيق توازن في العلاقات مع إيران وتخفيف حدة الاستقطابات وبرغم كونها أدواراً وظيفية إلا أنها مهمة للاستقرار الإقليمي ولاستقرار مصالح القوى الكبرى.

لقراءة المزيد اضغط هنا