[highlight bgcolor=”#ffffff” txtcolor=”#000088″]مقالين بشأن قناة السويس من صحيفتين مختلفتين [/highlight]


 

مصر تحدد آمالها من توسيع قناة السويس

 هبة صالح من القاهرة

تقول لوحات الاعلانات التي انتشرت في شوارع القاهرة احتفالا بتوسيع قناة السويس “نحن نغيير خارطة العالم”، وهو مشروع هندسي كلف 8 مليار دولار للسماح بان تكون الحركة باتجاهين عبر الممر المائي الاستراتيجي، الذي يعتبر رمزا للسيادة المصرية. يحصل المسافرون حال وصولهم الى المطار الآن على ختم على جوازات سفرهم مع صورة سفينتين يعبران بعضها البعض مصحوبة بهذه الكلمات “هدية مصر للعالم”.

قال مهاب مميش، رئيس قناة السويس، في مقابلة تلفزيونية مؤخرا. “ان التجارة (العالمية) في تزايد، وأحجام السفن تتزايد، وإذا لم نتمكن من التعامل مع هذا وتحويله إلى إيرادات للخزينة المصرية، فان طرق بديلة ستظهر وتستفيد من هذا النمو” ان الارقام المستخدمة في هذا التوسع كبيرة بالتأكيد بيع 8.6 مليار دولار كشهادات استثمار للجمهور في ثمانية أيام فقط في العام الماضي لتمويل المشروع. أنجز المشروع في 12 شهرا فقط، ووظف 80 في المائة من القدرة التجريف في العالم لحفر قناة موازية جديدة يبلغ طولها 34 كيلو متر، وتعميق وتوسيع أجزاء من القناة القديمة. ويقول مسؤولون، ينبغي لهذا المشروع ان يجذب المزيد من الشحن عن طريق تمكين السفن من الابحار في كلا الاتجاهين في جميع الأوقات، وسوف تقلل أيضا وقت الانتظار من 11 ساعة حاليا إلى ثلاث ساعات فقط.

يقول هؤلاء المسؤولون ان النتيجة ستكون متمثلة بمضاعفة عدد السفن التي تستخدم في القناة إلى متوسط ​​يومي قدره 97 سفينة بحلول عام 2023، وزيادة 250 في المائة في العائدات السنوية، مما يجعلها تصل إلى أكثر من 13 مليار دولار. وينظر الى التوسيع كخطوة أولى لجذب مليارات الدولارات عن طريق الاستثمار في خطة طموحة لتحويل المنطقة المحيطة بالممر المائي الى منطقة نقل ومركز صناعي وذلك بهدف خلق الملايين من فرص العمل.

قال انجوس بلير رئيس معهد سجنيت، وهو مركز ابحاث اقتصادي يقع في القاهرة. “ستكون المنفعة الاقتصادية الرئيسية من المنطقة الصناعية التي سيتم بناؤها حول القناة، ولكن على المدى القصير، هناك فوائد غير ملموسة مثل عامل الشعور بالرضا الذي يأتي من إكمال هذا المشروع الضخم في غضون عام ومع ذلك، لا يزال العديد من المحللين حذرين بشأن توقعات التوسع الهائل في حركة الشحن ” ، قال اسكندر العمراني رئيس برنامج شمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية “ان حركة النقل في القناة غالبا ما تعتمد، ليس على حجم القناة، ولكن على عوامل مثل التجارة العالمية، وأسعار النفط، وصحة الاقتصاد الصيني”

2

ووضحت كابيتال ايكونوميكس للاستشارات ومقرها في لندن هذا الاسبوع، ان توقعات الحكومة حول إيرادات القناة في المستقبل مبنية على “افتراضات متفائلة بصورة غير معقولة حول التجارة العالمية”  وفي حين ان هناك احتمالا أن تعود القناة ببعض الفوائد على الاقتصاد، الا ان هذه الفوائد ستكون “أصغر من ما كانت تأمل به السلطات”. اوضح المستشارون “حسب تقديراتنا، لتحقيق أهداف الحركة في قناة السويس، يجب ان يرتفع حجم التجارة العالمية بنحو 9 في المائة في العام وعلى اساس سنوي، هذا أعلى بـ3 في المائة من المتوسط ​​في كل عام على اساس سنوي، والذي تم حسابة على مدى السنوات الأربع الماضية”.

تحصل السويس بالفعل على معظم حركة الحاويات بين أوروبا وآسيا ويتوقع صندوق النقد الدولي أن النمو الاقتصادي في المنطقة سيبقى بنسبة 4 في المائة في السنوات المقبلة. بينما قام بيتر هنكليف، الامين العام لغرفة الملاحة الدولية في لندن، بالأشاد بالتوسع لتنفيذه في وقت قياسي واصفا اياه بأنه “إنجاز رائع” الأمر الذي سيجعل السويس “أكثر كفاءة”، لقد كان حذرا حول التوقعات أن الحركة ستتضاعف بحلول 2023. “ان التنبؤ بهذا الشيء صعب جدا ” واضاف “ان حقيقة امكانية ابحار السفن الكبيرة خلال القناة بكفائة اكبر سيزيد من احتمالية استخدام المزيد من السفن للقناة”.

بالنسبة للمصريين، لم تقدم الاخبار الساره على الجبهة الاقتصادية بشكل مقنع، على الرغم من الجهود التي بذلها عبد الفتاح السيسي، الرئيس المصري وقائد الجيش لغرس الامال في ان الاقتصاد سيتطور. في اذار، أثار مؤتمر الأعمال التجارية الدولية الرفيع المستوى، الذي استضافته مصر بمناسبة عودتها كواجهة استثمارية بعد ثورة عام 2011، توقعات بانتعاش الاقتصاد بقيادة المستثمرين الأجانب. ولكن على الرغم من كشف النقاب عن مليارات الدولارات من الاستثمارات الأجنبية في مشاريع الطاقة وتوليد الكهرباء، الا ان القطاعات التي توفر فرص العمل لم تنتعش بعد. لا تزال السياحة، مصدر عمل رئيسي ومصدر للعملة الأجنبية، في حالة ركود.

يبدو ان العديد من المشاريع  لبناء مليون وحدة سكنية جديدة خلال خمس سنوات، وبناء عاصمة جديدة لاخذ بعض العبء عن القاهرة قد توقفت. بالنسبة لملايين المكافحين المصريين، لم يكن هناك أي تغيير ملموس في حياتهم. من غير الواضح ما إذا كان تنشيط القناة سيترقي إلى مستوى آمال الشعب المصري. قال السيد بلير من معهد سيجنت “ان الاقتصاد يتحسن في الأرقام الرئيسية، ولكن الانتعاش يبدأ من قاعدة منخفضة، وأنه بحاجة إلى التحرك بشكل أسرع لخلق فرص عمل كافية ولمواكبة النمو السكاني”

قد لايسهل تطوير قناة السويس من الرحلة الاقتصادية في مصر

ديفيد كيركباتريك ، نيويورك تايمز

ان “القناة الجديدة”، هي في الواقع قناة جانبية موازية للقناة الاولى وتمتد حوالي ثلث طول الممر المائي القائم. ان وعود السيد السيسي حول الايرادات التي ستجلبها القناة، يقول اقتصاديون ورجال الأعمال، ستعتمد على قرارات حل نفس المشاكل التي تحجم بقية الاقتصاد المصري، بما في ذلك ضعف الحكومة، وانعدام الشفافية، والاعتمادية، والأمن العام. ان هذه الضجة حول القناة، يقول بعض المحللين، لا تفعل الا شيئا يسيرا لتخفيف شكوك المستثمرين.

ان مشروع التطوير الآخر للسيد السيسي- بناء عاصمة جديدة لاستبدال القاهرة جزئيا- قد انهار بعد أشهر فقط من الكشف عنه في شهر اذار. ان التحرك لإغلاق عجز الحكومة، والعمل على استقرار العملة يظهر على انه قد توقف. يقول اقتصاديون ان نقص الطاقة، وفرض قيود على النقد الأجنبي، وتنامي خطر العنف و المناهضين للحكومة، يمثل عقبات كبيرة لهذا النوع من الاستثمارات، كما يتوقع الاقتصادييون.ان الميزة الحقيقية للقناة الجديدة ستكون خفض متوسط ​​وقت عبور للسفن، ربما لعدة ساعات. لكن حكومة السيد السيسي قالت للمصريون أن توسيع القناة يهدف لإضافة 100 مليون دولار سنويا للاقتصاد وتوفير مليون فرصة عمل، قالت ريم عبد الحليم، خبيرة اقتصادية مصرية. “هذه الأرقام مستحيلة تماما” .

عين الرئيس مهلة مدتها سنة واحدة لحفر القناة الجديدة، مما زاد في التكاليف، والتي جاءت أكثر من 8 مليارات دولار، وفقا لمسؤولين مصريين. وقال اقتصاديون ان الاندفاع قدم فائدة رمزية فقط وليس شيئا ملموسا.

تعمل القناة الحالية بشكل جيد دون السعة القصوى جزئيا بسبب ان أحجام الشحن لا تزال أقل من الذروة التي بلغتها قبل ثماني سنوات. قلت أحجام النقل مرة أخرى هذا العام بسبب التباطؤ الاقتصادي في الصين وانخفاض الطلب الغربي على نفط الخليج الفارسي. قال راجي أسعد، وهو زميل في منتدى البحوث الاقتصادية هنا في الولايات المتحدة وأستاذ في جامعة مينيسوتا. “ثلاث سنوات كانت لتؤدي نفس الغرض”

سفينة شحن تمرت خلال الجزء الجديد من قناة السويس في مصر في أواخر تموز، قبل الافتتاح الرسمي في يوم الخميس. المصدر: ‏رويترز
سفينة شحن تمرت خلال الجزء الجديد من قناة السويس في مصر في أواخر تموز، قبل الافتتاح الرسمي في يوم الخميس. المصدر: ‏رويترز

وقال بيتر هينكلف، الأمين العام للاتحاد الدولي للشحن، ان الصعودات والنزولات تجعل أي توقعات لعائدات القناة في المستقبل متضاربة في أحسن الأحوال. وتقدر منظمته أن إجمالي حجم الشحن سينمو بنسبة أكثر من 30 في المئة على مدى 10 اعوام، ولكن مشاريع حكومة السيد السيسي في القناة ستضيف أكثر من ضعف الإيرادات الى حصيلة القناة بحلول عام 2023، اي مايعادل 132 مليار دولار سنويا من حوالي 53 مليار دولار. وأشار السيد هينكلف الى قول مأثور: “ان التوقعات اشياء رائعة، حتى تبدأ بالحديث عن المستقبل”.

أنجزت في عام 1869، احدثت القناة الأصلية ثورة في التجارة الدولية من خلال ربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، مختصرة المسافة بين الشرق والغرب، وسهلت عبور السفن بدلا من القيام برحلة طويلة حول الطرف الجنوبي من أفريقيا. تمتد القناة لمائة ميل، وحفر فيها 20،000 الف عامل لمدة 10 سنوات وفقا للتاريخ الرسمي.

ان بعض أجزاء القناة ضيقة جدا لحركة المرور في الاتجاهين، ترتب على سلطات القناة لكي يتناوبون بالمرور في قوافل تتجه في اتجاهات بديلة، وتحاول مصر منذ عقود الحد من الاختناقات. أضافت السلطات ثلاث قنوات جانبية في 1955، ثلاثة آخريات في عام 1980. وقد عملت الحكومة أيضا في العقود الأخيره على مشاريع التجريف لتعميق القناة لتكون قادرة على استيعاب السفن الكبيرة.

ستضيف القناة الجانبية الجديدة 30 ميلا في محاولة للسماح لحركة المرور بان تكون باتجاهين متعاكسين. على الرغم من أن القناة الجديدة لا تسمح حتى الآن بحركة المرور في اتجاهين متعاكسين لكامل طول القناة، الا انها ستسرع مرور السفن من خلال السماح لقواف أطول و اكبر بالمرور. يمكن أن تساعد القناة في جذب حركة المرور.

بالنسبة لشركات الشحن فان الاختيار بين قناة السويس والطرق الأخرى قال ويلي شيه، الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال الذي يدرس التصنيع والنقل “يعتمد على الوقت، وكم من الوقت يمكنني توفيره؟ “.

ومع ذلك فان خلق فرص عمل سيعتمد على جذب المستثمرين لبناء المصانع أو المرافق اللوجستية في المناطق الصناعية المخطط لها حول القناة. وقال خبراء ان هناك اسباب وجيه للاعتقاد بأن قصر وقت العبور من شأنه ان يؤجل جذب المستثمرين بسبب وجود تحديات أخرى لممارسة الأعمال التجارية في مصر.

قال البروفيسور شيه  “من المؤكد أن مصر تحتاج هذا النوع من البنية التحتية لإنتاج فرص العمل، ولكن، يا رجل، هناك طريق طويل عليهم قطعه”. واخافت هجمات المتشددين في القاهرة وشمال سيناء المستثمرين، ويظهر ان السيد السيسي سيتخلي عن التغيرات الاقتصادية للحصوا عاى استقرار سياسي على المدى القصير.

أنفقت حكومته مليارات الدولارات من المساعدات من دول الخليج الفارسي لتحسين البنية التحتية للطاقة في مصر وتجنب انقطاع التيار الكهربائي المتكرر. لكن مجموعة من الاقتصاديين ورجال الأعمال يقولون إن الحكومة تحرم الصناعات من امتلاك السلطة لاسترضاء المستهلكين.

بدأ السيد السيسي بخفض دعم الغذاء الذي لاحاجة له والطاقة في مصر في العام الماضي، لكن خططة المتكاملة لرفع الضرائب المتعثرة واجهة معارضة من نخبة من رجال الأعمال.


 

المصادر :