زخاري كيك

إحدى أخطر المخاوف بشأن حصول إيران على سلاح نووي هو أنه سيفجر سباق تسلح نووي في المنطقة، لأن امتلاك إيران للقنبلة سيتطلب من جيرانها على أن تحذو حذوها. فقد حذر الرئيس أوباما في عام 2012،إذا حصلت إيران على أسلحة نووية فإنه “من شبه المؤكد أن لاعبين آخرين في المنطقة من شأنهم أن يشعروا بضرورة حصولهم على أسلحة نووية خاصة بهم.”

ولا ينظر إلى أي دولة على إنها من المرجح أن تصبح نووية رداً على إيران ،كالمملكة العربية السعودية المنافسة لإيران منذ أمدٍ بعيد في المنطقة. المسؤولون السعوديون لم يفعلوا شيئا يذكر للتخفيف عن مثل هذه المخاوف، بدلا من الانخراط فيها مرارا وتكرارا. في الشهر الماضي، قال الأمير تركي بن ​​فيصل، الرئيس السابق للمخابرات السعودية في مؤتمر في كوريا الجنوبية: “أياً كان ما يملكه الإيرانيون، سيكون لدينا أيضا”.

مع وجود استثناءات قليلة، الجميع تقريبا يخشى أن تكتسب المملكة العربية السعودية سلاحا نوويا على الرغم من أن الرياض أقرت أنها لا تبني قنبلة لنفسها. بدلا من ذلك، صار هناك توافق عام في الآراء أن السعودية ستشتري الأسلحة النووية الجاهزة للاستخدام من باكستان. في الواقع، إنّ المخاوف من اتفاق نووي سري سعودي باكستاني يعود تاريخه إلى السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وانتشر خاصة خلال العقد والنصف الماضي.أنا وآخرون جادلنا منذ مدة طويلة، ان هذه الفكرة بعيدة المنال. ففي حين أن المملكة العربية السعودية سوف ترغب في شراء ترسانة نووية من باكستان، إسلام آباد لا يوجد لديها سبب لبيع أسلحة نووية إلى الرياض.

بادئ ذي بدء، باكستان قلقة بالفعل من أن ترسانتها صغيرة جدا لتصمد أمام غارة مضادة هندية أو أمريكية. وعلاوة على ذلك، فإن بيع أسلحة نووية إلى المملكة العربية السعودية سيؤدي إلى رد فعل عنيف لم يسبق له مثيل من معظم المجتمع الدولي، بما في ذلك كل من الولايات المتحدة والصين، الرعاة الرئيسيين لباكستان. وذلك يُغضب إيران أيضا، التي هي في وضع جيد للانتقام من باكستان بطرق عديدة، بدعم الانفصاليين في بلوشستان لمزيد من التودد إلى الهند.

أي مخاوف فيما إذا قامت باكستان ببيع أسلحة نووية إلى المملكة العربية السعودية،وضِع لها حدّ مرة أخرى في نيسان(أبريل)، عندما رفضت إسلام آباد المشاركة في الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن. إذ رفضت باكستان إرسال حتى وحدة رمزية من القوات للمشاركة في المهمة التي تقودها السعودية، فمن المؤكد أنها لن تتخلى للرياض عن أصولها العسكرية الأكثر قيمة.

ولكن في الوقت الذي لا يمكن للمملكة العربية السعودية أن تشتري سلاحاً نووياً من باكستان، فإنها قد تكون أكثر حظا مع كوريا الشمالية. في الواقع، هناك أسباب عدة مقنعة للاعتقاد بان كوريا الشمالية قد تكون موافقة على مثل هذا الطلب.

الأكثر وضوحا، إنّ تاريخ كوريا الشمالية مثير للقلق من مكاثرة التكنولوجيا النووية، بما في ذلك منطقة الشرق الأوسط. كانت هناك مدة طويلة ومستمرة (ولو غير مؤكدة إلى حد كبير) من الشائعات بأن كوريا الشمالية قدمت لإيران تكنولوجيا نووية، وساعدت بيونغ يانغ أيضا سوريا على بناء مفاعل نووي (التي دمرتها إسرائيل بغارات جوية في عام 2011). بشكل أعم، كوريا الشمالية لديها سجل طويل في بيع تكنولوجيا عسكرية متطورة مثل الصواريخ الباليستية إلى العديد من الدول المنبوذة.

وفضلاً عن ذلك، فإن المملكة العربية السعودية ستكون الراعي ذو القيمة للغاية بالنسبة لكوريا الشمالية. حاليا، كيم جونغ أون يحاول تحسين الاقتصاد خاصة بالنسبة لنخب كوريا الشمالية من أجل حشد الدعم لحكمه. إحراز هذا الجهد صعب للغاية بسبب الموقف المتشدد الذي اتخذته الصين ضد كوريا الشمالية أكثر من أي وقت مضى منذ تولي شي جين بينغ السلطة في عام 2012.

وقد تسعى بيونغ يانغ جاهدة لإيجاد بدائل مناسبة عن الصين، ولكن حتى الآن كان لها القليل من الحظوظ. يبدو أن روسيا ترغب في تحسين العلاقات مع كوريا الشمالية، ولكن المشاكل المالية المتنامية تحد من قدرتها على تزويد كوريا الشمالية بمساعدات اقتصادية كافية لتعويض فقدان المساعدات الصينية. وفي الوقت نفسه، كوريا الجنوبية عازمة على الحد من العلاقة الاقتصادية مع كوريا الشمالية لغياب التنازلات الكبيرة من بيونغ يانغ بشأن البرنامج النووي الأخير.السعودية لن تواجه أيا من هذه القيود. على العكس من كوريا الجنوبية فان السعودية ليست مهددة بشكل علني بسبب البرنامج النووي لكوريا الشمالية. وعلى عكس روسيا، لا تواجه صعوبات مالية هائلة.

في الواقع، المملكة العربية السعودية تتلاطم في أمواج من البترو دولار، وتضم ثالث أكبر احتياطيات من العملة الأجنبية في العالم بعد الصين واليابان فقط. على الرغم من ذلك استخدمت هذا لتخفيف أثر انخفاض أسعار النفط، فإنه لا يزال لديها708 مليار دولار من احتياطيات العملات الأجنبية، وهي أكثر من كافية لتقديم دعم كبير لكوريا الشمالية.

يمكن للسعودية أيضا أن تزود كوريا الشمالية بأنواع أخرى من المساعدات القيمة. على سبيل المثال، العمال الأجانب يشكلون أكثر من نصف القوى العاملة في المملكة العربية السعودية، والكوريين الشماليين الذين يعملون في المملكة العربية السعودية يمكن أن يوفروا للمملكة مصدرا هاما آخر للعملة الصعبة. في الواقع، هذا هو أحد تكتيكات نظام كيم المفضلة للالتفاف على العقوبات الدولية. كما أوضح معهد أسان للدراسات السياسية: “لا يتم إرسال الأرباح بتحويلات مالية، ولكن تنقل إلى البلد في شكل كميات كبيرة من النقد، في انتهاك واضح لعقوبات الأمم المتحدة.”

بعض التقديرات تشير إلى أن ما يصل إلى 65 ألف كوري شمالي يعمل في الخارج في 40 دولة مختلفة، وقد ازداد هذا العدد إلى الضعف أو حتى لثلاثة أضعاف منذ تولي كيم جونغ أون الحكم. ومع ذلك، وفقا لأسان، فان المملكة العربية السعودية لا تصنف ضمن أفضل عشر دول من حيث العمال الكوريين الشماليين. وتغير ذلك ستكون نعمة كبيرة لنظام كيم.

وأخيرا، إلى جانب العملة الصعبة، تواجه كوريا الشمالية نقصا مزمنا في الطاقة، فواردات الطاقة لكوريا الشمالية في السنوات الأخيرة من الصين تمثل ما يقرب من 90 في المائة. النفط السعودي والغاز الطبيعي يمكن أن يقللا إلى حد كبير من اعتماد كوريا الشمالية على الصين، في الوقت الذي تساعد أيضا على تحفيز الاقتصاد الكوري الشمالي.

كل هذا يشير إلى أنه إذا كانت السعودية تشتري أسلحة نووية جاهزة، هي أكثر عرضة لتأتي من كوريا الشمالية بدلا عن باكستان.


 زخاري كيك| نائب رئيس تحرير العلاقات الدولية ومساعد التحرير في ذا دبلومات،ذا ناشونال انترنست

رابط المصدر :

The Ultimate Nightmare: North Korea Could Sell Saudi Arabia Nuclear Weapons