شكل الاتفاق الإيراني – السعودي في العاشر من مارس/آذار في العام الماضي، نقطة تحول كبيرة على صعيد العلاقات الثنائية والعلاقات الإقليمية وردود الفعل الدولية، هذا الاتفاق، الذي حدث تخت رعاية صينية، وبوادر عراقية، كان الحدث الأبرز في التحولات الجيوسياسية في المنطقة، إذ شكل الاتفاق بين القطبين المنافسين خطوة نحو إعادة رسم المنطقة من الناحية الأمنية والسياسية والاقتصادية، فضلاً عن المتغيرات الدولية التي تساهم عملية الاستقرار في العلاقات بين إيران والسعودية في إعادة رسمها في المنطقة، لا سيما وأن الاتفاق تم برعاية وضمان صيني، اللاعب الدولي الأبرز في منطقة الشرق الأوسط الذي يحاول سد الفراغ الأمريكي.
ساهمت هذه المتغيرات في صياغة شكل آخر للعلاقات العراقية – الإيرانية – السعودية، شهدت هذه العلاقات الثلاثية متغيرات كبيرة وكثيرة خلال العقدين الماضيين، فقد اعتبر العراق ساحةً للتنافس والصراع بين القطبين الإقليمين بكافة الأشكال، السياسية، الاقتصادية، الأمنية، وحتى الثقافية، التي بدورها ولدت حالة من عدم الاستقرار العام الداخلي والإقليمي للعراق، لاسيما في طبيعة التعامل والعلاقة بين السعودية وإيران، وانطلاقاً من أهمية دراسة طبيعة العلاقات الثلاثية في ضوء المتغيرات الحاصلة في المنطقة، لا سيما بعد أحداث طوفان الأقصى وتصاعد وتيرة الحرب في غزة، عقد مركز البيان للدراسات جلسة حوارية لمجموعة من صناع القرار في السياسية الخارجية والنواب السابقين في مجلس النواب العراقي وأكاديميين والمتهين في الشأن الخارجي العراقي، الهدف من هذه الجلسة هو مناقشة العلاقات العراقية_ الإيرانية – السعودية ما بعد الوساطة في ضوء المتغيرات الجارية في الإقليم، تُعد هذه الورقة خلاصة لما تم طرحه ومناقشته في الجلسة، حيث حاولنا من خلالها تثبيت الآراء والمقترحات والقراءات في العلاقات الثلاثية.
أربع محطات رئيسة في العلاقات العراقية الإيرانية السعودية
غالباً ما تصرفت السعودية وإيران كمنافسين جادين بغرض النفوذ في الشرق الأوسط، خاصة في منطقة الخليج، وذلك منذ الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979 والحرب العراقية _ الإيرانية 1980_1988. وفي حين تعرّف كل من الدولتين عن نفسها بأنها دولة إسلامية، فإن الاختلافات والتباينات الموجودة في سياساتهما الخارجية بالكاد تكون أكثر دراماتيكية، ويعد العراق منطقة التنافس الأبرز والأكبر بين الدولتين لاعتبارات جغرافية، سياسية، اقتصادية، أمنية، دينه، إذ يعد العراق المنطقة البرية العازلة بين الدولتين بحكم الموقع الجغرافي له، وكذلك طبيعة التكوين المجتمعي العراقي ذات الأغلبية الإسلامية الموزعة بين الطائفتين الإسلامية الأبرز (الشيعة والسنة).
هذا العامل لعب دوراً بارز في تكوين النظام السياسي العراقي بعد عام 2003، الذي شكل على أساس مكوناتي طائفي مناطقي، وهذا الأمر يشكل تحدياً لإيران، التي تعد نفسها الدولة الحامية للمذهب الشيعي في المنطقة والعالم، والأمر لا يختلف في السعودية التي تعد نفسها قائدة ومحرك المذهب السني في المنطقة والعالم، نتيجة هذه العوامل وغيرها كانت هناك أربع محطات زمنية لعبت دوراً بارزاً في العلاقات الثلاثية في عراق بعد التغير.
 إذ تمثلت المرحلة الأولى في مرحلة التغير، والمرحلة الثانية في مرحلة الفراغ الاستراتيجي، وتمثلت المرحلة الثالثة، التي عدت مرحلة الأمن والتوازن، ومرحلة التحول الشامل المحطة الرابعة.

لقراءة المزيد اضغط هنا