دعت الولايات المتحدة الأمريكية العراق إلى “إجراء حوار استراتيجي بينهما”؛ ومما لا شك فيه أنّ للولايات المتحدة اهتماماً بالعراق، قد يتفاوت ما بين إدارة أمريكية وأخرى، ومن وقت لآخر، أو من مرتبة متقدمة أو متراجعة، ولكنه لا يتعدى حقيقة أن العراق يشكل أهمية بمستويات مختلفة للولايات المتحدة.

ويعود هذا الاهتمام الأمريكي إلى سنة 1876 وبدايته في العراق ومنطقة الخليج العربي عبر مجموعة من “النشاطات التبشيرية في مدينة الموصل عام 1889 ومدينة البصرة 1891 وكذلك النشاطات التعليمية في البصرة عام 1910 وتأسيس المدرسة الأمريكية في المدينة ذاتها عام 1911″، وتحوّل هذا الاهتمام لاحقاً إلى النفط في العراق الذي بدأ من 1908- 1926 وبالتحديد نفط الموصل، ولعل “اتفاقية الخط الأحمر عام 1928” تؤسس لطليعة هذا الاهتمام وبداياته المبكرة، وفي عام 1930 عقدت معاهدة ثلاثية بين الولايات المتحدة، وبريطانيا، والعراق؛ لضمان بعض المصالح الأمريكية فيه.

بعد استقلال العراق عام 1932 ومن الناحية العسكرية فإن الولايات المتحدة عقدت أولى اتفاقية مع العراق في 10 نيسان عام 1951 تكفلت بتقديم المساعدات العسكرية (المحدودة) إليه، وفي عام 1954 عقد اتفاقية الأمن المتبادل ما بين الطرفين، دون عرضها على مجلس النواب والأعيان العراقي، فضلاً عن إنشاء أول ميناء بحري عسكري من قبل الولايات المتحدة في أم قصر بمحافظة البصرة.

ومنذ ذلك الحين إلى وقتنا الحاضر، شهدت العلاقات العراقية-الأمريكية تفاعلات سياسية متقاطعة، ومتناقضة، ومتوافقة، ومتصارعة وبانتظار الحوار الاستراتيجي لتحديد ماهية التفاعلات القادمة، هل هي الشراكة؟ أو التحالف؟ أو الصداقة؟ أو ماذا؟ وعند الرجوع لطبيعة العلاقات بين البلدين بمراحل مختلفة سابقاً، نجد أن العلاقات العراقية-الأمريكية قد أخذت أشكالاً متعددة ما بين كون العراق “حصن الاستقرار والسلام في المنطقة ويمثل أهمية جيوسياسية بالنسبة للمشروع الأمريكي في الشرق الأوسط، ثم حقبة دعمه وشطبه من لائحة الدول الداعمة للإرهاب من قبل إدارة ريغان 1982″، وتحوله إلى دولة من دول محور الشر والاحتواء له ولإيران، إلى كونه العدو الواضح بعد غزو الكويت وما تلته من سنوات الحصار الثلاثة عشر، ثم كونه الهدف الأول والمهم (مع أفغانستان) للإدارة الأمريكية بعد أحداث 11 أيلول، ثم مدة التغيير الكبير (ما بين هدف التحرير والاحتلال).

وبعد قرن ونصف من التفاعلات السياسية المتنوعة، تطرح الإدارة الأمريكية رغبتها على الحكومة العراقية لإجراء حوار استراتيجي والتي سرعان ما لقيت “استجابة من العراق على لسان رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي”، ويأتي هذا الطلب بعد ازدياد الهجمات الصاروخية على القواعد العسكرية الأمريكية والمصالح الأمريكية (دبلوماسية، اقتصادية، عسكرية) في العراق، واستمرار المطالبة برحيل القوات الأمريكية توجهاً لقرار -وليس قانون- مجلس النواب الذي عورض من قبل المكونين الكردي والسني لعدة أسباب.

لقراءة المزيد اضغط هنا