كيث جونسون،سي كي هيكي

اذا ما انهار سد الموصل ، فإن كمية المياه الضخمة ستُغرق المدن العراقية ابتداءاً من الموصل وصولاً الى بغداد و مقتل مئات الالاف من الاشخاص، فضلاً عن حجم الدمار المحتمل .

توصلت الحكومة العراقية وشركة هندسية ايطالية أخيراً إلى اتفاق مبدئي الذي قد يوفر حلا طويل الأمد للسد الأكثر خطورة في العالم٬ ولكن الاصلاحات الخطرة لمنع الانهيار الكارثي لسد الموصل في شمال العراق من المحتمل ان تجعل الوضع اكثر سوءاً.

على مدى عقود طويلة، إن سد الموصل الذي بني في أوائل الثمانينات يعد قنبلة موقوتة٬ شيّد السد الذي ابتلي بخطر انهياره حتى قبل البدأ بالعمل على انشائه، على أسس من الجبس والحجر الجيري ومعادن اخرى التي تتحلل عند الاتصال المباشر مع الماء. طوال ستة ايام خلال الاسبوع منذ ثلاثين عاماً المنصرمة، ضخ المهندسون آلاف الاطنان من الجبس اسفل السد لدعمه ومنع التسربات الكارثية. وأطلق عليه المهندسون الامريكيون لقب ” السد الاكثر خطورة في العالم”.

في أواخر الاسبوع الماضي، حذر قائد القوات الامريكية في العراق، الجنرال شون ماكفارلاند، من ان السد يواجه خطر الانهيار مرة أخرى، الذي سيؤدي الى تدفق كميات مياه هائلة باتجاه نهر دجلة والتسبب باغراق المدن العراقية ابتداءاً من الموصل وصولا إلى بغداد ومن المحتمل قتل مئات الالاف من الاشخاص .

بعد الغزو الامريكي للعراق عام 2003، حذر ضباط الجيش الامريكي مراراً وتكراراً من الخطر الذي يشكله سد الموصل. في عام 2014 تزايدت المخاوف بشأن سلامة السد بشكل حاد عندما استولى تنظيم داعش الارهابي على السد لفترة قصيرة وذلك بعد احتلاله لمدينة الموصل. ويخشى بعض الخبراء من استيلاء تنظيم داعش الارهابي لفترة قصيرة على السد قد ادى الى توقف العمليات الوقائية فيه، مما يزيد من مخاطر انهياره. في المقابل، يرى المهندسون والمدراء العاملين في السد انه لا يشكل تهديدا وشيكاً.

ان القلق الكبير بشأن سد الموصل هو بسبب التبعات الكارثية لانهياره٬ وعلى مدى أعوام عديدة وضع المهندسون نموذجاً لما سيحدث لو انهار السد الذي يحوي على (11 مليار متر مكعب ) من الماء، الذي يشكل (ثلث حجم بحيره ميد، وهي اكبر خزان مائي في الولايات المتحدة الامريكية التي تقع في ولايتي اريزونا و نيفادا).

قام فريق من الباحثين في جامعة لوليا للتكنولوجيا في السويد بتصميم نماذج عدة لمحاكاة تبعات انهيار السد، ويعد هذا جزءاً من دراسة أوسع على جميع جوانب المشروع المشؤوم٬ وقد وجد الباحثون مايلي :

  • في غضون اربع ساعات، ستواجه الموصل موجة من المياه يصل ارتفاعها الى ما يقارب (80 قدماً) وستغطي الفياضانات حوالي (28 ميلاً مربعاً).
  • في غضون (22) ساعة، فان تكريت، مسقط رأس صدام حسين، ستواجه جداراً يبلغ طوله (50 قدماً) من المياه.
  • خلال يومين من انهيار السد، فان بغداد – التي تبعد مسافة 400 ميلاً من اتجاه تيار المياه- ستواجه (13 قدماً) من المياه ، وستغطي الفياضانات أكثر من (80 ميلاً) مربعاً حول العاصمة بغداد.

ان سيناريوهات كهذه، جعلت العديد من الشركات الهندسية الكبيرة تحاول التوصل الى حل دائم، فأن ضخ ما يقارب (100 ألف) طن من الجبس اسفل السد هو مجرد حل مؤقت٬ ولكن لا يوجد هناك اجماع بين آراء الخبراء حول الطريقة المناسبة لاصلاح سد الموصل بشكل نهائي.

أعلن وزير الخارجية الايطالي باولو جينتيلوني يوم الثلاثاء ان الحكومة العراقية ومجموعة تريفي الايطالية كانت على وشك توقيع اتفاقية لاصلاح طويل المدى لقاعدة السد. حاولت الشركة الايطالية توقيع العقد طوال العام الماضي٬ لكن المخاوف حول استمرارية وجود تنظيم داعش الارهابي والتساؤل عن توفر الأمن في موقع العمل أدى الى تأخير العمل في السد. وقال جينتيلوني يوم الثلاثاء ايضاً : ان المحادثات وصلت لمرحلة متقدمة فيما يخص ارسال (450) جندي ايطالي لحماية الموقع .

من الجدير بالذكر ان مجموعة تريفي قامت بأعمال مشابهة لمشكلة سد الموصل في اكثر من (150) سداً بما فيها الولايات المتحدة الامريكية. على سبيل المثال٬ سد وولف كريك في ولاية كنتاكي، تم بناؤه في جيولوجيا مماثلة لتلك في سد الموصل الذي واجه مشكلة تسريب مياه مشابهة. وبين عامي 2006 و 2013 قامت شركة تريفي ببناء جدار خرساني اسفل حافة السد الذي يعرف باسم (الجدار القاطع) الذي يعمل كحاجز امام التسرب ويتخلص من خطر التآكل الذي يسببه الاتصال المباشر للماء مع الجبس والحجر الجيري او المعادن الاخرى.

قال جون رايس استاذ في الهندسة المدنية والبيئية في جامعة ولاية يوتاه والخبير في استقرار سد الموصل لمجلة فورين بوليسي “ان بناء جداراً قاطعاً في سد الموصل قد يعتبر الحل الوحيد طويل الامد لهذه المشكلة”٬ ولكن التحدي الكبير في الموصل هو ان السد المتداعي سيتطلب بناء أعمق جدار قاطع تم بناؤه لحد الآن، بنحو (800) قدماً أسفل حد الجسر. وأضاف قائلاً: ” ان بناء القاطع لن يكون امرا سهلا، وان تم العمل به دون الاخذ بالاحتياطات اللازمة، قد يؤدي الى زيادة احتمالية فشل مشروع بناء القاطع” . ولكن أمام العراق بعض البدائل الواقعية : وهو الاستمرار بعملية ضخ الجبس الذي يمثل حل قصير المدى التي قد يتم ايقافها في اي لحظة بسبب الوضع الامني في المنطقة.

وحذر خبراء آخرون من محاولة الحفر اسفل سد الموصل المتداعي. وأوصى  نظير الانصاري، أستاذ الهندسة المدنية في جامعة لوليا للتكنولوجيا، الذي أمضى سنوات عديدة في دراسة السد، ان على الحكومة العراقية التغاضي عن فكرة بناء جدار قاطع، محذراً في دراسة مشتركة مع زملاء له ” انها ليست فقط عملية مستحيلة تقنياً ومالياً ، ولكنها قد تشكل خطراً على سلامة السد نفسه”. واضاف الانصاري قائلا لمجلة فورين بوليسي:” انا لا اعتقد ان بناء القاطع هو الحل المناسب”. وقال ان أفضل طريقة لمنع الفياضانات التي قد تنتج من الانهيار الكارثي لسد الموصل هو بناء سد يحتجز المياه المتدفقة من السد على نهر دجلة، وهو مشروع مكلف توقف العمل به منذ سنوات عديدة.

وقال المتحدث باسم مجموعة تريفي لمجلة فورين بوليسي “من السابق لأوانه مناقشة التقنيات المحتملة التي يمكن العمل بها” وأضاف قائلاً “بدون ذكر اي تفاصيل ، فإن لدى الشركة عدة بدائل لفكرة الجدار القاطع”.


كيث جونسون٬ كبير مراسلين فورن بولسي ٬ يغطي مجال الطاقة والسياسة الخارجية.

سي كي هيكي٬ ناشط في مجال السياسة الخارجية.


ملاحظة :
هذه الترجمة طبقاً للمقال الأصلي الموجود في المصدر ادناه ، والمركز غير مسؤول عن المحتوى ، بما فيها المسميات والمصطلحات المذكوره في المتن .

 

المصدر :

http://foreignpolicy.com/2016/02/03/will-italy-be-able-to-fix-the-worlds-most-dangerous-da