د. مروان سالم العلي – أَستاذ جامعي في كُلية العلوم السياسية / جامعة الموصل، مُختص في الشؤون الاستراتيجية
لا شك أن ملف العلاقات الخارجية مهم في مقياس نجاح إدارة الحكومة من عدمها، خاصةً أن ملف العلاقات الإِقليمية يتمتع بديناميكية خاصة، تؤَثر على مسارات السياسة الداخلية وتحديد نوع السياسة الخارجية، حكومة السوداني عملت بجد على إنجاح إدارة هذا الملف، ولاسيما فيما يتعلق بالتوازن وعدم الانحياز إِلى سياسة محورية، وهذا ما تم تحقيقهُ -إِلى حدٍ ما- في عهد الحكومة الجديدة بعد حقبة من العُزلة.
من هنا فإن ملف علاقات العراق مع دول العالم المختلفة يُعد واحداً من أهم الملفات الشائكة التي تواجه السوداني وحكومتهُ، وهي مهمة شاقة ومحفوفة بالمخاطر بحسب مراقبين، خاصةً في قدرتهُ على التزام الحياد والتوازن مع إِيران والولايات المتحدة في ظل التوتر الساخن بينهما، فضلاً عن الحوار السعودي-الإِيراني الذي ترعاهُ بغداد منذُ عام2022، وانفتاح العراق على الخليجيين والمصريين والأردنيين في مجالات مختلفة.
   إذ أظهر خيار دبلوماسية العلاقات المُنتجة، الذي تنتهجهُ حكومة الرئيس السوداني، بأنها تعتمد معيار التوازن بين الشرق والغرب، وبين إِيران والدول العربية، بشكلٍ لا يجعل العِراق طرفاً في أَي اشتباك، بل طرفاً في جهود للتواصل، فالسوداني يرى بأن العراق هو عنصر يتكامل مع دول المنطقة، وبالتالي فإن استقرار تِلك البلدان يأَتي مِن استِقرار البلد، وعليه فإِن العلاقات معهُم تحكمُها المصالح المُتبادلة.
    فمع دخول عام2022، شهد العراق تطوراً كبيراً على مستوى السياسة الخارجية، حيثُ استطاع عقد قمم إقليمية ودولية عدة، إضافة إِلى أَداء دور الوسيط بين السعودية وإيران الخصمين الأبرز بالمنطقة وجمعهما على طاولة واحدة في بغداد، بعد قطيعة بينهما دامت سنوات، وحقق العراق على مستوى العلاقات الخارجية انسجاماً مع محيطه العربي والإِقليمي، في مسعى منهُ لاستعادة دورهُ الإِقليمي والدولي بحكم موقعهُ الجُغرافي، وللوقوف على أبرز متغيرات تلك العلاقات، تم اعتماد التقسيم الآتي:
العلاقات العراقية – الإيرانية
   شهدت العلاقات العراقية الإِيرانية في السنوات الأَخيرة تطوراً مُهِماً للغاية خاصةً بعد وصول السيد رئيسي إِلى سدة الحكُم وتوجه الخاص إِلى تطوير العلاقات مع الدول الجارة وخاصةً العراق، وبعد اختيار محمد شياع السوداني رئيساً لوزراء العراق، دعا الرئيس الإِيراني، السوداني إِلى زيارة طهران عن طريق السفير الإِيراني في بغداد، استجاب السوداني لهذه الدعوة وزار طهران في29 تشرين الثاني/ نوفمبر2022 على رأس وفد رفيع المستوى من المسؤولين السياسيين والاقتصاديين في زيارة استغرقت يومين وتم مُناقشة عدة قضايا منها: ملف الأمن والاستقرار في المنطقة، وخروج القوات الأَجنبية والإِرهاب والتطرف والمُخدرات والقضايا النقدية والمصرفية وتصدير النفط والغاز، وتكون تلبية الدعوة وتوقيتها- في حدود مُعينة- خاضعة لعدة اعتبارات سياسية، وترتيبات تتلاءم مع السياق المعقد لعلاقات العراق الخارجية.

لقراءة المزيد اضغط هنا