منح الدستور العراقيّ مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم حقّ المشاركة الجزئية في السلطة عن طريق الانتقال إلى اللامركزيّة الإداريّة، واستمدت هذه المجالس قوتها من كونها منتخبة من قبل الشعب في انتخابات دوريّة، فضلا عن وجود نصوص دستوريّة حتمت وجود هذه المجالس، وولدت مجالس المحافظات من رحم اللامركزيّة التي ضمنها الدستور؛ إذ تمثّل هذه المجالس إحدى أهمّ آليّات تفعيل النظام اللامركزيّ الذي تبّنته الدول الديمقراطيّة لمنح المحافظات (لا مركزيّة) في الإدارة بنسب متفاوتة تختلف وفقا للظروف الجغرافيّة، وطبيعة العلاقة بين المركز والمحافظات، وبقيّة الظروف السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة.
وتناولت هذه الدراسة العلاقة بين الديمقراطيّة واللامركزيّة لفهم طبيعة توزيع الصلاحيّات بين السلطات الاتحاديّة ومجالس المحافظات المنتخبة، قبل أن تنتقل إلى الإطار الدستوريّ والقانونيّ لمجالس المحافظات في العراق بدءا من قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، مرورا بالدستور العراقيّ الدائم الصادر عام 2005، وصولا إلى القوانين النافذة التي تنظم عمل مجالس المحافظات. كما استعرضت الدراسة آليّات صنع القرار في مجالس المحافظات من وجهة نظر أصحاب المصلحة وصنّاع القرار والخبراء، والمؤثّرات التي كان لها دور في عمليّة صنع القرار في مجالس المحافظات.
وخلصت إلى الدراسة إلى توصيات عديدة اندرجت ضمن ثلاثيّة الإصلاح التشريعيّ والإصلاح السياسيّ والإصلاح التطبيقيّ بهدف الوصول إلى آليّات واقعية داعمة لبيئة صنع القرار في مجالس المحافظات التي تمثل جوهر اللامركزيّة الإداريّة التي تعدّ بدورها مقياسا مهمّا لنجاح السياقات الديمقراطيّة المطبقة في المحافظات.