كشفت اليابان في شهر تشرين الأول من العام 2022 النقابَ عن خطة جديدة للأمن القومي تشير إلى أكبر عملية تسليح للجيش الياباني منذ الحرب العالمية الثانية، ومضاعفة الإنفاق الدفاعي والانحراف عن الاتجاه السلمي المترسِّخ في دستورها، وذلك في مواجهة التهديدات المتزايدة من الخصوم الإقليميين، فضلاً عن تقلُّبات البيئة الدولية الراهنة.

من الجدير بالذكر أنَّ الحكومة اليابانية أقرَّت ثلاث وثائق أمنية -إستراتيجية الأمن القومي (NSS)، واستراتيجية الدفاع الوطني، وخطة تطوير قوات الدفاع-؛ لتعزيز القدرات الدفاعية لليابان وسط بيئة أمنية غير مستقرة.

تشمل التدابير الجديدة إجراءات من شأنها أن تمكِّن اليابان من امتلاك «قدرات الهجمات المضادة»، والقدرة على مهاجمة أراضي دولةأخرى بصورة مباشرة في حالة الطوارئ، وفي ظل ظروف محددة.

وأصدر رئيس الوزراء الياباني -في وقت سابق من كانون الأول من العام 2022- تعليماته إلى وزيري الدفاع والمالية بتأمين أموال لزيادة ميزانية الدفاع اليابانية إلى (2%) من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027، ووَفْقاً لوزير الدفاع الياباني؛ لتصبح اليابان الثالث منحيث الإنفاق العسكري في العالم بعد الولايات المتحدة والصين.

بإقرارها للسياسة الدفاعية الجديدة تتخلَّى اليابان عن اتجاهها السلمي الدفاعي الذي رسَّخته في دستورها بعد الحرب العالمية الثانية،والذي وضع قيوداً على قوات الدفاع الذاتي الخاصة بها من أنَّه لا يمكن استخدامها إلا لما يوحي به اسمها، وهو الدفاع عن الأراضي اليابانية.

تشكِّل السياسة الدفاعية اليابانية الجديدة ثورة في التوجهات الإستراتيجية لطوكيو، ممَّا يُثير تساؤلات مهمة بشأن التوقيت، والدلالات،والتداعيات المترتبة على تغيير طوكيو لسياستها الأمنية والدفاعية.

أولاً: التوقيت

تجدر الإشارة إلى أنَّ اليابان أصدرت وثيقة الدليل الدفاعي، أو الإستراتيجية الدفاعية لأول مرة عام 2013، إلا أنَّ البيئة الإقليمية لليابان لمتكن بالصورة التي أصبحت عليه الآن، خصوصاً في ظل التوتر في آسيا الباسيفيك، والتوترات في بحري الصين الجنوبي والشرقي ومضيقتايوان، فضلاً عن أنَّ الحرب في أوكرانيا قد أظهرت أنَّ ظاهرة الغزو ما تزال احتمالاً يجب أن تبني الدول قدراتها العسكرية الكفيلة بتفاديه،ممَّا يفسِّر الاختلاف في اللغة، والصياغة بين الوثيقة الصادرة عام 2013، وتلك التي صدرت عام 2022.

تصف اليابان –

في وثيقة الإصلاح الدفاعي- أحد هؤلاء المنافسين (الصين) بأنَّه «التحدِّي الإستراتيجي الأكبر لها. تراقب طوكيو عن قرب جهود الصين الحثيثة في تنمية قدراتها العسكرية البحرية والجوية في مناطق بالقرب من اليابان، في حين تدَّعي أنَّ جزر (سينكاكو) التي تخضع للإدارة اليابانية، وهي سلسلة غير مأهولة بالسكان تقع في بحر الصين الشرقي، وتدَّعي الصين عائديتها، وتقوم سفنها بغارات متكررة بالقرب من الجزر، التي تسميها (بيجين دياهو)، في حين تدافع اليابان بالطائرات الحربية دفاعاً شبه يومي رداً على اقتراب الطائرات الصينية من مجالها الجوي.

في غضون ذلك، تكثِّف الصين ضغطها العسكري على تايوان، الجزيرة التي تمتَّع بحكم ذاتي، والتي يصنفها صانع القرار الياباني بالحيوية لأمن اليابان القومي. قامت الصين -في آب من العام الماضي- وكجزء من حملة الضغط على تايوان بإطلاق خمسة صواريخ سقطت في المنطقة الاقتصادية الخالصة لليابان بالقرب من تايوان؛ رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي (نانسي بيلوسي) إلىتايبيه، وهو ما يكشف حقيقة أنَّ أيَّ صراع في مضيق تايوان ستكون اليابان أطرافاً فيه.

لقراءة المزيد اضغط هنا