د. مارسين الشمري/ زميلة باحثة في مبادرة الشرق الأوسط في مركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية في مدرسة هارفارد كينيدي (كامبريدج، ماساتشوستس)
في الأيام والأسابيع التي سبقت 10 تشرين الأول 2021 -موعد الانتخابات البرلمانية السادسة في العراق- وهي اللحظات التي كان الناشطون والمواطنون ينتظرونها بفارغ الصبر من أجل التغيير، لكن أصرَّ كثيرون على مقاطعة الانتخابات. كانت نسبة المشاركة هي الأدنى في تاريخ العراق بعد عام 2003، إذ بلغت (43.54%) وَفْق أكثر التقديرات سخاءً. ومع هذا النقص في المشاركة فاجأت نتائج الانتخابات المواطنين والمراقبين وحتى النخب السياسية. فاز حزب «امتداد» بتسعة مقاعد غير متوقعة في مجلس النواب، وهو حزب سياسي تأسَّس حديثاً له جذور في الحركة الاحتجاجية التي أدَّت إلى انتخابات مبكرة. كما فازت أحزاب جديدة أخرى، إذ فازت «إشراقة كانون» بستة مقاعد. زيادةً على ذلك، فاز (43) مرشحاً مستقلاً. في حين تكبَّدت بعض النخب السياسية الفاعلة خسائر مفاجئة في الوقت نفسه، -وهي تحالف الفتح، وتحالف قوى الدولة الوطنية (برئاسة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي وعمَّار الحكيم) -. احتفل العراقيُّون -لبضعة أيام- بالنتائج غير المتوقعة وبدأوا في التساؤل، ماذا كان سيحدث لو صوَّت مزيد من العراقيِّين؟ وحذَّر آخرون من مجيء الاحتفالات في وقت مبكِّر للغاية، وأصرُّوا على أنَّه من الممكن بسهولة ربط المستقلين ربطاً غير مباشر بالأحزاب السياسية القائمة التي قادت العراق منذ عام 2005. ومع نظام انتخابي جديد رسم دوائر انتخابية أصغر وطُبِّق نظام صوت واحد غير قابل للتحويل (SNTV)، إلَّا أنَّه كان من الممكن أن تتحفَّز الأحزاب السياسية لتسويق مرشحيها كمستقلين.
زيادةً على ذلك، فإن خيبة الأمل العامة في النخب السياسية، لا سيَّما في أعقاب حركة احتجاجات أكتوبر 2019، تحفَّز المرشَّحون أيضاً على تصنيف أنفسهم على أنَّهم «مستقلون» لحماية أنفسهم من العقاب الانتخابي لانتماءاتهم السابقة. مع العلم أنَّ قواعد تشكيل الحكومة أقل مرونة لتأثيرات تغييرات النظام الانتخابي كما يصف «حمزة حدَّاد» في مقالته (الطريق إلى تشكيل الحكومة في العراق). وعلى العكس من ذلك، فإنَّ العوامل نفسها –دوائر انتخابية أصغر وموجة الاستياء العام من النخب السياسية- يمكن أن تحفِّز القادة المحليين الطموحين وناشطي المجتمع المدني على الترشُّح للمناصب بصفتهم مستقلين غير حزبيين. أعتمدُ في هذا التقرير على البيانات التي جُمِعت من السير الذاتية للمرشحين الجدد، والمقابلات مع المرشحين والناشطين المحليين، وكذلك بيانات الرأي العام لتقديم إجابات لهذه المناقشات النقدية: مَن هم المستقلون في العراق؟ مَن هي الأحزاب السياسية الجديدة؟ والأهم من ذلك، هل يمكنهم تحقيق التغيير الموعود؟
من أجل الإجابة عمَّا سبق، سيكون تسلسل هذا التقرير على النحو الآتي: أولاً، سوف أُقدِّمُ لمحةً عامةً عن نتيجة الانتخابات، وأصف البيئة التي حدثت فيها. ثانياً، أُقدِّمُ الأحزاب السياسية الجديدة: «امتداد، وإشراقة كانون» وأُقدِّم لمحةً عامةً عن المسارات المهنية لممثليهم، فضلاً عن تحليلٍ لقدرتهم على الانخراط في السياسة. ثالثاً، أقدِّم لمحةً عامةً مماثلةً عن المرشحين المستقلين، وباستخدام تعريفات مختلفة لـ»الاستقلال»، وأرسم سيناريوهات مختلفة لنتائج الانتخابات والقدرة التفاوضية للأطراف السياسية المختلفة، معتمدةً على العمل الذي قام به زملائي «حمزة حداد» و«هاشم الركابي». أخيراً، أختتم بتقديم إجابة على الأسئلة الموضحة أعلاه وتقديم توصيات للمنظمات التي تسعى إلى تعزيز إقبال الناخبين العراقيين، وكذلك للأحزاب السياسية الجديدة والمرشحين المستقلين الذين يرغبون في خلق مساحة لأنفسهم في المجال السياسي في العراق.

لقراءة المزيد اضغط هنا