يحمل التأريخ في طياته أحداثاً تتباين في تأثيراتها وتداعياتها بين الهامشي المحدود التأثير زمانياً ومكانياً من ناحية، والمفصلي الممتد التأثير زمانياً ومكانياً من ناحية اخرى، وعلى وفق ذلك لا بد لنا من أن نضع الانسحاب الأمريكي الأخير من أفغانستان في خانة النوع الثاني من الأحداث التي من المتوقع أن يمتد تأثيرها لسنين مقبلة وسيتسع تأثيرها إلى ما هو أوسع من المحيط الأفغاني، لا بل إن هذا التغيير سيؤدي دوراً في شكل الصراعات الدولية بين القوى الكبرى في العالم (أميركا، والصين وروسيا)، وأذرعها ووكلائها، وسيكون أحد المؤثرات في إدارة الصراعات الدولية؛ ومن هنا تتأتى أهمية التعاطي معه بموضوعية وبعيداً عن الأهواء والميول العقائدية والدينية والتفكير الرغبوي  (wishful Thinking)، فهذا الانسحاب قد جاء بنتيجة غاية في الأهمية تشكل تغييراً في معادلات الصراع في المنطقة، فبهذا الانسحاب انتقلت حركة طالبان من جبهة العداء للولايات المتحدة إلى جبهة مغايرة أقل ما يمكن قوله عنها إنها جبهة الوكالة للولايات المتحدة، وهذا الانتقال تم على مستوى قيادة الحركة، والأدوار المناطة بالحركة (وفق الاتفاقية الأميركية–الطالبانية)، فالانسحاب الأميركي لم يأت بشكل مفاجئ وليس وليد اليوم بل هو حدث تم التحضير له و اعداده بدقة وهو مؤطر بإطار قانوني يتمثل باتفاقية بين الولايات المتحدة من جهة وحركة طالبان من جهة أخرى، وهذه حقيقة مفتاحية للباحثين في شأن هذا الانسحاب وتداعياته وآثاره الكامنة.

لقراءة المزيد اضغط هنا