back to top
المزيد

    الخلاف على المعابر الحدودية يُعيق الاتفاق على الموازنة بين بغداد وأربيل

    رواز طاهر: كاتب في تقرير نفط العراق.

    محمد حسين: كاتب في تقرير نفط العراق.

    تتبادل الحكومة الاتحادية العراقية، وحكومة إقليم كردستان الاتهامات بشأن الشؤون المالية، على الرغم من تفاؤل البعض بشأن الاتفاق على صفقة تقلل من حدة النزاعات النفطية الدائمة

    يسعى المفاوضون من الحكومة الاتحادية العراقية وحكومة إقليم كردستان إلى التوصل إلى اتفاق من أجل تقاسم الإيرادات عبر حلّ الخلافات القائمة منذ مدة طويلة بشأن المعابر الحدودية، ويعد هذا تغيراً في المحادثات التي ركزت سابقاً في مشكلة النفط بين الإقليم وبغداد؛ إلا أن المفاوضات تعثرت بعد اتهام زعماء أربيل وبغداد لبعضهم البعض بسوء النية. إذ صرح النائب الكردي والعضو في اللجنة المالية النيابية جمال كوجار، قائلاً: “ليس من الصواب القول إن المحادثات بين أربيل وبغداد وصلت إلى طريق مسدود، لكنها لا تسير بسلاسة. ولن تساعد التصريحات من كلا الجانبين في تسريع المحادثات، بل ستعيقها”.

    كان من المفترض أن يصل وفد من أربيل إلى بغداد لوضع اللمسات الأخيرة على شروط اتفاقية من شأنها أن تفتح مدفوعات الموازنة الاتحادية لحكومة إقليم كردستان التي عُلقت منذ شهر أيار الماضي. وعلى وفق العديد من المسؤولين المقربين أو المشاركين في المحادثات، فقذ اتفق الجانبان على إطار عمل عام تقوم فيه حكومة إقليم كردستان بتسليم نصف إيراداتها الحدودية مقابل الحصول على 300-350 مليار دينار عراقي -ما يعادل 252-296 مليون دولار- من مدفوعات الموازنة الاتحادية.

    وقال أحد المسؤولين المشاركين في المفاوضات: “أُزيلت جميع العقبات، والاتفاق على وشك أن يتم”. وأكد عضو مجلس النواب العراقي غالب محمد أن: “كل المؤشرات تشير إلى أن بغداد وحكومة إقليم كردستان على وشك التوصل إلى اتفاق”.

    لم تتلق حكومة إقليم كردستان مدفوعات الموازنة الشهرية المنتظمة منذ شهر نيسان، إذ أدى الانخفاض الحاد في أسعار النفط إلى دخول الحكومة الاتحادية في أزمة مالية حادة؛ مما أجبر قادة بغداد على اتخاذ تدابير لتوفير التكاليف. وأدت الأزمة المالية إلى تفاقم الخلافات على النفط وتقاسم الإيرادات. وأحد جوانب هذا النزاع هو الخلاف بشأن كيفية تفسير أحدث قانون للموازنة الاتحادية وتنفيذه، الذي من شأنه دعوة حكومة إقليم كردستان إلى تسليم أكثر من 250 ألف برميل يومياً من النفط إلى السلطات الاتحادية مقابل إرسال حصة الإقليم الشهرية من الموازنة.

    وتعرضت حكومة إقليم كردستان إلى أزمة مالية، ليس فقط بسبب عدم إرسال بغداد لحصة الإقليم من الموازنة، لكن أيضاً بسبب الانخفاض الحاد في الإيرادات المحققة من مبيعات النفط المستقلة، والديون التي تزيد على 20 مليار دولار، والإنفاق غير المستدام للقطاع العام.

    حينما تولّى رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي منصبه في شهر أيار الماضي، اتخذت المفاوضات منحًى جديداً، فبدلاً من تركيز المحادثات على موضوع النفط مقابل حصول الإقليم على حصته من الموازنة، بدأ الجانبان التركيز على إمكانية جعل تحويلات الموازنة الشهرية لحكومة إقليم كردستان متوقفة على التنازل عن السيطرة الجزئية على تدفقات الإيرادات القادمة من المعابر الحدودية مع إيران وتركيا التي تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان. ووصف مسؤولو حكومة إقليم كردستان الصفقة المحتملة بأنها ترتيب مؤقت يمكن تغييره على الأرجح باتفاقية أكثر شمولاً في قانون موازنة عام 2021 المرتقب.

    ومنذ التصديق على الدستور العراقي عام 2005، فشل القادة السياسيون في وضع إطار قانوني من شأنه أن يرسم خطوطاً واضحة للسلطة على قطاع النفط في البلاد، ويضع آلية ثابتة لحصول الإقليم على حصته من الموازنة الاتحادية. وبدلاً من ذلك، تفاوضت بغداد وأربيل على عدة اتفاقيات مؤقتة لتسويق النفط وتقاسم الإيرادات، ولكل منها مدة صلاحية تنتهي حينما تتغير الظروف السياسية أو ظروف السوق.

    وتضمن أحدث اتفاق بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان أن يتلقى الأخير ما يقرب من 380 مليون دولار شهرياً من الحكومة الاتحادية مع الاحتفاظ بجميع الإيرادات من المعابر الحدودية وصادرات النفط المستقلة، وهو ترتيب غير مستساغ في بغداد التي لم تستطع تحمل الضربات المزدوجة لتغيير الحكومة وانهيار أسعار النفط.

    وركز الكاظمي في تأكيد فرض سيطرة الدولة على حدود العراق مؤخراً في الوقت الذي يحاول فيه القضاء على الفساد، وإنهاء ضعف سيطرة الدولة في جميع المعابر الحدودية، ما عدا المعابر التي تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان، إذ تخضع العديد من المعابر الحدودية في جنوب العراق إلى حد كبير لسيطرة الجماعات شبه العسكرية، وبعضها يخضع لسيطرة الأحزاب السياسية وغيرها من الجماعات الاخرى.

    أما المعابر الحدودية لحكومة إقليم كردستان مع تركيا وإيران فيسيطر عليها الحزبان السياسيان الرئيسان في كردستان، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، منذ مدج طويلة، وكانا مترددين في السماح للحكومة الاتحادية بالتحقق من بيانات الجمارك والإيرادات. وأعرب مسؤولون أكراد من خارج الحزبين الأساسيين عن أسفهم لما يقولون إنه نقص في الشفافية فيما يخص باحتفاظ حكومة إقليم كردستان بجميع التعريفات الجمركية. إذ صرح النائب عن حزب كومال الكردي أحمد حاج رشيد أن عدم الرغبة في التنازل عن السيطرة على المعابر الحدودية يهدد اتفاق أربيل-بغداد.

    وأضاف رشيد: “أن الصفقة المعروضة من الحكومة الاتحادية مقابل تسليم النقاط الحدودية هي لصالح شعب كردستان، وليس لصالح قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني”.

    في الواقع، دُققت بعض المعابر الحدودية خلال جولة قامت بها الحكومة الاتحادية مؤخراً. وصرح مسؤولو حكومة إقليم كردستان سابقاً بأن النقاط الحدودية المختلفة لديها أنظمة مختلفة لحساب الإيرادات الجمركية. وأدت التصريحات المتبادلة بين الجانبين إلى تعطيل المحادثات التي تركز في المعابر الحدودية، والتشكيك فيما إذا كان انهيار المفاوضات وشيكاً. واشتكت حكومة إقليم كردستان من عدم الحصول على حصة الإقليم من الموازنة لمدة ثلاثة أشهر، وشككت في صدق الحكومة الفيدرالية في المفاوضات مع انتهاكها للدستور.

    في المقابل، أصدرت وزارة المالية الاتحادية بياناً زعمت فيه أيضاً حدوث انتهاكات دستورية، موضحة فيه أن “فشل حكومة إقليم كردستان في إبداء المرونة الكافية ومحاولاتها لإلقاء اللوم على [الحكومة الاتحادية] بشأن قضية المدفوعات المالية العالقة، يمثل تهرباً غير مقبول من المسؤولية”.

    وقال العضو في اللجنة المالية بمجالس النواب العراقي السيد كوجار إن المحادثات عن المعابر الحدودية متوترة؛ بسبب التفسيرات المتضاربة لكيفية تفويض الدستور العراقي الغامض للحكومة للسيطرة على التجارة الحدودية على غرار الغموض الدستوري في الخلافات النفطية بين بغداد وأربيل.


    المصدر:

    https://www.iraqoilreport.com/news/public-spat-hampers-border-focused-baghdad-erbil-budget-deal-43003/