مارك بولوند، اقتصادي مختص بشؤون الشرق الأوسط وأفريقيا في وكالة بلومبيرج.

ازداد خطر تعرض المملكة العربية السعودية إلى ركود اقتصادي هو الأول منذ 15 عاماً بنحوٍ ملحوظ، مع تقارير تشير إلى أن المملكة تخفض إنتاج النفط بنسبة تصل إلى 500 ألف برميل يومياً، ومع ذلك، من غير الوارد أن يؤدي ذلك إلى تغيير الخطط الاقتصادية المتوسطة الأجل للحكومة للحد من إصلاح الإنفاق العام الممول من عائدات النفط والغاز، وفي حين تراجعت حصة الإيرادات غير النفطية هذا العام بسبب ارتفاع أسعار النفط، إلا أن ميزانية عام 2017 تظهر أن هناك جهوداً لتعزيز الكفاءة الاقتصادية.

تباطأ النمو الاقتصادي إلى 0.9٪ في الربع الثالث من العام الماضي بعد أن كان 1.4٪ في الربع الذي سبقه، إذ انكمش القطاع غير النفطي بنسبة 0.7٪، وتراجع الربع الثالث بأربع نقاط، في حين نما قطاع النفط بنسبة 3.6٪، ويرجع ذلك لحد كبير إلى زيادة الإنتاج في حقول شيبة، إذ ساهم هذا بـ1.6 نقطة مئوية في التوسع الذي شهده الربع الثالث في القطاع النفطي، ويتماشى هذا مع زيادة إنتاج النفط الخام الذي زاد من نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال العام.

121212

على الرغم من ذلك، يُرجَّح أن تكون مساهمة قطاع النفط أضعف في الربع الرابع من العام الماضي بعد أن تم خفض الإنتاج على وفق ما يراه المحللون؛ وهذا يعني أن القراءة السلبية لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الرابع ستكون ممكنة، على الرغم من وجود تأثير إيجابي في قاعدة تخفيضات الإنفاق الحكومي في الربع الرابع من عام 2015، وفضلاً عن ذلك، قامت الحكومة بدفع المتأخرات المالية التي بلغ مجموعها 100 مليار ريال (27 مليار دولار) لشركات القطاع الخاص خلال الربع الأول من العام الماضي، التي ينبغي أن تزيد الإنفاق في القطاع غير النفطي، وكانت الحكومة قد توقعت أن النمو في عام 2016 سيكون 1.4٪ في ميزانية عام 2017، التي قدمت يوم 22 من كانون الأول الماضي، في حين أن أحدث استطلاع لبلومبيرج -الذي صدر يوم 5 من كانون الثاني- يضعه عند 1.1٪.

22123312

توقعات عام 2017 أقل تفاؤلاً إذ من  المحتمل أن يتحول النفط من كونه المحرك الرئيس للنمو إلى ما يعيق توسع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، مع تقارير تفيد بأن السعودية خفضت إنتاجها بالفعل بما يقرب من 500 ألف برميل يومياً، ويمكن لخفض إنتاج النفط أن يقلّل من نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عام 2017 بمقدار نقطتين مئويتين، وجنباً إلى جنب مع الجهود المتواصلة لتوحيد الميزانية، فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى أن يدفع النمو الاقتصادي في المملكة العربية السعودية تحت الصفر في عام 2017 للمرة الأولى منذ 15 عاماً، في الوقت الذي يستعد فيه المستهلكون لمواجهة مزيدٍ من الإصلاح المالي على المدى المتوسط.

334455

تتضمن ميزانية عام 2017 زيادة 8٪ في الإنفاق ليصل إلى 890 مليار ريال سعودي، ولكن الإنفاق هذا العام سيكون أقل بـ5٪ مما كان عليه عام 2016، إذا تم تضمين سداد المتأخرات وغيرها من البنود على وفق الأرقام الحكومية، وفضلاً عن ذلك من المرجّح أن تؤدي الزيادات في أسعار الوقود وخطط فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5٪ على جميع المنتجات في أوائل عام 2018 إلى تخفيض الإنفاق الاستهلاكي -بعض التخصيص المبكر للإنفاق ممكن حينما يتم الإعلان عن موعد فرض ضريبة القيمة المضافة-، وسيتم تنفيذ ضريبة المكوس على المنتجات الضارة، بما في ذلك فرض ضريبة 50٪ على المشروبات الغازية و100٪ على التبغ ومشروبات الطاقة في الربع الثاني من عام 2017، وتسعى الحكومة إلى الحصول على 10 مليارات دولار سنوياً من ضريبة القيمة المضافة بحلول عام 2020.

ستأتي الزيادة الرئيسة وراء توقعات خفض العجز في الميزانية إلى 198 مليار ريال سعودي، أو 7.7٪ من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كانت تقدر بـ297 مليار ريال دولار، أو 11.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016، بنسبة 46٪ من عائدات النفط، وهذا يبدو متفاؤل جداً، نظراً لخفض الإنتاج وافتراض أن أسعار النفط تساوي 55 دولاراً للبرميل في سيناريو الحالة الأساسية للحكومة.

ومن المتوقع أن تزيد الإيرادات غير النفطية بنسبة 7٪؛ وهذا يعني أن حصة الإيرادات غير النفطية ستنخفض من 38٪ إلى 32٪، الأمر الذي قد يبدو غير بديهي نظراً لجهود الحكومة للحد من اعتمادها على قطاع النفط والغاز، ومع ذلك تم تعزيز الإيرادات غير النفطية في عام 2016 من خلال مضاعفة التحويلات من مؤسسة النقد العربي السعودي، وإذا ما مضت الحكومة قدماً، فينبغي أن تزيد ضريبة القيمة المضافة من الإيرادات غير النفطية في العام المقبل، ويبقى هدف مضعافة الإيرادات غير النفطية بثلاث مرات للحصول على 530 مليار ريال سعودي بحلول عام 2020 هدافاً طموحاً.

للحصول على تمويل من المرجح أن تعود المملكة العربية السعودية إلى سوق السندات السيادية الدولية في النصف الأول من هذا العام بعد الرقم القياسي المقدر بـ17.5 مليار دولار الذي ظهر لأول مرة في تشرين الأول من العام الماضي؛ وهذا سيدر عليها بحوالي 10-15 مليار دولار -على وفق مصادر قضائية-؛ وهذا يسمح للحكومة أن تخصص درجة أعلى من أصولها الاحتياطيات الأجنبية الكبيرة للاستثمار مثل صندوق التكنولوجيا العالمي، وكذلك التقليل من مخاطر مزاحمة الائتمان المقدم للقطاع الخاص من خلال الاقتراض المكثف في السوق المحلية.


المصدر:

https://www.bloomberg.com/professional/blog/insight-oil-output-cut-raises-spectre-recession-saudi-arabia/