أمبروز إيفانز بريتشارد، محرر إدارة الأعمال الدولية لصحيفة الديلي تلغراف.

بدأت أسوأ مخاوف أوبك تتحقق، فبعد عشرين شهراً من القرار الذي اتخذته المملكة العربية السعودية بإغراق الأسواق العالمية بالنفط، فشلت المملكة في كسر صناعة الصخر الزيتي في الولايات المتحدة.

وقد نجحت دول الخليج بقيادة السعودية في إنهاء سلسلة من المشروعات العملاقة العالمية في المياه العميقة، إذ سيكون الاستثمار في عمليات الاستكشاف البحرية من عام 2014 إلى عام 2020 أقل بـ(1.8) تريليون دولار عما كان سابقاً على وفق ما ذكره استشاريون في شركة (IHS) -وهي شركة تقدم ملعومات وتحاليل تساعد صانعي القرار في الحكومات والشركات الاقتصادية- إلّا أن ذلك يعد انتصاراً مريراً في أحسن الأحوال.

خفضت المضخات الهيدروليكية في أمريكا الشمالية من تكاليف الإنتاج بسرعة، حتى أن معظم الشركات بدأت تنتج الآن بأسعار أقل بكثير من المستويات المطلوبة؛ لتمويل السعودية وآلتها العسكرية، أو لتغطية العجز في ميزانية أوبك.

ارتفع انتاج النفط الصخري الأمريكي أضعافاً مضاعفة، وأحدث تراجعاً -هو مجرد نكسة مؤقتة-. المصدر: إدارة معلومات الطاقة.
ارتفع انتاج النفط الصخري الأمريكي أضعافاً مضاعفة، وأحدث تراجعاً -هو مجرد نكسة مؤقتة-. المصدر: إدارة معلومات الطاقة.

ادعى الرئيس المنتهية ولايته لشركة بيونير ناجيرال ريسورس (Pioneer Natural Resources) سكوت شيفيلد بأن تكاليف الإنتاج قبل الضريبة في منطقة البيرمين غرب تكساس (Permian Basin) قد انخفض إلى (2.25) دولار للبرميل، وقال: “بالتأكيد يمكننا أن تتنافس مع أي شيء تمتلكه المملكة العربية السعودية، فنحن لدينا أفضل الصخور”.

 أدت التحسينات الثورية في تكنولوجيا الحفر والبيانات التحليلية إلى تغيير تكاليف الإنتاج بشكل أسرع مما توقعه أي شخص، إذْ بلغ “معدل انخفاض” الإنتاج خلال الأشهر الأربعة الأولى لكل بئر حوالي 90 %  قبل عقد من الزمن لمضخات الولايات المتحدة، لينخفض إلى 31 %  في عام 2012، ووصل الآن إلى 18% ، لإن الحفارين قد تعلموا كيفية الاستخراج بشكل أكثر.

وقال السيد شيفيلد إن حقول البيرمين متميزة مثل حقل الغوار العملاق في المملكة العربية السعودية، ويمكن التوسع في الإنتاج من 2 مليون إلى 5 ملايين برميل يومياً حتى لو لم يرتفع سعر النفط فوق 55  دولاراً.

وقد خفضت شركته تكاليف الإنتاج بنسبة 26 % خلال العام 2105، وتعد هذه الشركة إحدى الشركات الرائدة الآن، إذ ستضيف خمس منصات جديدة على الرغم من انخفاض أسعار النفط دون 40 دولارا.

ارتفع معدل إنتاج شركة بيكر هيوز من منصات النفط في أمريكا الشمالية خلال سبعة أسابيع إلى 374 منصة حفر، وارتفع متوسط الإنتاجية خمسة أضعاف في منطقة البيرمين منذ أوائل عام 2012.

عمال في موقع Statoil USA التابع لمجموعة Ford Eagle، وهم يستعدون لمد خط أنابيب. المصدر: ديفيد جافيين لرويترز.
عمال في موقع Statoil USA التابع لمجموعة Ford Eagle، وهم يستعدون لمد خط أنابيب. المصدر: ديفيد جافيين لرويترز.

يقدر الاستشاريون من وود ماكينزي في تقرير حديث أن الدورة الكاملة لتكاليف التعادل قد انخفضت إلى 37 دولاراً في مناطق Wolfcamp وBone Spring في منطقة البيرمين، وإلى 35 دولاراً في وسط أوكلاهوما وجنوبها.

إن غالبية حقول الصخر الزيتي في الولايات المتحدة قابلة للعمل عند سعر 60 دولاراً، وقد يكون هذا شيئاً إيجابياً لمنظمة أوبك، فقد كان هناك إيمان بين مصدري النفط الخليجيين بأن العقود قد أبقت شركات الصخر الزيتي الأمريكية على جهاز الإنعاش، وهذا من شأنه أن يكون طريقة وحشية لإنهاء هذه الشركات مع انتهاء هذه العقود في النصف الأول من هذا العام.

3

أعلنت الكثير من الشركات النفطية عن إفلاسها، ولم يبق إلّا القليل من هذه الشركات التي أنقذها الاقتراض، لكن بعد تثاقل الديون أعلنت إفلاسها هي الأخرى، ولكن شركات بلاكستون وكارلايل وغيرها من الشركات الخاصة تنتظر في الخفاء لشراء الأصول المتعثرة والاستيلاء على البنية التحتية. لقد نجت حفريات الشركات المتوسطة من حالة الانكماش، إذ لا يزال الكثير قادرين على الحصول على أموال بتكلفة منخفضة.

تراجع الناتج الإجمالي للنفط في الولايات المتحدة بحدود (1.2) مليون برميل يومياً ليصل إلى (8.5) مليون برميل منذ الذروة التي بلغها في نيسان عام 2015، ولكن الإنتاج بدأ بالانخفاض منذ ذلك الحين.

قد تضطر أوبك الآن إلى الاستعداد لحرب استنزاف طويلة أكثر من أي وقت مضى، فلا تزال المخزونات العالمية من النفط الخام قرب أعلى مستوياتها على الإطلاق، إذ يتم تخزين كميات قياسية على الناقلات قبالة الشواطئ.

قللت حرائق الغابات في كندا وهجمات المتمردين في نيجيريا والاضطرابات العالمية الأخرى من كميات النفط في الأسواق العالمية بحوالي 4 ملايين برميل يومياً خلال شهري آيار وحزيران، مقللاً بذلك من وفرة النفط المستمرة في العالم، وبدأت هذه الاضطرابات بالزوال، واخفضت الأربعة ملايين برميل إلى مليوني برميل يومياً، وهذا هو السبب الرئيس في تراجع أسعار الخام الأمريكي بنسبة 20%  إلى 41 دولاراً خلال الأسابيع الستة الماضية.

تقول شركة مورغان ستانلي -وهي مؤسسة خدمات مالية واستثمارية أمريكية متعددة الجنسيات وتعتبر من أكبر المؤسسات المصرفية في الولايات المتحدة والعالم- إن عملية إعادة التوازن إلى الأسواق العالمية قد تأخرت لسنة أخرى حتى منتصف عام 2017.

والأسوأ من ذلك لأوبك، يقول استشاريو شركة رايستيد للطاقة إن 90% من أصل 3900 بئر محفورة تم إنجاز حفرها إلّا أنها لم تكتمل، وتتوقع شركة سيتي جروب إنتاج نحو مليون برميل إضافي يومياً في أواخر عام 2016.

4

لقد غيرت هذه الرشاقة في العمل طبيعة دورة النفط، وهذا يعني أن أوبك تواجه رياحاً عكسية لم يسبق لها مثيل من المنتجين المتوسطين، إذْ قالت شركتا ستالوارت أناداركو وهيس أنهما سينتظران أن تصل الأسعار إلى 60 دولاراً قبل الاستثمار بشكل كبير، ولكنهما يستعدان بالفعل على أرض الواقع.

إن الخاسر من هذا هي المشاريع ذات التكلفة العالية في أماكن أخرى مثل تلك التي قبالة سواحل نيجيريا وأنغولا وفي منطقة القطب الشمالي، أو في الرمال النفطية في كندا وحوض أورينوكو في فنزويلا، إذْ تم تأجيل عرض 4 إلى 5 ملايين برميل يومياً من المعروض المستقبلي في جميع أنحاء العالم.

هذا يمهّد الطريق لنقصان إمدادات النفط وارتفاع الأسعار في وقت لاحق من هذا العقد، وإن بقاء أوبك على قيد الحياة لهذا الوقت الطويل لا يزال مثاراً للتساؤل، إذ يحتاج معظم أعضاء المنظمة إلى أن تصل أسعار النفط إلى أكثر من 100 دولار لتمويل أنظمتهم.

5

تمتلك المملكة العربية السعودية أموالاً كثيرة، ولكن صافي احتياطياتها الأجنبية انخفض من 737 مليار دولار إلى 562 مليار دولار، وعلى الرغم من أنها تقترض المال من الخارج؛ للحد من خسائرها، إلا أنها خسرت 11 مليار دولار أخرى الشهر الماضي، وتحاول الرياض الحد من دعم احتياجات المواطن -كدعم الوقود- فقد اضطرت إلى إقالة وزير النفط ومن ثم التراجع عن هذا القرار بعد ارتفاع أسعار مياه الشرب بمعدل 500% ؛ مما أدى إلى غضب شعبي، ويقول صندوق النقد الدولي إن عجز الموازنة في السعودية سيكون 13% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، ولكن لا أحد يعرف هذا حقاً، لأنَّ الإنفاق العسكري الحقيقي سري، والدعم السعودي لمصر ولعملاء أخرين لا يزال مبهماً، وربما تمتلك الرياض احتياطياً آمناً يبقيها واقفة لمدة ثمانية عشر شهراً أخرى بأسعار النفط الحالية قبل أن تغيير التصورات وتهرب رؤوس الأموال مما يزيد الخطر.

وبالمحصلة إذا تمكنت غرب تكساس من زيادة الإنتاج بـ(3) ملايين برميل يومياً في أي سعر قريب من 55 دولاراً للبرميل -كما يزعم السيد شيفيلد- فقد يكون على السعوديين الحفر وهم في حصار طويل ومؤلم جداً.


 

ملاحظة :
هذه الترجمة طبقاً للمقال الأصلي الموجود في المصدر ادناه ، والمركز غير مسؤول عن المحتوى ، بما فيها المسميات والمصطلحات المذكوره في المتن .

المصدر:

http://www.telegraph.co.uk/business/2016/07/31/texas-shale-oil-has-fought-saudi-arabia-to-a-standstill/