سيف ضياء دعير/ طالب دكتوراه السياسات العامة في كلية العلوم السياسية / جامعة النهرين.
تمر الولايات المتحدة الأمريكية بأزمة هوية شديدة العمق في السنوات الأخيرة في ظل بوتقة الانصهار الثقافي التي طالما شكلت ركيزة أساسية للهوية الوطنية الأمريكية والتي كانت مصدر فخر الأمريكيين. إذ اتخذ هذا التحدي منحى جديداً مع تصاعد النقاش حول طبيعة الهوية الأمريكية، خاصةً بين الأمريكيين ذوي الأصول المكسيكية على وجه الخصوص، الذين باتوا في قلب هذا الجدل مع زيادة التوترات العرقية والثقافية، هذه الظروف سلطت الضوء على مخاوف تتعلق بالتفكك الوطني، التي حذر منها العالم الأمريكي صمويل هنتنجتون*، مشيراً إلى صراع ثقافي محتمل بين الجالية الأمريكية من أصول مكسيكية وباقي مكونات المجتمع، والذي يهدد التماسك الاجتماعي في الولايات المتحدة.
 بينما يُصرّ هنتنجتون على أهمية التجانس والتماسك الأمريكي، يرى آخرون أن الهوية الأمريكية ليست ثابتة، بل هي بوتقة تنصهر فيها مختلف الثقافات، كما تشير الأدلة إلى أن الاضطرابات لا تقتصر على دوائر النقاش الفكري فحسب، بل وجدت صداها أيضاً في السياسات العملية، كما هو الحال في ولاية تكساس، التي تُعدّ بؤرة ساخنة في هذا الصراع، بسبب تراثها المكسيكي الغني، و تجلى هذا الصراع في رفض حاكم تكساس الامتثال لقرار المحكمة العليا بإزالة الأسلاك الشائكة على الحدود مع المكسيك، وتهديده باستخدام الحرس الوطني لحماية الحدود، مما يثير المخاوف من تفاقم الوضع إلى مستويات خطيرة، هذا الفصل من التوترات لا يحمل تداعياته على تكساس وحدها، بل يمكن أن يؤثر في استقرار الولايات المتحدة بأسرها، وبالتالي على التوازن الدولي والاقتصاد العالمي.
 وفي محاولة لمواجهة هذه التحديات، تستعرض الحكومة الأمريكية مجموعة من السياسات الترقيعية، مثل تخصيص ميزانيات لبرامج التنمية في المناطق المهمشة ودعم برامج التعليم والاندماج، إلا أن هذه الجهود تبدو غير كافية لمعالجة جذور المشكلة، مما يزيد التخوفات بشأن احتمالية اندلاع حرب أهلية أو انفصال تكساس.
من هذا المنطلق تسعى هذه الورقة البحثية إلى فحص هذا البُعد، مع الغوص في أعماق الأزمة الهوية الأمريكية، وذلك من خلال الرصد الدقيق الديناميكيات الثقافية والسياسية الراهنة، وذلك في ظل الإشارات التي أطلقها كل من هنتنجتون وميرشايمر بشأن صعوبات الترابط والهيمنة الأمريكية.

لقراءة المزيد اضغط هنا