back to top
المزيد

    ليبيا.. بين صراع السلطة وتفتت الدولة

    صادق علي حسن

    في فبراير/شباط عام 2011 وبعد نجاح الثورة في كل من تونس ومصر في الإطاحة برؤسائهم – قام ليبيون بالثورة على حكم (معمر القذافي)، وبدأت الثورة في شكل مظاهرات سلمية غير أن وحدات مسلحة تابعة للقذافي تعاملت معها بعنف شديد واستخدمت أسلحة شبه ثقيلة في محاولة لقمع الثورة[1]؛ مما نتج عنه تحوّل الثورة إلى (حرب مسلحة) ولاسيما بعد انضمام أعداد كبيرة من أفراد الشرطة والجيش الليبيين إلى الثورة، وانشقاق العديد من المسؤولين في البعثات الدبلوماسية الليبية في الخارج، وسقوط جميع المدن الشرقية وبعض المدن الغربية تحت سيطرة الثوار الذين شكلوا فيها حكومة مؤقتة برئاسة وزير العدل المستقيل (مصطفى عبد الجليل)[2].

    بين شهري أبريل/نيسان وأغسطس/آب من العام نفسه اقتصرت الحرب على مناطق مصراته وجبل نفوسه  في الغرب الليبي، بينما اتخذ المعارضون للقذافي في شرق البلاد مدينة بنغازي “عاصمة مؤقتة” لهم وقامت عدة دول بالاعتراف بهم كممثلين شرعيين للشعب الليبي، وفي أغسطس/آب شن المعارضون هجوماً على طرابلس من محور الزاوية وغيرها من المدن الساحلية بغية القضاء على حكم القذافي نهائياً، وحصل ذلك بالفعل، مما أطاح بنظام القذافي وفراره عن مقر قيادته الشهير “بابا العزيزية “واعتراف الأمم المتحدة بليبيا تحت حكومة المجلس الوطني الانتقالي برئاسة المستشار (مصطفي محمد عبد الجليل)، وبحلول أكتوبر/تشرين الأول سقطت آخر معاقل القذافي في بني وليد وسرت، وقُتِل القذافي مع عدد من أبنائه في
    20 أكتوبر/تشرين الأول حينما سقط آخر معاقله في سرت[3].

      كان حصاد ثورة فبراير/شباط 2011 التي أدت إلى الإطاحة بحكم معمر القذافي سريعاً، إلى الصراعات السياسية وأفضت هذه الصراعات إلى حرب مسلحة بين فصائل مختلفة متعددة الأذرع العسكرية بتعدد الكيانات السياسية، إذ إن هؤلاء مرتبطون إما بمصالح مناطقية لمدنهم وقبائلهم وإما بتحالفات خارجية؛ مما فسحت المجال لأطراف إقليمية ودولية بالتدخل في الشؤون الليبية وإذكاء الصراعات الدائرة، وإعادة رسم خريطة التوازنات طبقاً لتقاطع المصالح بين الدول والأطراف التابعين لهم.

    ويتلخص الصراع الليبي الداخلي الدائر بين أربع منظمات متناحرة تسعى للسيطرة على ليبيا إذ بدأت جذور الأزمة عقب ثورة عام 2011، فكانت أبرز سماتها وجود عدة جماعات مسلحة خارج سيطرة الحكومة، وكان غالبية الصراع بين مجموعة أطراف كان الطرف الأول فيها الحكومة المعترف بها دولياً والمنبثقة عن مجلس النواب الذي انتخب ديمقراطياً في عام 2014 الذي يتخذ من مدينة طبرق مقراً مؤقتاً له، والمعروفة رسمياً باسم (الحكومة الليبية المؤقتة) ومقرها في مدينة شحات شرق البلاد، أما الطرف الثاني فكانت حكومة إسلامية أسسها المؤتمر الوطني العام ومقرها في مدينة طرابلس، والطرف الثالث حكومة مجلس النواب المعترف بها دولياً التي لديها ولاء الجيش الليبي تحت قيادة الفريق (خليفة حفتر) الذي يحظى بدعم من مصر والإمارات العربية المتحدة[4] وفرنسا، أما الطرف الرابع فهي الحكومة الإسلامية التابعة للمؤتمر الوطني العام، وتسمى أيضا بـ(حكومة الإنقاذ) التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين ومدعومة من قبل تحالف جهات إسلامية تعرف باسم (فجر ليبيا)[5] وتحظى بمساعدة من قطر، والسودان، وتركيا[6].

     وفضلاً عن تلك الجهات الرئيسة في الصراع إلّا أن هناك أيضاً جماعات متنافسة أخرى أصغر تمثل (مجلس شورى ثوار بنغازي الإسلامي) الذي تقوده جماعة (أنصار الشريعة) -الذي حصل على دعم مادي وعسكري من المؤتمر الوطني العام- وتنظيم (داعش) في بعض المناطق الليبية[7]، وكذلك ميليشيات (الطوارق) في غات التي تسيطر على المناطق الصحراوية في جنوب غرب البلاد، والقوات المحلية في منطقة مصراتة التي تسيطر على بلدتي بني وليد وتاورغاء، وهؤلاء المتحاربون هم ائتلافات من الجماعات المسلحة التي تغيّر الجانب الذي تحارب معه في بعض الأحيان[8].

      أما بشأن الاشتباك والتسارع في الدعم لتحقيق مصالح الأطراف الدولية في ليبيا فقد نجحت التدخلات الخارجية لاستعمار صُنّاع القرار في ليبيا؛ بسبب الضعف الداخلي الليبي، وكذلك للهروب من عدم الاستقرار بسبب التفكك الذي طرأ على الدولة الليبية التي يصعب معها المحافظة على كيان الدولة وإرادة الشعب، فقد قال قائد سلاح الجو في القوات الليبية الموالية للبرلمان المعترف به في شرق البلاد (شرق الجروشي) إن (مجموعات من العسكريين الفرنسيين والأمريكيين والبريطانيين) تعمل في ليبيا على مراقبة تحركات تنظيم (داعش)، وذكر أن هناك حوالي عشرين جندياً في قاعدة (بنينا) ببنغازي، تقضي مهمتهم مراقبة تحركات (تنظيم داعش) وكيفية تخزينه للذخائر، نافياً أن تكون هناك قوات أجنبية تقاتل نيابة عن القوات الليبية، وكان الرئيس الفرنسي (فرانسوا أولاند)، قد أعلن مقتل ثلاثة جنود فرنسيين في حادث تحطم مروحية في الشرق الليبي خلال مهمة استطلاع، فيما قالت مصادر ليبية إن المروحية أسقطتها نيران ميليشيات إسلامية[9].

     وعقب مقتل العسكريين الثلاثة شنّت فرنسا غارات جوية استهدفت مواقع لتنظيم (داعش) وأسفرت عن مقتل 16 مسلحا على الأقل، على وفق ما نقلته وكالة (أسوشيتد بريس)؛ ويعد هذا أول إعلان لفرنسا عن تواجدها العسكري في ليبيا؛ فيما دب الخلاف بين ليبيا وفرنسا، حينما انكشف التواجد العسكري الفرنسي على الأراضي الليبية عقب مقتل ثلاثة عسكريين فرنسيين هناك، وذلك التواجد الذي كان سرياً لداعم للجنرال (خليفة حفتر).

     يبدو أن الدعم سيستمر في المستقبل على الرغم من تطمينات فرنسية مُعلنة بأنها تدعم حكومة الوفاق الوطني الليبي، التي كانت من مخرجات اتفاق الصخيرات المدعوم غربيًّا وأمميًّا، ذلك الاتفاق الموقع في 17 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، بين مختلف الأطراف الليبية، الذي ينص على عدم السماح (بأي تدخل أجنبي دون موافقة ليبية)، إلّا أن ذلك لم يمنع فرنسا من تقديم الدعم العسكري السري للقوات الموالية لحفتر التي تُعارض حكومة الوفاق المُعترف بها دوليًّا.

     وقبل أول اعتراف رسمي فرنسي عن وجود قوات عسكرية لها في ليبيا – ولاسيما في الشرق الليبي حيث سيطرة القوات الموالية لحفتر- ظهرت العديد من العلامات والتسريبات التي كشفت هذا الدور الفرنسي في دعم حفتر عسكرياً ففي التاسع من يوليو (تموز) 2016، نشر موقع (ميدل إيست آي) البريطاني تسجيلات صوتية مُسربة لمحادثات الخطوط الجوية في بنغازي شرقي ليبيا كشفت عن دعم عسكري فرنسي وغربي[10] للقوات الموالية لحفتر شرقي البلاد بوجود غرفة عسكرية غربية بقيادة فرنسية هناك[11].

     منذ ظهور اللواء المتقاعد (خليفة حفتر) على الساحة في مايو/آيار عام 2014 أُثيرت الشكوك حول الدعم الإماراتي له سياسيّاً وعسكريّاً وماديّاً؛ كي يتم التخلص من المؤتمر الوطني العام والفصائل الإسلامية المسلحة، لكن الشكوك أُثيرت منذ البداية عن طريق عدد من التقارير العربية والاجنبية، إذ تحدثت صحيفة نيويورك تايمز – في أغسطس/آب عام 2014 عن ضلوع كلٍّ من مصر والإمارات في اتفاق سري بينهما أدى لشن غارة جوية في طرابلس كتصعيد عسكري –لم يكن معلناً آنذاك– ضد المؤتمر الوطني العام وما يدعمه من مجموعات مسلحة إسلامية، وتعدى هذا الأمر صحيفة نيويورك تايمز لتؤكد الولايات المتحدة عبر تصريحات رسمية بأن الإمارات ومصر شنتا غارات جوية على ليبيا ولكن الإمارات نفت ذلك[12]. بينما اختارت قطر -تماشياً مع دعمها لحركات (الإسلام السياسي) في المنطقة- دعم قوات فجر ليبيا التي تتمركز في مصراتة وتسيطر على طرابلس، وكانت تحقيقات وسائل إعلامية فرنسية قد كشفت العام الماضي عن أن قطر بمعية تركيا تسددان رواتب طيارين يحاربون في صف قوات فجر ليبيا؛ فيما وجهت الإمارات والسعودية دعمهما المالي والعسكري نحو قوات حكومة طبرق العدو اللدود لقوات فجر ليبيا؛ بهدف الحد من نفوذ (الإسلاميين) داخل ليبيا، كما فعلتا في مصر، وتروج تقارير إعلامية بين الفينة والفينة بأن الإمارات تشن غارات جوية في مدينة أجدابيا ومصراتة.

    أما النظام الحاكم في مصر فلا يخفي تأييده لقوات حفتر في القضاء على ما يصفهم بالجهاديين، وقد سبق لطائرات مصرية أن نفذت غارات جوية ضد جماعات إسلامية وصفتها بأنها متشددة في مناطق متفرقة من ليبيا، رداً على (مذبحة الرهائن) التي قام بها تنظيم داعش في حق عاملين مصريين بليبيا[13].

    وقد عرفت أجهزة الاستخبارات الغربية والدبلوماسيون منذ مدة أن الإمارات العربية المتحدة وقطر تقومان بدعم حلفائهما المتنافسين في ليبيا من خلال إمدادهم بالسلاح، وذلك منذ بداية الثورة الليبية ضد حكم
    (معمر القذافي) في عام 2011، وأن الحرب بالوكالة بين الدولتين الغنيتين بالنفط قد ساعد على إشعال القتال، إلا أن بعض التقارير التي يعود تأريخها إلى ربيع هذا العام أشارت إلى نوع من الاتفاق بين الدولتين قد يؤدي في النهاية إلى توقفهما عن تسليح طرفي النزاع. على الرغم من إعلان كل من البلدين دعمهما لمحادثات السلام التي تشرف الأمم المتحدة عليها .[14]

    وفي الوقت الذي يتلقى فيه تنظيم (داعش) ضربات موجعة في كل من العراق وسوريا من قبل الجيش العراقي وطائرات التحالف الدولي، لم يزل التنظيم قادراً على التمدد في ليبيا مستثمراً الفوضى التي تعيشها البلاد، إذ بدأ تواجد تنظيم داعش في ليبيا منذ 19 نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2014، حينما فرض سيطرته على مدينة درنة شرق البلاد، ورفع رايته فوق أبنيتها الحكومية، وحوّل ملاعبها الرياضية إلى معسكرات تدريب للوافدين الجدد؛ لتبدأ بعد ذلك خلاياه بالتمدد بالمدن المجاورة؛ إذ سيطر على مدينة (سرت) -مسقط رأس الرئيس الليبي السابق (معمر القذافي)- في فبراير/شباط من العام الماضي، وطلب التنظيم من سكانها مبايعة زعيمه (أبي بكر البغدادي)، وذلك بعد أن استولى على الإذاعات الخاصة هناك، وقد توغل عناصره في مدن (صبراتة، ومصراته، وبنغازي)، ومناطق أخرى من ليبيا.

    من جانب آخر حذّر تقرير وصف بـ(السري) قدمه الأمين العام للأمم المتحدة (بان كي مون) إلى مجلس الأمن، من أن تصبح ليبيا معقلاً لتنظيم (داعش)؛ لاستقطاب من أسماهم بـ(متطرفي البلدان المجاورة)، أو نقطة لانطلاق خلاياه المتجهة لمهاجمة أمن دول شمال أفريقيا، وذكر كذلك التقرير أن هنالك ما بين ألفي وخمسة آلاف عنصر تابعين لداعش ينحدرون من (ليبيا، وتونس، والجزائر، ومصر، ومالي، والمغرب، وموريتانيا)، فضلاً عن المحافظات الليبية (سرت، وطرابلس، ودرنة)، وبعضهم عاد إلى بلده الأصلي؛ بنية تنفيذ هجمات، وكذلك نبه (بان كي مون) إلى أن الجماعات الجهادية في شمال أفريقيا -مثل تنظيم (القاعدة) في المغرب الإسلامي، و(جماعة أنصار بيت المقدس)، و(جماعة أنصار الدين الإسلامية المالية)- تتنقل بسهولة من وإلى ليبيا؛ حيث محطتها لتأمين الإمدادات التي تحتاجها، من سلاح وأموال وعناصر مدربة؛ لمباشرة عمليات مسلحة خارجها[15].

       لم يكن توظيف المرتزقة في حروب ليبيا أمراً جديداً حيث كان نظام (القذافي) قبل سقوطه يستعمل الآلاف من المرتزقة الأفارقة من جنوب الصحراء لقمع مظاهرات ثورة 17 فبراير/شباط، التي اندلعت عام 2011، إذْ أشارت مصادر إلى أن المعارضة في ليبيا تستعمل بعض المرتزقة الغربيين لإطاحة نظام (القذافي) بتمويل خارجي، وما يزال حتى الآن استخدام المرتزقة حاضراً في الحرب بليبيا، من قبل أطراف الصراع المحلية والقوى الخارجية[16]؛ ومن جهة أخرى صارت ليبيا ملجأً للمجرمين الدوليين الهاربين من العدالة، وسوقاً حرةً لتجّار المخدرات والسلاح، وغدت هذه الدولة تستقطب عصابات تهريب المهاجرين، التي تنشط قبالة شواطئ (زوارة الليبية)، مستغلةً الفوضى الأمنية التي تعيشها البلاد.
    ولا يبدو أن حكومة الوفاق تتمتع بقدرة للسيطرة على الدولة الليبية وإدارة شؤونها بفعالية، ويظهر ذلك جليّاً في خروج كثيرٍ من الميليشيات والمجموعات المسلحة عن سلطتها، فهي لا تحظى بقبول كامل الأطراف السياسية المتواجدة بليبيا، فضلاً عن أنها لا تسيطر سوى على مناطق محدودة في التراب الليبي.[17]

     كانت الأطراف الليبية قد توصلت بعد مفاوضات شاقة برعاية أممية إلى تشكيل حكومة وفاق وطني في 15 فبراير/شباط عام 2016، مكونة من (13) حقيبة وزارية وخمسة وزراء دولة، ولم يصادق مجلس النواب الليبي بعد على حكومة الوفاق الوطني، إلّا أن المجلس الرئاسي أصدر تفويضاً للوزراء بممارسة مهامهم الممنوحة، لكن تبقى الحكومة الليبية مهددة بالتشظي في أي وقت -حسب العديد من المراقبين- بالنظر إلى الانشقاقات السياسية الحادة بين القوى الليبية، وعدم قدرتها على الاستفراد بالسلاح، وتزايد حضور الجماعات الجهادية.

      مضت ستُّ سنوات على سقوط نظام القذافي بعد اندلاع ثورة 17 فبراير/شباط 2011، ولا تزال ليبيا غارقة في الفوضى والتفكّك والحرب الأهلية، وعلى الرغم من كل المحاولات التي قام بها المجتمع الدولي من أجل لَمِّ شمل الفرقاء الليبيين فإن وقف إطلاق النار بين الجهات المتصارعة لم ينفذ حتى الساعة؛ بسبب الاتفاقات الهشة ولاسيما بَعْدَ بَدْءِ المبعوث الأممي الخاص (برنارد ليون) طوال عام كامل محادثات التوفيق بين الفرقاء الليبيين المتنازعين؛ بغاية وقف فوضى الصراع المسلح، وانتشار الميليشيات المزدهرة بليبيا، لكن انتهى به الحال إلى إقراراه بفشل في مهمته، ليقدم استقالته بعد شبهات حامت حول انحيازه لبعض الأطراف، بعدها خلفه المبعوث الجديد الألماني (مارتن كوبلر) الذي استكمل رعاية مفاوضات الصخيرات بالمغرب بين الجهات الليبية المتشاحنة، فكان التوصل لوفاق ليبي ليبي بمنزلة بادرة أمل لتأسيس حكومة وفاق وطني تنهي حالة التسيب وتبدأ في بناء مؤسسات الدولة المنهارة، لكنَّ الطريق لم يكن ممهداً بأية حال؛ إذ بمجرد أن توافق المؤتمر الوطني المتمركز في طرابلس ومجلس النواب المتمترس بطبرق حتى ظهرت من جديد الخلافات الحادة بينهما إلى السطح، بما ينبئ بانهيار الاتفاق والرجوع إلى المربع الأول مرة ثانية.

     إذ شكلت (المادة الثامنة) من الاتفاق الخاصة بالجيش نقطة تعارض بين الفريقين المتناحرين، ففي حين يرى مجلس النواب -المتواجد بطبرق الذي يحتضن قوى علمانية وعسكرية- أن وزارة الدفاع ينبغي لها أن تكون تحت سيادة الحكومة كما هي محددة في الاتفاق، ترى قوى المؤتمر الوطني المسيطرة على طرابلس -وهي تضم مجموعة من المجموعات الإسلامية المتفاوتة في التشدد- أن منصب رئيس وزارة الدفاع ينبغي له أن يكون تحت إمرة شخصية (غير جدلية)، مشيرينَ إلى اللواء (خليفة حفتر) الذي يشغل المنصب الآن، وهذا الأمر لا يتقبله الطرف الآخر[18].

      أما النقطة التي أفاضت كأس الاتفاق فهي إقالة المؤتمر الوطني المسيطر على طرابلس 10 من أعضائه الذين كانوا من المشاركين في توقيع الاتفاق بالصخيرات ومن بين هؤلاء (صالح مخزوم) نائب رئيس وفد المؤتمر الذي يشارك في المفاوضات مع وفد مجلس النواب حول الأزمة الليبية برعاية الأمم المتحدة منذ عام في الصخيرات المغربية، وقد وضح نائب رئيس المؤتمر (عوض عبد الصادق) في مؤتمر صحفي قرار الإقالة بقوله: (تم طرح إقالة بعض الأعضاء الذين شاركوا في التوقيع على الاتفاق السياسي في الصخيرات، هذا الاتفاق الباطل الذي لم يشارك فيه المؤتمر، ولم يخول فيه أحداً بالتوقيع بدلاً عنه)[19].

      مما تقدم على الرغم من أن المجتمع الدولي أدّى دوراً كبيراً في الإطاحة بنظام القذافي من خلال فرض منطقة حظر للطيران فوق ليبيا ومن ثم اُتبع ذلك بشن ضربات جوية لدعم الثوار على الأرض، إلاّ أن الأطراف الدولية لم تفعل ما يلزم بعد إسقاط القذافي لإخراج البلاد من حالة الحرب إلى الاستقرار وبناء الدولة الحديثة. أما غياب الرؤية الموحدة لحل الأزمة الليبية فلا يقتصر فقط على الأطراف الدولية، بل ينسحب كذلك على الدول العربية المجاورة وغير المجاورة لليبيا بين محايد ورافض خوفاً من هواجس انتقال الفوضى في ليبيا إلى حدود بلدانهم، والخلل الأساس للتركيبة السياسية الليبية التي تضم خليطاً من القوى ذات الأصول الاجتماعية والقبلية المختلفة التي انتفضت لا يجمعها سوى هدف إسقاط (القذافي) دون إن تكون لديها رؤية واضحة لمرحلة ما بعد نظام (القذافي) ودليل ذلك هي الفوضى المستمرة والتشظي السياسي ذات التبعات المتنوعة التي تدعم فصائل مسلحة خارج إطار السلطة؛ لأن من أولويات لدى (الثوار الليبيين) في ظل هيمنة العديد من الجماعات المسلحة داخل الأراضي الليبية هو المحافظة على الإرث الاقتصادي المتمثل بالصناعات النفطية، وذلك عبر إعادة إطلاق الصناعة المتوقفة ومكافأة حلفائهم الغربيين عبر توزيع العقود على شركات بلدانهم كما وعد بذلك (مصطفى عبدالجليل) رئيس المجلس الانتقالي سابقاً.

     وهذا يعني أن حقول النفط لم تعد محط أنظار الجماعات المسلحة المتواجدة حالياً في ليبيا، بل تشاركها في ذلك الدول الغربية للحصول على عقود للاستثمار في النفط الليبي، ولاسيما دول حلف شمال الأطلسي التي قدمت الدعم للثوار؛ لأن ليبيا تعتمد بنحوٍ كبير على الخبرات الأجنبية في قطاع النفط.

    المصادر:


    [1] http://www.masrawy.com/news/midEast/reuters/2011/February/20/3996192Update.aspx

    [2] http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE71P0N920110226

    [3] https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7#cite_note-61

    [4] https://www.theguardian.com/world/2014/aug/29/-sp-briefing-war-in-libya

    [5] http://carnegieendowment.org/2014/10/06/libya-s-legitimacy-crisis/hr9j

    [6] http://english.ahram.org.eg/NewsContent/2/8/123755/World/Region/Bashir-says-Sudan-to-work-with-UAE-to-control-figh.aspx

    [7] http://foreignpolicy.com/2015/03/06/libya-civil-war-tobruk-un-negotiations-morocco/

    [8] https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8_%D8%A7%D9%84%cite_note-guardianbriefing-53

    [9] http://cutt.us/287NB

    [10] http://mubasher.aljazeera.net/news/arabic-and-international/2016/07/201679626169781.htm

    [11] http://www.huffpostarabi.com/2016/07/10/story_n_10915118.html

    [12] http://www.nytimes.com/2015/11/13/world/middleeast/leaked-emirati-emails-could-threaten-peace-talks-in-libya.html?_r=1

    [13] http://www.menadefense.net/2015/12/09/qui-est-le-contractor-blanc-qui-pilote-des-mirages-en-libye/

    [14] http://www.nytimes.com/2015/11/13/world/middleeast/leaked-emirati-emails-could-threaten-peace-talks-in-libya.html?_r=

    [15] http://www.alhurra.com/a/libya-isis-ban-ki-moon-/315524.html

    [16] http://www.al-akhbar.com/node/13877

    [17] http://www.sasapost.com/isis_and_lybie/

    [18] http://www.sasapost.com/the_conflit_in_liby/

    [19] http://www.sasapost.com/the_conflit_in_liby/