علي سعدي عبد الزهرة جبير- جامعة النهرين – كلية الحقوق
المقدمة:
منذ سقوط (معمر القذافي) لم تعرف ليبيا طعم الاستقرار السياسي، فقد جرت في البلاد (13) تعديلاً دستورياً، تمهيداً لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، لذا فإن ليبيا تعيش انقساماً سياسياً وتعدداً في الشرعيات، فأصبحت البلاد يحكمها حكومتان إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب، وبرلمانين وجيشين لا جيش واحد، ودخلت البلاد في صراع عسكري لم يحسم لحد الآن، فضلاً عن وجود المرتزقة الأجنبية والمليشيات المحلية التي تحكم وتبسط نفوذها بعيداَ عن شرعية أي من الحكومتين، فأصبح المواطن الليبي ضحية الأزمات السياسية، لذلك فشلت المبادرات الأممية لوضع حدة للعنف السياسي المستمر منذ عام 2011، ولم تتمكن من وضع رؤية موحدة تجمع الفرقاء السياسيين في الشرق والغرب لأجراء الاستحقاق الانتخابي، فالخلاف كان دائماً محصوراً في قوانين الانتخابات التي لم تسنّ نتيجة تعنت الفرقاء السياسيين حول من يحق له الترشح في الانتخابات وأي حكومة ستشرف على الانتخابات، ويعد التدخل الخارجي من أكثر المعرقلات لإجراء الانتخابات، إذ دائماً ما تتدخل لحماية مصالحها الاستراتيجية بدعم أحد الأطراف الموالية، لذلك من المستبعد إجراء الانتخابات في نهاية عام 2023 ما لم تتوافق الأطراف المحلية وتتنازل عن مصالحها الضيقة لحساب المصلحة الوطنية، لاسيما أن المواطن الليبي بدء يتشوق لتلك الانتخابات التي يعني إنهاء العنف والدمار، وهذا لن يحدث ما لم تكف الدول الإقليمية والدولية بالتدخل في الشأن الليبي وفي حال توافقت على إجراء الانتخابات.
أولاً: التعديل الدستوري والحكومات المتعددة
وفق التعديل الدستوري رقم(13) لعام 2023 حدد معالم نظام الحكم في ليبيا بأنه نظام (مختلط) يجمع بين صفات النظام الرئاسي والبرلماني، إذ تتكون المؤسسة التشريعية باسم مجلس الأمة من غرفتي مجلس النواب ومجلس الشيوخ ويتولى سلطة سن القوانين وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، ويتألف مجلس النواب من عدد من الأعضاء ينتخبون بالاقتراع العام الحر السري المباشر على أساس السكان، والمعيار الجغرافي بحيث يحدد عدد النواب على أساس نائب واحد عن كل أربعين ألف من المواطنين، أو عن كل جزء من هذا العدد يتجاوز نصفه ويبعد مسافة لا تقل عن مائة كيلو متر عن التجمعات المأهولة على ألا يقل تمثيل كل إقليم عن العدد الحالي المجلس النواب وألا يقل عمر الناخب عن ثماني عشرة سنة ميلادية، وذلك كله وفق ما ينظمه القانون، ومدة عضوية مجلس النواب ومجلس الشيوخ أربع سنوات، ويتألف مجلس الشيوخ من ستين عضواً (60) ينتخبون بالاقتراع العام الحر السري المباشر عن طريق الانتخاب الفردي، على ألا يقل عمر الناخب عن ثماني عشرة سنة ميلادية ولأغراض تطبيق هذا النص توزع المقاعد بين المناطق الانتخابية الثلاث وفق الآتي(المنطقة الغربية طرابلس عشرين عضواً 20، المنطقة الشرقية برقة عشرون عضواً 20، المنطقة الجنوبية فزان عشرون عضواً 20)، على أن يشمل ذلك ضمان تمثيل المكونات الثقافية واللغوية بواقع عضوين عن كل مكون ويراعي التوزيع الجغرافي للمقاعد داخل كل منطقة انتخابية وذلك كله وفق ما يحدده القانون.