ريك جلادستون، صحفي ومحرر في صحيفة النيويورك تايمز

أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية السبت بان ايران قد أوفت بمتطلبات الحد من أنشطتها النووية وهي خطوة سترفع العقوبات الاقتصادية ذات الصلة بالأسلحة النووية التي فرضتها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية بشكل تلقائي. ستسمح هذه الخطوة لإيران ببيع نفط أكثر والسيطرة على ما يقرب من 100 مليار دولار من المال المجمد، مما سينهي عزلة استمرت لفترات طويلة ودفعت البلاد الى مشاكل اقتصادية كثيرة.

أشارت الإجراءات التي وصفها الدبلوماسيون يوم التنفيذ الى أهم مرحلة حتى الآن من الاتفاق النووي التاريخي، والمعروفة باسم خطة العمل المشتركة الشاملة الذي توصلت اليه إيران مع القوى العالمية الكبرى يوم 14 تموز من العام الماضي.

سؤال:  لماذا اتخذت الإجراءات في وقت واحد؟

جواب: لقد كان التوقيت المتفق عليه عنصراً هاماً لحفظ ماء الوجه في ما يتعلق بالاتفاق النووي لتجنب إعطاء الانطباع بأن إيران قد استسلمت للضغوط الغربية قبل رفع العقوبات. قال الزعيم الايراني الاعلى اية الله علي خامنئي الذي له السلطة النهائية حول السياسة النووية بان البلاد لن تنظر إلى الاتفاقية على أنها شرعية في الوقت الذي تظل فيه العقوبات سارية المفعول.

سؤال: ماذا فعلت للامتثال للاتفاق؟

جواب: على الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ووكالة رصد الانتشار النووي التابعة للأمم المتحدة، التحقق من قيام ايران باتخاذ الخطوات التالية لضمان بقاء برنامجها النووي سلمياً، على الأقل على مدى السنوات ال 15 المقبلة:

  • الحد من مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب بنسبة 98 في المئة، مما يترك ما يساوي نحو 660 باوند، وهذه كمية غير كافية للتسليح. تم الانتهاء من التخفيض في 28 كانون الاول مع تصدير الجزء الأكبر من اليورانيوم إلى روسيا في سفينة روسية.
  • تفكيك 12.000 جهاز طرد مركزي مستخدم في تخصيب اليورانيوم. قالت ايران انها انتهت من العمل في تشرين الثاني.
  • الإجابة على أسئلة المحققين الدوليين حول الانشطة النووية الايرانية الماضية ذات “الأبعاد العسكرية المحتملة”. صرحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم 15 كانون الاول بان ايران قد فعلت ذلك. اعلن يوكيا امانو المدير العام للوكالة، عن عدم وجود “مؤشرات ذات مصداقية” عن القيام بمثل هكذا عمل بعد عام 2009.
  • إزالة وتعطيل جوهر المفاعل النووي في اراك، والذي يمكن أن ينتج حوالي سلاحين من البلوتونيوم سنويا. قالت ايران انها استكملت هذه الخطوة في الاسبوع الماضي.

سؤال: ما هي العقوبات التي رفعت؟

جواب: إلغاء الاتحاد الأوروبي للقيود المفروضة على التجارة والاستثمار في مجال النفط والبتروكيماويات والمعادن والنقل البحري وبناء السفن ووسائل النقل الأخرى من الصناعات، وكذلك البنوك والتأمين والخدمات الأخرى ذات الصلة، بما في ذلك قدرة إيران على نقل الأموال إلكترونياً الى الخارج. تم رفع الحظر عن التأشيرات والاصول المجمدة للشركات والأفراد لهذه الصناعات وبالنسبة للبعض الآخرين من ذوي العلاقة بالبرنامج النووية والأسلحة وأنشطة الصواريخ الباليستية.

من خلال سلطة الرئيس أوباما التنفيذية، أوقفت الولايات المتحدة تطبيق القيود المفروضة على النشاطات التي لها علاقة بالبرنامج النووي كالنشاطات المالية والنفط والغاز والبتروكيماويات والنقل البحري والمعادن والسيارات الايرانية، التي أعاقت بشدة قدرة البلاد على مزاولة العمل في جميع أنحاء العالم، كما أزالت الولايات المتحدة مئات الأفراد والشركات من القوائم السوداء التي تعرضت لتجميد الأصول وغيرها من العقوبات. وتضمنت الخطوات الأمريكية إنشاء تراخيص خاصة تمكن مصانع الولايات المتحدة الأمريكية من بيع الطائرات المدنية إلى إيران، التي تمتلك واحد من أقدم الأساطيل في العالم يقال بأنها تحتاج 400-600 طائرة جديدة. كما ستسمح الولايات المتحدة بإستيراد السجاد الايراني والفستق والزعفران والكافيار، وربما الأهم هو أنها ستسمح للشركات الأمريكية القيام بأعمال تجارية في ايران مع بعض القيود. هذا الحكم يمكن أن يؤدي إلى بدء البيع القانوني للمنتجات الأمريكية هناك.

ومع ذلك، لا تزال العقوبات الأميركية الأخرى نافذة، اذ تعتبر حكومة الولايات المتحدة إيران كدولة راعية للإرهاب ومنتهكة لحقوق الإنسان كما وتتهم إيران بالتدخل في شؤون حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط. وسيستمر الحظر التجاري على اكثر الأعمال الأمريكي مع إيران. في الوقت الذي ستتمكن فيه البنوك الإيرانية من شراء وبيع الدولارات، الا انها لن تتمكن من استخدام النظام المصرفي الأمريكي، والذي يعتبر مهماً جدا للتجارة العالمية.

سؤال: كيف تستفيد إيران اقتصاديا وبشكل سريع من هذه التغيرات؟

جواب: احد اهم الانجازات لإيران هو تمكنها من استرجاع ما يقرب من 100 مليار دولار من أموالها المجمدة في الحسابات الأجنبية. من هذا المجموع، يقدر المحللون الخارجيون بان ما يقرب من نصف هذا المبلغ بالفعل سيكون موجها الى التزامات أخرى، مثل المدفوعات للدائنين الأجانب بما في ذلك الصين. ستكون إيران قادرة ايضاً على بيع اي كمية تشاء من النفط، ولكن مع انهيار سوق النفط وانخفاض الأسعار بمعدل 70 في المئة في الأشهر ال 18 الماضية، سوف تستمد ايران إيرادات أقل بكثير مما كان متوقعا، ويمكن أن تنخفض المبيعات الإيرانية مع زيادة تراجع الأسعار.

على نطاق أوسع، ومن المتوقع أن يقلل رفع العقوبات من الضغوط النفسية في إيران، حتى لو لم يتم الشعور على الفور برفع العقوبات. قال فرهاد علوي، وهو محام في واشنطن ومتخصص في العقوبات والقانون التجاري “لقد دمرت العقوبات الأعمال المصرفية اللوجستية الدولية والشحن والتأمين لايران وسيعتبر رفع العقوبات، وإن لم يكن مثاليا، خطوة كبيرة للامام”.

سؤال: كيف سيغير رفع العقوبات العلاقات مع الولايات المتحدة؟

جواب: من غير المتوقع ان تتغير العلاقات الاقتصادية كثيراً بسبب العقوبات غير النووية الأخرى، وليس هناك العديد من الشركات الأمريكية التي تمتلك الاهتمام في التنقل في شبكة معقدة من القيود التي لا تزال سارية بالنسبة لهم، وقد سعى منتقدي إيران في الولايات المتحدة من الذين عارضوا الاتفاق النووي التأكيد على ما يسمونه بالمخاطر القانونية للأميركيين. قال مارك والاس، الرئيس التنفيذي لشركة متحدون لمكافحة إيران نووية، وهيه مجموعة جديدة مقرها يورك تقود حملة ضد الاتفاق الذي تم التوصل اليه في تموز ” أنا لا اعتقد أننا سنرى طوفان من الأعمال في إيران الآن”.

ومع ذلك، فقد شهدت العلاقات السياسية، التي لاتزال مضطربة بعد 35 عاماً، بوادر انفراج حتى قبل يوم التنفيذ، ان احد اكثر الأمثلة الصارخة هو احتجاز ايران لعشرة بحارة كانوا اجتازوا المياه الإيرانية في الخليج الفارسي يوم الثلاثاء الماضي والإفراج عنهم بعد أقل من 24 ساعة. بينما قال منتقدي إدارة أوباما ان إيران سجلت انتصاراً دعائياً على حساب أميركا، وقال آخرون بان هذا الحل السريع سيعكس العلاقات الوثيقة بين وزير الخارجية جون كيري ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف، عقب سير المفاوضات النووية توقع السيد كيري بشكل صحيح بأن البحارة سيتم الافراج عنهم بسرعة. صرح كليف كوبشان، رئيس مجموعة أوراسيا، وهي شركة استشارات للمخاطر السياسية “وقد ساعد قيام كيري بالاتصال بظريف والحصول على إجابة على الفور على القيام بالعملية”

سؤال: ماذا عن العلاقات البعيدة المدى مع الولايات المتحدة؟

جواب: من السابق لأوانه التحدث حول ذلك، لكن في ظل الاتفاق النووي، ستلتزم الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات تشريعية من شأنها إزالة وبشكل دائم العقوبات وليس مجرد تعليق تطبيقها، شريطة أن تلتزم إيران بتعهداتها كذلك.

قال السيد كوبشان انه يعتقد أن الاتفاق سيكون “بطيئأ، وذوبان الجليد لن يكون فورياً” بين البلدين خلال السنوات القليلة المقبلة. حتى مع انعدام ثقة آية الله خامنئي تجاه الولايات المتحدة واستمرار القوة القمعية للمنظمة الإسلامية للحرس الثوري في إيران، قال السيد كوبشان “بان الصفائح التكتونية ستستمر بالتحرك”.


ملاحظة :
هذه الترجمة طبقاً للمقال الأصلي الموجود في المصدر ادناه ، والمركز غير مسؤول عن المحتوى ، بما فيها المسميات والمصطلحات المذكوره في المتن .


المصدر:

http://www.nytimes.com/2016/01/17/world/middleeast/why-iran-sanctions-were lifted-and-what-happens-next.html?_r=0