التنافس الإيراني الإسرائيلي في السودان: بين توازن القوى والمصالح الإقليمية
علي نجات/ باحث أكاديمي وطالب دكتوراه في دراسات الشرق الأوسط
الملخص
شهد السودان خلال العقود الأخيرة تحولات جيوسياسية كبيرة جعلته ساحةً لصراعٍ إقليمي ودولي، حيث تسعى قوى متعددة إلى تعزيز نفوذها في هذا البلد الاستراتيجي المطلّ على البحر الأحمر. وفي قلب هذا المشهد، يبرز التنافس بين إيران وإسرائيل كأحد أوجه الصراع الإقليمي الأكثر تعقيداً، إذ يرتبط باعتبارات أمنية، ومصالح اقتصادية، وحسابات إيديولوجية.
بدأت العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسودان في عام 1989، بدعم طهران للرئيس عمر البشير، مما جعل السودان تدريجياً أحد الداعمين لمحور المقاومة. ولكن بعد تصاعد التوتر بين إيران والسعودية في عام 2016، قطعت الخرطوم علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، تقارباً مع الرياض. وبعد ثورة السودان وسقوط البشير، وقّعت الخرطوم اتفاق سلام مع تل أبيب في عام 2020، لكن مع اندلاع الحرب الأهلية في السودان عام 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، توقّف مسار التطبيع مع إسرائيل، بينما استُؤنفت العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعد ثماني سنوات من الانقطاع.
الآن، في ظل الحرب الأهلية السودانية، تدعم طهران الحكومة والجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، بينما تدعم تل أبيب قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي). لذا، يسعى هذا البحث إلى الإجابة عن السؤال الرئيسي: ما طبيعة التنافس الإيراني – الإسرائيلي في السودان؟ وللإجابة عن هذا السؤال، يناقش الباحث فرضية مفادها أن هذا التنافس في السودان، كساحة استراتيجية رئيسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتأثر بمحددات جيوسياسية، واستراتيجية، وأمنية، واقتصادية لكلا الطرفين.