كامل حسين / باحث
شهدت العلاقات بين الجمهورية التركية وجمهورية العراق تطورات متسارعة في الآونة الأخيرة، وذلك في ظل اشتداد التنافس الإقليمي وتغيّر المعادلات الداخلية في تركيا، لا سيما عقب إعلان حزب العمال الكردستاني المحظور عن حلّ نفسه وقراره بتسليم سلاحه.
وفي هذا السياق بعد مرور عقد من الزمن، يعاود أحمد داود أوغلو زيارته إلى شمال العراق، حيث تبدأ جولته من كركوك، مروراً بالمناطق الكردية والتركمانية والعربية. وتأتي هذه الزيارة في سياق جديد، إذ لم يعد داود أوغلو يشغل منصب وزير الخارجية، بل يزور المنطقة بصفته رئيساً لحزب المستقبل (GELECEK PARTİ). صرّح السيد أحمد داود أوغلو قبيل زيارته قائلاً: “إيران وإسرائيل فقدتا قوتهما، ولم يكن هناك سياق أفضل من هذا لعملية الحلّ“ أتت زيارة داود أوغلو إلى العراق متضمنة ثلاث محطات رئيسية، الأولى هي محافظة السليمانية، التي تُعد مركزاً للقوى الكردية غير المنضوية تحت قيادة مسعود بارزاني، وترتبط بعلاقات وثيقة مع حزب العمال الكردستاني، والمناطق التركمانية مثل كركوك وتلعفر، والشخصيات السنية العربية المثلمة بالإخوان المسلمين التي تُوليها أنقرة اهتماماً كبيراً نظراً للعلاقات التاريخية والثقافية.
وتكتسب هذه الزيارة أهمية خاصة في ظل تنامي نفوذ حزب العمال الكردستاني في هذه المناطق، الأمر الذي يثير تساؤلات حول مدى إمكانية إعادة تفعيل السياسة الخارجية التركية بالاعتماد على القوة الناعمة والروابط الثقافية. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ تزامن الزيارة مع ما يخالف به بعض الباحثين داود اوغلو والذين يرون ان النفوذ الإيراني لا يزال قويا مقابل تراجع الدور الأمريكي في العراق، مما يضفي على الزيارة بعداً استراتيجياً إضافياً، إذ يمكن قراءتها كمحاولة تركية لاستعادة التوازن الجيوسياسي عبر وسائل غير تقليدية.