back to top
المزيد

    التنافس التركي-الفرنسي في الموصل بعد عام 2018 وانعكاساته على الأمن القومي العراقي

    كامل حسين/ باحث

    تُعد مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، واحدة من أكبر المدن العراقية من حيث عدد السكان، وتكتسب أهمية استراتيجية نظراً لمجاورتها لإقليم كردستان شرقاً والحدود السورية غرباً، وكانت الموصل أول مدينة عراقية يحتلها تنظيم “داعش” في 10حزيران/ يونيو 2014، واتخذها نقطة انطلاق للسيطرة على مدن وبلدات أخرى، ومع تقدم القوات العراقية وتحرير معظم المناطق التي استولى عليها التنظيم في محافظات صلاح الدين والأنبار وديالى، بقيت الموصل آخر معاقله في العراق.

    ومنذ العام 2018، دخلت مدينة الموصل ومحيطها مرحلة جديدة من التنافس الدولي، وذلك عقب انتهاء الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، وما خلفته من فراغات أمنية وسياسية خطيرة. ضمن هذا السياق، برزت كل من تركيا وفرنسا كأبرز الفاعلين الدوليين الساعين إلى تعزيز نفوذهما في المدينة، عبر مزيج من الأدوات الناعمة والصلبة. ويتناول هذا التقرير طبيعة هذا التنافس بين الدولتين، ويحلل انعكاساته المباشرة وغير المباشرة على الأمن القومي العراقي.

    ربما يكون من نافل القول ذكر انه في أعقاب إعلان النصر على تنظيم داعش الارهابي وتحرير الأراضي العراقية كافة، شهد العراق تصاعداً ملحوظاً للحضور الدولي، لا سيما من قبل الدول الغربية، التي كثفت من وجودها في العراق عبر قنوات الدعم التي وجهت نحو مختلف الميادين، إلا أن هذا الدعم لم يكن خالياً من الأهداف السياسية والاقتصادية، إذ تحوّلت الساحة العراقية إلى ميدان تنافس لإثبات الحضور والنفوذ، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، وتُعد فرنسا واحدة من أبرز هذه الدول التي سعت إلى تعزيز مكانتها في العراق، ولا سيما في محافظة نينوى.

    في سياق وجودها، عملت فرنسا منذ بداية الأزمة على دعم العراق، حيث شاركت بفعالية في التحالف الدولي لمحاربة داعش بقيادة الولايات المتحدة، وكانت طائراتها من أوائل المساهمين في تنفيذ ضربات جوية ضد مواقع التنظيم بدءا من 18أيلول/سبتمبر 2014، كما ساهمت القوات الفرنسية المدفعية في معارك تحرير الموصل، واحتلت فرنسا المرتبة الثانية في التحالف الدولي من حيث حجم المشاركة العسكرية، إضافة إلى ذلك، أرسلت باريس مستشارين عسكريين لتدريب وتأهيل القوات الأمنية العراقية، وقدمت مساعدات إنسانية وعسكرية واسعة النطاق منذ عام 2014، مع اهتمام خاص بالأقليات الدينية مثل الإيزيديين والمسيحيين.

    تدرك فرنسا أهمية العراق كدولة محورية في الشرق الأوسط، وتعي التأثير الكبير لأي اضطراب فيه على استقرار المنطقة ككل، وقد سعت في السنوات الأخيرة إلى تعزيز وجودها في شمال العراق، ولاسيما في نينوى، نظراً لتركيبتها السكانية المتنوعة وغناها بالموارد الطبيعية مثل النفط والكبريت والفوسفات، فضلاً عن موقعها الاستراتيجي وأهميتها التاريخية.

    في عام 2022، جاء العراق في المرتبة الثالثة بين الدول المستفيدة من المساعدات الفرنسية، حيث خصص مركز الأزمات والمساندة التابع لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية مبلغ 11.5 مليون يورو لدعم جهود إرساء الاستقرار، وقد ساهم هذا التمويل بشكل خاص في إعادة تأهيل قسم العمليات الجراحية في المركز الصحي بمنطقة سنجار، والاستقرار في الموصل. كما أبدت25 شركة فرنسية كبرى استعدادها للاستثمار في المدينة، إلى جانب تمويل مشاريع حيوية مثل إعادة تأهيل جامعة الموصل ومطار المدينة، ومشاريع في قطاع المياه عبر الوكالة الفرنسية للتنمية.

    تسعى فرنسا من خلال هذا التوجه إلى استعادة دورها الإقليمي والدولي في منطقة الشرق الأوسط، وتعويض خسائرها الجيوسياسية في ليبيا وسوريا ولبنان وأفريقيا، في وقت بات فيه العراق يمثل فرصة استراتيجية لإعادة ترسيخ مكانتها.

    لقراءة المزيد اضغط هنا