back to top
المزيد

    قيادة بلا أعباء:دلالات زيارة ترامب للشرق الأوسط في تحقيق استراتيجية “السلام من خلال القوة”

    د. علي فارس حميد/ أستاذ الدراسات الدولية والاستراتيجية / جامعة النهرين.

    كرار نوري حميد/ تدريسي في كلية العلوم السياسية/ جامعة تكريت.

    يهيمن على السياسة الخارجية الأمريكية تناقض رئيسي بين رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أن تبقى الولايات المتحدة في اللعبة الدولية، لكن بشروط أفضل وأن تكون لها سياسة خارجية نشطة وأكثر فاعلية، ورؤيته لتقليل أعباء وتكاليف هذا الدور القيادي، ويقدم ترامب وعوداً لمسانديه بتحقيق كل ذلك بقدرته الفذة” على عقد الصفقات من خلال التلويح” الفج” بقوة الولايات المتحدة وقدرتها على إيذاء من لا يستجيب لأوامرها، وفي ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي يشهدها الشرق الأوسط عدت زيارة الرئيس الأمريكي الى الشرق الأوسط وخصوصاً المملكة العربية السعودية ذات مكانة رئيسة في زيادة فاعلية الولايات المتحدة الأمريكية بتأسيس الأعمدة الجوهرية في بنية النظامين الإقليمي والدولي، خصوصاً مع تبني الإدارات الأمريكية، لاسيما الجمهورية منها، لمبدأ “السلام من خلال القوة” كمرتكز أساسي في استراتيجياتها الخارجية.

    وقد برزت المملكة السعودية كفاعل إقليمي محوري وشريك استراتيجي يعتمد عليه في تحقيق هذا النهج، مع تقليص الحاجة إلى الانخراط الأميركي المباشر أو تحمل الأعباء الميدانية المرتبطة به وفق هذا المنطق، وهنا تُطرح فكرة “القيادة بلا أعباء” كمفهوم تحليلي يعكس تحوّلاً في نمط القيادة الدولية، إذ تعتمد الولايات المتحدة على شركاء إقليميين—وفي مقدمتهم السعودية—لتنفيذ مصالحها الاستراتيجية باستخدام أدوات غير مباشرة، مثل النفوذ الاقتصادي والعسكري، دون الانزلاق إلى التدخل العسكري واسع النطاق مما يزيد من المكاسب المتوقعة من دون تكاليف ترهق موازنة الولايات المتحدة الأمريكية.

    يمكن تحديد المجالات التي سوف تتعامل معها الدراسة عن طريق منهجية تتضمن الحدود والفرضية الآتية:

    تنبع أهمية هذه الدراسة من استكشاف الدور الذي تؤديه المملكة العربية السعودية في تعزيز المقاربة الأمريكية للهيمنة الإقليمية، أو ما يُعرف باستراتيجية “التوازن من خارج الإقليم”، التي تبنّتها الولايات المتحدة الأمريكية كأسلوب للعمل الاستراتيجي. وتركّز الدراسة على ملفات محورية تشمل: أمن الخليج، واستقرار أسواق الطاقة، والتوازن مع إيران. كما تسعى إلى تحليل الكيفية التي استطاعت بها الرياض سدّ الفجوات التي خلّفها التراجع التدريجي في الحضور الأميركي في المنطقة، فيما يشير إلى صيغة جديدة لتوزيع النفوذ، تقوم على تفويض القوة بدلاً من إدارتها مركزياً.ويُبرز التأثير الذي أحدثته أحداث غزة، وسقوط نظام الأسد، الحاجة إلى أدوار إقليمية قادرة على التكيّف مع حركة المتغيرات، دون أن يؤدي ذلك إلى تشتّت المسؤوليات أو إضعاف فاعلية الأداء الإقليمي.

    تفترض الدراسة أن المملكة العربية السعودية، من خلال شراكتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، أصبحت تُجسّد نموذجاً للقوة المُفوَّضة، القائم على مبدأ تمرير المسؤولية إلى الآخرين. ويسهم هذا النموذج في ترسيخ مبدأ “السلام من خلال القوة” دون أن تتحمّل الولايات المتحدة كلفة الانخراط المباشر في المنطقة. ويعكس ذلك تحوّلاً في أسلوب القيادة الأمريكية، من نمط السيطرة الأحادية إلى نمط قائم على توزيع الأدوار وتحميل الحلفاء مسؤولية الحفاظ على الاستقرار الإقليمي.

    لقراءة المزيد اضغط هنا