شيماء حسن علي- باحثة
على الرغم من استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وبدء عمليات التوغل الإسرائيلي واستمرار الحرب لأكثر من شهر، إلا أن الفصائل الفلسطينية وأبرزها كتائب عز الدين القسام، قادرة على تحقيق انتصارات على جيش الاحتلال الإسرائيلي. ومؤخراً، ركز الاحتلال الإسرائيلي استهدافه للبنى التحتية والمستشفيات والمنازل، حيث وصلت نسبة التدمير للمباني السكنية حوالي 50% من إجمالي المباني، وإزالة مربعات سكنية كاملة. ويرجع ذلك الى عدة أسباب خاصة تتعلق بطبيعة الحرب نفسها، وقواعد الاشتباك، وقدرات وامكانيات الطرفين المتحاربين. يناقش هذا التحليل طبيعة الحرب في غزة وقدرات الطرفين المتحاربين.
طبيعة حرب المدن والحروب الهجينة.
تختلف الحروب الهجينة عن الحروب التقليدية من حيث الاستراتيجية والتكتيك والأسلوب. ويعد الانخراط في مثل تلك الحروب استخدام تكتيات حروب العصابات، وبما يعني نصب الكمائن، استخدام العبوات الناسفة، والتفجيرات الانتحارية والاغتيالات، إضافة إلى استخدام وسائل التكنولوجيا والتواصل الاجتماعي في شن حرب نفسية على الخصم. وبشكل عام، تُعتبر حرب المدن من اشرس الحروب، إذ أن الكثافة السكانية تمثل العائق الأكبر كما تنطوي على انتهاكات عديدة يدفع ثمنها المدنيون في المقام الأول، جوهر حرب المدن أو حروب العصابات تنطوي على وقوف دبابة مقابل خصم غير مرئي،  يعتمد على تكتيكات الكر والفر، الضرب والاختباء، استهداف دبابة عبر صاروخ محمول على الاكتاف والاختفاء بمجرد إتمام الهدف، أو زرع الألغام في الطرق التي يستخدمها الخصم، أو تنفيذ الكمائن للقوات المهاجمة، واختطاف عدد من الأسرى والاستفادة من هذا في تعزيز موقف القوات المقاومة والتفاوض. من جديد، وكما يقول العقيد المتقاعد الذي قاد اللواء الأول للفرقة الأميركية المدرعة الأولى في بغداد عام 2003 بيتر منصور«يمكن أن يستهلك مبنى واحد كتيبة كاملة (ما يصل إلى 1000 جندي) في قتال ليوم واحد».
وبشكل عام تنقسم الحروب الهجينة إلى ثلاثة أنواع، الجيل الرابع من الحروبFourth Generation) Warfare) ويتم استخدام الوسائل التقليدية وغير التقليدية، بما في ذلك اسلوب الإرهاب ونشر المعلومات المضلة عبر الفضاء الإلكتروني؛ لتقويض إرادة السلطة القائمة ونزع الشرعية عن حكومتها، وتحفيز الانهيار الداخلي للنسيج الاجتماعي، والحرب المركبة، (Compound War)، هي تلك الحروب الكبرى ذات المكونات النظامية وغير النظامية التي توجد بجانب بعضها البعض ولكن في ظل توجيه موحد. أما الحرب غير المقيدة (Unrestricted Warfare) فهي حرب تتجاوز اختصاص الجيش التقليدي، يشير المفهوم إلى الاستخدام المكثف والمتعمد لمجمل الموارد الوطنية وأصول الدولة في مثل هذه الحرب، بما في ذلك المالية والتجارية والدينية والاجتماعية والثقافية والافتراضية (الفضاء الإلكتروني) والموارد البشرية.
طبيعة الحرب في غزة والجيش الإسرائيلي.
تمثل المعركة بقطاع غزة أحد أبرز الحروب الهجينة والغير متماثلة. من الناحية الميدانية، يشبه قطاع غزة -كميدان للمعركة- إلى حد بعيد، ميدان معارك مثل الرقة والفالوجة وعين العرب (كوباني)، والتي خاضتها القوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي اثناء -قتالهم تنظيم الدولة الإسلامية. يبلغ إجمالي مساحة قطاع غزة حوالي 373كيلومتراً مربعاً، ويمكن تقسيم تلك المساحة إلى 5 أو 6مناطق، على أن تكون مدينة غزة هي المساحة الأكبر 77كيلومتراً، إلا أن قطاع غزة يتسم بالكثافة سكانية عالية، مما يعني أن التكلفة الإنسانية ستزداد كلما طالت الحرب واستمرت.

لقراءة المزيد اضغط هنا