د. خضير عباس الدهلكي – باحث مختص بالأحزاب الأوروبية وأحزاب اليمين المتطرف
اتسم المشهد السياسي الأوروبي بعد انطلاق عملية «طوفان الأقصى» التي قامت بها مجموعات مسلحة تابعة لمنظمة حماس داخل المستوطنات الإسرائيلية واحتجاز عشرات الرهائن، من بينهم من يحمل جنسيات أوروبية، بالانقسام بين الموقف الرسمي المؤيد للكيان الصهيوني وسياساته، والموقف المضاد معارضاً ومطالباً بحماية المدنيين وتقديم المساعدات العاجلة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي اتخذ موقفاً مشتركاً بشأن الصراع بين الصهاينة والفصائل الفلسطينية وأكد على ضرورة حماية المدنيين واحترام القانون الدولي، إلا أن العديد من ردود الفعل  الأوروبية تباينت على مستويات عدة رسمية حكومية وحزبية وشعبية ما بين مندداً بحماس ومؤيداً للكيان الصهيوني وبين متحفظاً داعياً لوقف العمليات المسلحة وحماية المدنيين فيما اقتصرت المواقف الداعمة للشعب الفلسطيني والمطالبة بحماية المدنيين وإرسال مساعدات عاجلة لقطاع غزة لدى بعض القوى السياسية والشخصيات ذات التوجهات اليسارية.
وفي هذه الورقة سوف سنستعرض مختلف مواقف الأطراف السياسية الأوروبية الرسمية والحزبية والشعبية من العدوان الصهيوني على غزة وأبرز التداعيات المحتملة على الساحة الأوروبية وكما يأتي:
1 – الموقف الرسمي للاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية:
تمثل موقف رئاسة الاتحاد الأوروبي من خلال الإجراءات التي قامت بها رئيسة المفوضية الأوروبية «أورسولا فون دير لاين» ، التي زينت مبنى المفوضية في بروكسل بالعلم الإسرائيلي، وزارت تل أبيب مواسية « بنيامين نتنياهو» رئيس وزراء الكيان الصهيوني بصحبة رئيسة البرلمان الأوروبي»  روبرتا ميتسولا» ، التي رفعت بدورها العلم الإسرائيلي على مبنى البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، على الرغم من تعرضهن لانتقادات شديدة من أعضاء في البرلمان الأوروبي عن هذا الاندفاع السريع في دعم الكيان الصهيوني ، وقد صرحت» أورسولا فون دير لاين» َّ بأن (إسرائيل)  يحق لها الدفاع عن نفسها دون التلميح إلى الشرعية الدولية وضرورة مراعاة حقوق المدنيين. كما امتنعت عن التنديد بقرار تل أبيب توجيه إنذار نهائي للمدنيين في غزة من أجل التوجه إلى الجنوب، وهو إعلان قد يرتقي إلى جريمة حرب. واضطر ممثلو السياسة الخارجية بالاتحاد لاحقاً إلى تأكيد أن دولة الاحتلال لها الحق في الدفاع عن نفسها، ولكن بالاستناد لقوانين الحرب الخاصة بالمدنيين.
اما بيان المجلس الأوروبي الصادر عن اجتماعه يومي 26-27 أكتوبر/تشرين الأول 2023 فقد أكد انحياز الموقف الأوروبي لصالح العدوان الصهيوني على قطاع غزة واصراره على بيانه الذي صدر بتاريخ 15 أكتوبر/تشرين الأول المتضمن إدانة منظمة حماس بأشد العبارات الممكنة، والاعتراف بحق (إسرائيل) في الدفاع عن نفسها بما يتماشى مع القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي. وطالب حماس بالإفراج الفوري عن جميع الرهائن دون أي شروط مسبقة، وشدد القادة على أهمية ضمان حماية جميع المدنيين في جميع الأوقات. كما أعربوا عن قلقهم البالغ إزاء تدهور الوضع الإنساني في غزة، ودعوا إلى استمرار وصول المساعدات الإنسانية بشكل سريع وآمن ودون عوائق إلى المحتاجين، بما في ذلك من خلال الممرات الإنسانية والتوقف مؤقتاً لتلبية الاحتياجات الإنسانية وشدد القادة على أن الاتحاد الأوروبي سيعمل مع الشركاء في المنطقة من أجل حماية المدنيين وتسهيل الوصول إلى الغذاء والماء والرعاية الطبية والوقود والمأوى ولتجنب التصعيد الإقليمي، وعلى ضرورة التعامل مع الشركاء في المنطقة، بما في ذلك السلطة الفلسطينية. كما أعربوا عن دعمهم لحل الدولتين ورحبوا بالمبادرات الدبلوماسية، بما في ذلك دعم عقد مؤتمر دولي للسلام قريباً.

لقراءة المزيد اضغط هنا