هيام علي المرهج -قسم دراسات المرأة في مركز البيان للدراسات والتخطيط
مقدمة:
تعاني سياسات التوظيف في العراق في مجال القطاع العام العديد من الاشكاليات والجدليات نتيجة الظروف العامة التي تدار بها وتوضع بها هذه السياسات، بالإضافة إلى التشوه العام في بنية النظام الاقتصادي العراقي. أصبحت عملية توظيف الشباب، سواء كانوا خريجين أو غير الخريجين المؤهلين لدخول سوق العمل في العراق، تحدياً كبيراً يواجه الحكومات المتعاقبة بدءاً من عام 2003 حتى يومنا هذا. وهذا التحدي مرتبط بالعديد من العوائق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، مثل نسبة السكان ونسبة العاملين وفقاً للسكان والاحتياج الحقيقي للموظفين في القطاع العام، وكذلك نسبة البطالة وإنتاجية الموظفين وضمان مصدر دخل للشباب الذين يسعون للانخراط في سوق العمل وبناء مجتمع من الطبقة الوسطى متوسطة الدخل. كل هذه العوامل والتحديات تدفعنا إلى مناقشة سياسات التوظيف في العراق من زوايا مختلفة.
نحاول من خلال هذه الورقة التعرف على طبيعة إدارة سياسات التوظيف وإمكانيتها في تأمين السوق بالعاملين بما يتناسب مع حاجة سوق العمل، ومدى قدرة هذه السياسة على توفير فرص العمل وتقليل نسب البطالة. ونناقش في هذه الورقة الأسباب التي تدفع إلى جعل التوظيف في القطاع العام غنيمة يسعى الجميع للحصول عليها، وما هي الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تدعم هذا التوجه. نركز في هذه الورقة على خطوات الحكومة العراقية الثامنة (الحالية) في قضية التوظيف العام وزيادة عدد الموظفين الشباب بشكل كبير.
اعتمدنا في هذه الورقة على البيانات والإحصائيات الحكومية والتصريحات الرسمية، وقمنا أيضاً بإجراء عدد من المقابلات (15 مقابلة) مع الشباب الذين حصلوا على وظائف حكومية مؤخراً. نسعى في هذه الورقة إلى تحليل سياسة التوظيف في العراق والتركيز على أبرز التحديات التي تواجه الشباب في بيئة العمل الحكومية.
القوى العاملة في العراق
تفرض تركيبة السكان في العراق تحديات كبيرة أمام الحكومة بغية توفير فرص عمل للأعداد المتزايدة من المواطنين، وخصوصاً الشباب الذين ينضمون سنوياً إلى سوق العمل. تُعَد قضية السكان والقوى العاملة واحدة من أصعب التحديات التي تواجه الحكومة العراقية، وذلك نتيجة انعدام البيانات الدقيقة والرسمية حول العدد الكلي للسكان ونسبة القوى العاملة في العراق، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص.
وبحسب تقديرات وزارة التخطيط العراقية، بلغ عدد سكان العراق في عام 2023 ما يقارب (43 مليون نسمة)، ونسبة الشباب (الذين تتراوح أعمارهم بين (15 _24 سنة) والذين يستطيعون الالتحاق بسوق العمل وفقاً لآخر إحصائية لعام 2021، بلغت حوالي 8 مليون نسمة. وبالإضافة إلى ذلك، بلغ عدد البالغين القادرين على العمل (25 سنة فما فوق) ما يقارب 17 مليون نسمة، مما يجعل نسبة القادرين على العمل تقترب من 25 مليون شخص.
وفيما يتعلق بأعداد العاملين في القطاع العام فقط، فإن غياب البيانات الدقيقة يشكل تحدياً. وبحسب تصريح المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط (عبد الزهرة الهنداوي)، من المتوقع أن يبلغ عدد الموظفين في القطاع العام في الربع الأخير من عام 2023 ما يقارب (3 مليون و700) ألف موظف مسجل في منصة الرقم الوظيفي.
هذا العدد يشمل أيضاً الخريجين وحملة الشهادات العليا والأوائل والعقود التي تمت إضافتها مؤخراً إلى الموازنة، والتي تبلغ عددهم حسب التقديرات ما يقارب (400 ألف) درجة. ومع ذلك، بسبب غياب البيانات الدقيقة، تبقى هذه الأرقام مجرد تقديرات، حيث يصعب على الدولة إجراء إحصائيات دقيقة.

لقراءة المزيد اضغط هنا