د. أسعد العكيلي – باحث متخصص في الدراسات الأمنية والاستراتيجية
توطئة
شهدت الحركات الاجتماعية في الأعوام الأخيرة انتشاراً كبيراً في الأوساط الاجتماعية والسياسية في ألمانيا، فبالرغم من كونها قد ارتبطت تاريخياً ارتباطاً وثيقاً بالأحزاب والتيارات اليسارية، إلا أنها تُشكل حالياً حجر الزاوية للأحزاب والتيارات اليمينية نتيجة لتوافق مجموعة من العوامل والبرامج والخطابات (الداخلية والخارجية) التي يتبناها الطرفين وفي مقدمتها رفض النُخبة السياسية الحاكمة ومعاداة المجتمعات الوافدة من دول الشرق الأوسط ودول القارة الافريقية.
إذ تعددت أشكال وأحجام الحركات الاجتماعية من حيث (التأثير ومجالات الاهتمام)، فبعضها لها دوراً مؤثراً على المستوى الوطني ويتبنى مطالب عامة،أما الحركات الأخرى فنشاطاتها محدودة في ولاية محددة أو أكثر، واستناداً لما تقدم سنقسم هذه الورقة البحثية إلى ثلاثة محاور رئيسة:
المحور الأول: تأصيل نظري.
المحور الثاني: أهم الحركات الاجتماعية في جمهورية ألمانيا الاتحادية.
المحور الثالث: تأثير الحركات الاجتماعية على الاستقرار المجتمعي والسياسي في جمهورية ألمانيا الاتحادية.
المحور الأول: تأصيل نظري: سنتناول في هذا المحور الذي تم تقسيمه إلى ثلاثة عناوين
 أولاً: مفهوم الحركات الاجتماعية
 ثانياً: مراحل تطور الحركات الاجتماعية
 ثالثاً: الاتجاهات الجديدة المفسرة للحركات الاجتماعية.
أولاً: مفهوم الحركات الاجتماعية: شكلت الحركات الاجتماعية جزءاً اصيلاً من حياة المجتمعات المعاصرة، فهي المحرك الرئيسي لهُ، إذ ازدادت أهميتها في ظل عصر (العولمة والتطور التكنولوجي) عبر اتساع دوائر الاحتجاج والمطالب السياسية في (المجال العام والمجال الرقمي) على حدً سواء.
ولأجل أن تمارس الحركات الاجتماعية دورها بصورة فاعلة ومؤثرة على المستويين الاجتماعي والسياسي ينبغي أن تتوفر فيها مجموعة من العناصر أو الخواص، أبرزها (أن تكون منظمة، لها أهداف سياسية واجتماعية، وتمتلك وسائل لتعبئة وتحشيد مؤيديها. الخ) واستناداً لتلك العناصر فإن مفهوم (الحركات الاجتماعية) يعنى بـ ((تلك الجهود المنظمة التي يبذلها مجموعة من المواطنين بهدف تغيير أوضاع معينة أو السياسات والهياكل القائمة لتكون أكثر اقتراباً من القيم الفلسفية التي تؤمن بها تلك الحركات)).
ومما لا شك فيه لم يحظَ مفهوم (الحركات الاجتماعية) بتعريف واضح ومحدد ومتفق عليه وهذا ما استقرت عليه العلوم الاجتماعية والإنسانية، إذ يرى المفكر البريطاني (رودولف هيبرل) أن مفهوم (الحركات الاجتماعية) هو ذلك ((الجهد المنظم والمتصل الذي يقوم به مجموعة من الأفراد لتحقيق هدف أو مجموعة من الأهداف المشتركة بين اعضائها وقد يكون معناها أكثر تحديداً ليدل على الجهد الذي يتجه نحو تعديل أو استبدال أو هدم نظام اجتماعي قائم)).

لقراءة المزيد اضغط هنا