خضير عباس حسين الدهلكي – باحث في شأن اليمين المتطرف الأوربي / طالب دراسات عليا ضمن برنامج دكتوراه السياسات العامة في جامعة النهرين
د. عماد صلاح الشيخ داود – استاذ السياسات العامة في جامعة النهرين
المقدمة
يُعد خطاب الكراهية والعداء المتنامي ضد الإسلام والمسلمين وما يمثله ظاهرة خطيرة لها تداعيات اجتماعية وسياسية وثقافية وامنية على صُعد عًدة، ومن أبرز ملامح هذا الخطاب قولاً وفعلاً تصريحات مسيئة لمسؤولين أوربيين كبار ضد الإسلام ونشر الرسوم المسيئة الكاريكاتورية لرموز الإسلام من قبل صحف ومجلات أوروبية، واخيراً وليس أخراً ظاهرة حرق المصحف الشريف فضلاً عن الاعتداءات والانتهاكات وغيرها من الدعوات التي تستهدف الإسلام بكل عناصره ورموزه وأشخاصه، وهي سياسة باتت ممنهجة من قبل جهات ومؤسسات إعلامية وأحزاب يمينية متطرفة، تحضى برعاية ودعم وتجاهل الحكومات والمؤسسات الرسمية، بذريعة حرية التعبير عن الرأي دون مراعاة لمشاعر الآخرين وعدم احترام قيمهم ومقدساتهم لذا نجد أن الكثير من المسؤولين في الغرب يصرح أن «حرق المصحف» هو فعل «قانوني» مسموح به بموجب القوانين الأوروبية وحرية التعبير التي كفلها القانون الدولي والمعاهدات الدولية ذات الصلة ويتناسى أولئك المسؤولين أن هذه الأفعال تتناقض وجوهر ما ورد في المادة(20 -2) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص : «يحظر القانون أي دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف».
 إن مظهر حرق القرآن الكريم فعل يتضمن التحريض على التمييز والعداء والكراهية، وبالطبع العنف بدليل أنه تسبب في مرات عديدة بعنف متبادل وخلق بيئة معادية للمسلمين بصفتهم الجماعية كمسلمين، ويتضمن عنصرية دينية واضحة، وبالتالي هو عمل محظور في القانون الدولي، ولا يمكن الادعاء بحرية الرأي والتعبير واعتباره عملاً مشروعاً.
بتاريخ 28 حزيران 2023 وفي أول أيام عيد الأضحى المبارك قام مهاجر لديه إقامة مؤقتة في السويد بحرق صفحات من نسخة من المصحف أمام أكبر مساجد العاصمة السويدية ستوكهولم. وهو ما لا يمكن عده حدثاً عابراً أو حالة استثنائية في تاريخ أوروبا والغرب، فقد مورست ذات المظاهر في حقب تاريخية مختلفة، كما حدث إبان العام 1530، عندما ظهرت في مدينة البندقية أول نسخة مترجمة لاتينية للمصحف وتم اصدار المراسيم بأحراقها، ليتلو ذلك صدور قرارات من محاكم التفتيش الإسبانية بحظر إصدار أية ترجمات لاتينية من المصحف الشريف.
وفي أعقاب ذلك بفترة وجيزة وتحديداً خلال العام 1541 تبنى الناشر «يوهانز اوبورينوس» (رحل في 7 تموز 1568) القاطن في مدينة بازل السويسرية طباعة ترجمة لاتينية للمصحف الشريف أنجزها في القرن الثاني عشر «روبرت كيتن»∗ (رحل في 1160)، لكن سلطات المدينة صادرت هذه الطبعة بأكملها في حينها، إلا أن إعلان زعيم الحركة الإصلاحية للكنيسة الكاثوليكية « مارتن لوثر « (رحل في 18 شباط 1546) معارضته لهذه الإجراءات، لتصدر الطبعة خلال العام 1542 وتتضمن مقدمة كتبها لوثر بقلمه.

لقراءة المزيد اضغط هنا