فرانسيس فوكوياما – زميل أول في معهد فريمان سبوغلي بجامعة ستانفورد ومدير برنامج الماجستير في فورد دورسي في السياسة الدولية.
مايكل بينون– باحث ومدير مبادرة أبحاث سياسات البنية التحتية العالمية في معهد فريمان سبوجلي بجامعة ستانفورد.
يصادف هذا العام الذكرى السنوية العاشرة لمبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينج، وهي المشروع الأكبر والأكثر طموحا لتطوير البنية التحتية في تاريخ البشرية. وأقرضت الصين أكثر من تريليون دولار لأكثر من 100 دولة من خلال هذا البرنامج، مما أدى إلى تقزم الإنفاق الغربي في العالم النامي وأثار المخاوف بشأن انتشار قوة بكين ونفوذها. وقد وصف العديد من المحللين الإقراض الصيني من خلال مبادرة الحزام والطريق بأنه «دبلوماسية فخ الديون» المصممة لمنح الصين النفوذ على الدول الأخرى وحتى الاستيلاء على بنيتها التحتية ومواردها. وبعد أن تخلفت سريلانكا عن سداد مدفوعات مشروع ميناء هامبانتوتا المتعثر في عام 2017، حصلت الصين على عقد إيجار للممتلكات لمدة 99 عاما كجزء من صفقة لإعادة التفاوض بشأن الديون. وأثارت الاتفاقية مخاوف في واشنطن والعواصم الغربية الأخرى من أن هدف بكين الحقيقي هو الوصول إلى المرافق الاستراتيجية في جميع أنحاء المحيط الهندي والخليج العربي والقارتين (أميركا الشمالية والجنوبية).
ولكن على مدى السنوات القليلة الماضية، ظهرت صورة مختلفة لمبادرة الحزام والطريق. وقد فشلت العديد من مشاريع البنية التحتية التي تمولها الصين في تحقيق العوائد التي توقعها المحللون. ولأن الحكومات التي تفاوضت على هذه المشاريع وافقت في كثير من الأحيان على دعم القروض، فقد وجدت نفسها مثقلة بأعباء الديون الضخمة ــ غير قادرة على تأمين التمويل للمشاريع المستقبلية أو حتى خدمة الديون المتراكمة عليها بالفعل. ولا يصدق هذا على سريلانكا فحسب، بل ويصدق أيضاً على الأرجنتين وكينيا وماليزيا والجبل الأسود وباكستان وتنزانيا والعديد من البلدان الأخرى. لم تكن المشكلة بالنسبة للغرب تتمثل في استحواذ الصين على موانئ وممتلكات استراتيجية أخرى في البلدان النامية، بل كانت المشكلة تكمن في أن هذه البلدان ستصبح مثقلة بالديون بشكل خطير – مما اضطرها إلى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات المالية الدولية المدعومة من الغرب للحصول على المساعدة في سداد قروضهم للصين.
وفي أجزاء كثيرة من العالم النامي، أصبح يُنظر إلى الصين باعتبارها دائناً جشعاً لا يلين، ولا يختلف كثيراً عن الشركات الغربية المتعددة الجنسيات والمقرضين الذين سعوا إلى تحصيل الديون المعدومة في العقود الماضية. وبعبارة أخرى، يبدو أن الصين، بعيداً عن فتح آفاق جديدة باعتبارها مقرضاً مفترساً، تتبع مساراً اتبعه المستثمرون الغربيون. ومع ذلك، من خلال القيام بذلك، تخاطر بكين بتنفير الدول ذاتها التي شرعت في التودد إلى مبادرة الحزام والطريق وتبديد نفوذها الاقتصادي في العالم النامي. كما أنه يهدد بتفاقم أزمة الديون المؤلمة بالفعل في الأسواق الناشئة، والتي يمكن أن تؤدي إلى «عقد ضائع» من ذلك النوع الذي شهدته العديد من دول أمريكا اللاتينية في الثمانينيات.
ولمنع مثل هذه النتيجة الرهيبة ـ ولتجنب استخدام أموال دافعي الضرائب الغربيين لخدمة ديون الصين غير المستدامة ـ يتعين على الولايات المتحدة والدول الأخرى أن تدعو إلى إصلاحات شاملة. ومن شأن هذه الإصلاحات أن تجعل من الصعب على البلدان استغلال صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات المالية الدولية. ويجب أن تتضمن معايير أهلية أكثر صرامة للدول التي تسعى إلى عمليات الإنقاذ، وزيادة الطلب على زيادة الشفافية في الإقراض من جانب كافة الأعضاء، بما في ذلك الصين.

لقراءة المزيد اضغط هنا