مروان محمد عبود – باحث في العلاقات الدولية
مقدمة:
تشير التقارير العالمية المعنية بالتغير المناخي إلى أن العالم يعيش مرحلة حرجة من تاريخ البشرية نتيجة للتغيرات المناخية التي يُعزى سببها إلى النشاط الإنساني المتزايد في استثمار الطاقة الأحفورية والتوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية وزيادة انبعاثات الكربون وتدمير الغطاء النباتي والغابات، فضلاً عن زيادة عدد السكان. إن الدول التي تمر بمراحل انتقالية وصراعات تملك مستوى متدنٍ من السياسات المناخية الصحيحة هي أكثر عرضة للشعور بهذه التغيرات من غيرها، ومن ضمن هذه الدول العراق الذي يعاني من مستويات خطيرة في التغيرات المناخية، مثل جودة الهواء المتراجعة، وضعف الغطاء النباتي، وتراجع كمية الأمطار وتصاعد الجفاف والتصحر وانخفاض مناسيب الأنهار والهجرة المناخية، لذا توجد ضرورة ملحة للتوصل إلى سياسات مناخية حادة تتضمن حملات دعم وتوعية مدعومة من القطاعات الحكومية وغير الحكومية. هذه الجهود تسعى لزيادة المشاركة والفاعلية من قبل أفراد المجتمع لمواجهة المشكلات المناخية التي يعاني منها العراق اليوم، وتعد التوعية والمناصرة المناخية أدوات قوية لتوفير المعرفة اللازمة لتغيير السلوكيات والتصرفات التي تدمر البيئة، كما أنها تشكل ضغطاً هامًا على الهيئات الحكومية الرسمية لتبني سياسات بيئية تأخذ في الاعتبار التحديات المناخية الخطيرة التي يواجهها العراق من خلال توفير التشريعات والتنظيمات اللازمة لحماية البيئة. بشكل عام، تُعتبر حملات المناصرة المناخية عاملاً حاسماً ومهماً في تحقيق الحلول المناسبة لمواجهة التغيرات المناخية في العراق والمساهمة في بناء مستقبل مستدام من خلال الضغط والتوعية والحملات المناخية لتحشيد الجهود نحو هذه القضية الخطيرة. أولاً: التحديات المناخية في العراق.
قبل عقد من الزمان لم يكن هناك فكرة للتكيف مع التغير المناخي في العراق، لكن اليوم توجد نقاشات متزايدة تشير إلى ضعف العراق في مواجهة التغير المناخي بعد أن تعرضت البيئة في العراق إلى ضغوطات عديدة، منها زيادة النمو السكاني وتأثير ثلاث حروب وسوء استخدام الأراضي الزراعية، مما ادى إلى تدهور نوعية المياه وجودتها بسبب ارتفاع نسبة الملوحة في التربة وتلوث الهواء، كما أدت النزاعات والاضطرابات إلى غياب اتفاقيات مائية تنظم استخدام الموارد المائية للزراعة وتربية المواشي، وزادت من حدة الهجرة من الريف إلى المدينة. فضلاً عن ذلك يعاني العراق من مشاكل جودة الهواء وارتفاع درجات الحرارة بسبب التغيرات المناخية وضعف الغطاء النباتي نتيجة ضعف الوعي والاستثمار في المساحات الخضراء.
إن ضعف السياسات البيئية في العراق كان له انعكاسات سلبية خلال السنوات الثلاث السابقة، إذ شهد العراق خلالها موجات جفاف خطيرة تهدد بفقدان ما يصل إلى 40% من كميات المياه المتدفقة إليه. أن هذه السياسات الضعيفة أثرت على الدبلوماسية المائية التي يتبعها العراق، حيث لم يتمكن من التوصل إلى اتفاقيات حقيقية مع دول المنبع للتعاون في إدارة موارد المياه، كما أن النقص الحاد في المياه تسبب أيضاً في تراجع الثروة الحيوانية في العراق، حيث يعتمد قطاع الزراعة والثروة الحيوانية بشكل كبير على توفر المياه الكافية لسد احتياجاتها. بسبب تراجع كميات المياه المتاحة، اضطر المزارعون ومربو المواشي إلى التكيف مع الظروف القاسية وتقليص نشاطاتهم الزراعية والرعوية، مما أثر سلباً على الإنتاج الزراعي والثروة الحيوانية في البلاد. فضلاً عن ذلك فإن جودة المياه في العراق تشكل عقبة كبيرة للسكان المحليين لمواجهة التغيرات المناخية وترتبط مشاكل جودة المياه بزيادة الملوثات المقذوفة في مياه الأنهار وتحول الأنهار إلى مكبات للمخلفات خصوصاً الصناعية، وارتفاع نسبة ملوحة المياه التي نتجت عن عوامل طبيعية وأخرى تتمثل بتخلف الإجراءات الرسمية في الحفاظ على سلامة الأنهار.

لقراءة المزيد اضغط هنا