محمد صالح – باحث وصحافي. حاصل على درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا
الملخص:
المياه وتغير المناخ ستكون في مركز علاقات العراق وتركيا لسنوات قادمة.
هناك عدم توافق في الأولويات بين الجانبين التركي والعراقي، حيث يشكل الأمن العنصر الأكثر إلحاحاً لتركيا، والمياه والبيئة للعراق.
يفتقر العراق إلى بطاقات ضغط فعَّالة ضد تركيا، في حين يمكن لأنقرة أن تسلَّح المياه بنجاح ضد العراق، خصوصاً على المدى القصير والمتوسط.
النهج الشامل الذي يدمج مسائل التجارة والطاقة والأمن والمياه يمكن أن يساعد بشكلٍ أفضل على تلبية احتياجات العراق المائية في التعامل مع تركيا.
مع إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان في مايو كرئيس لتركيا لمدة خمس سنوات إضافية، فإن المياه والقلق المتعلق بالبيئة هما القضية الحاسمة التي ستكون في مركز علاقات تركيا مع العراق، وستلقي بظلالها وتشكل حركة كلا البلدين في مجموعةٍ من القضايا الأمنية والتجارية والطاقة والإقليمية.
مع تزايد تأثير التغير المناخي على العراق بشكل حاد، فإن ندرة المياه وتدهور البيئة ذات الصلة أثرت بشكلٍ كبير على مناطق العراق الجنوبية والوسطى. وقد غيَّر ذلك أهمية العوامل البيئية في العلاقات الإقليمية للعراق، وبخاصة مع تركيا، التي ينبع منها نهرا دجلة والفرات اللذان يوفران المصدر الرئيسي للمياه لأجزاءٍ كبيرةٍ من العراق. وهذا يضع العراق في موقف ضعيف في معادلة صعبة تتسم بزيادة عدم اليقين والتعقيدات التي تنشأ عن تصادم المصالح المتعارضة لعددٍ من الجهات الوطنية والعابرة للحدود والإقليمية المشاركة.
يتم فهم أهمية العوامل المائية والبيئية بشكلٍ أفضل في إطار مجموعةٍ من القضايا والتحديات الأخرى في العلاقات الثنائية التركية العراقية، وسنقدم أدناه نبذةً عن ذلك.
المتاهة في العلاقات العراقية التركية
تمر العلاقة بين تركيا والعراق بفترات عصيبة على مدى العقدين الماضيين. من جهة، سعت كلا البلدين إلى تطوير علاقات تجارية واستثمارية مجدية، وإن كان الميزان يميل بشكل كبير نحو الجانب التركي. ووفقاً لأرقام الأمم المتحدة، بلغت صادرات تركيا إلى العراق حوالي 14 مليار دولار في عام 2022، وهو ارتفاع كبير مقارنة بنحو 100 مليون دولار فقط في عام 1995. من ناحية أخرى، صادرات العراق إلى تركيا أقل بكثير، حيث وصلت الصادرات العراقية مثلاً إلى أعلى قليلاً من 1.5 مليار دولار في عام 2021.
من ناحية أخرى، شكلت القضايا الشائكة مثل الأمن والطاقة والمنافسات الجيوسياسية الإقليمية عقبات رئيسية أمام زيادة تطوير العلاقات الثنائية. على الصعيد الأمني، يظل وجود حزب العمال الكردستاني التركي في العراق وكفاحه المسلح المستمر ضد الدولة التركية من أجل حقوق الأكراد مصدر قلق كبير لأنقرة في العلاقات مع العراق. أظهرت تركيا بشكل خاص حساسية كبيرة تجاه إدراج العراق لوحدات حماية اليزيديين في سنجار التابعة لحزب العمال الكردستاني في محافظة نينوى الشمالية الغربية ضمن قوات الحشد الشعبي. مما أثار استياء بغداد أن الجيش التركي زاد من وتيرة وكثافة هجماته على أهداف موالية لحزب العمال الكردستاني داخل العراق وأنشأ عشرات المواقع العسكرية والقواعد الصغيرة داخل إقليم كردستان العراق وأجزاء أخرى من شمال العراق الأوسع. لكن بغداد لديها أيضاً شكاوى من تقاعس تركيا الملحوظ في تقييد أنشطة الدولة الإسلامية خلال استيلائها على أجزاء كبيرة من العراق وسوريا في منتصف عام 2010.

لقراءة المزيد اضغط هنا