د. خالد هاشم – باحث
 مقدمة:
منذ وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى السلطة في البيت الأبيض في 20/1/2021، لم ينقطع الاجتهاد حول تحديد مبدئه في السياسة الخارجية. البعض اعتبر سياسته امتداداً لسياسة الرئيس الأسبق باراك أوباما حيث كان بايدن جزءاً من فريق عمله، وإن سياساته مجرد امتداد للتيار الليبرالي الذي يؤمن بالتعاون الدولي والجهود متعددة الأطراف وعدم تفضيله لاستخدام القوة العسكرية في التعامل مع المشكلات. والبعض الآخر نظر إلى سياسته الخارجية على أنها مثال للواقعية والبرجماتية والتي تنظر للعالم كما هو وليس كما ينبغي أن يكون، وتسعى إلى تحسينه بشكل تدريجي آخذة في الحسبان المعطيات الدولية في أرض الواقع. وفريق ثالث ينتمي إلى خصومه يرى أن سياسة بايدن تفتقد إلى الرؤية والقيادة ويشوبها الحذر والتردد.
لكل رئيس أمريكي مبدأ خاص في السياسة الخارجية، كان الرئيس جيمس مونرو أول من بدأ بهذا الاتجاه عام 1823، وتبعه كثيرون اّخرون- ترومان، وايزنهاور، وترومان…إلخ. وفي العادة لا يفصح الرؤساء الأمريكيون كقاعدة عامة عن مذاهبهم ومبادئهم الحاكمة في السياسة الخارجية، وإنما يتم استنتاجها من خلال الإجراءات والسياسات والكتابات المتسقة بمرور الوقت. ولذلك، كانت تصرفات عدد قليل من الرؤساء الأمريكان متوافقة باستمرار مع عقيدة واضحة في مجال السياسة الخارجية، وحتى هؤلاء الرؤساء ذوي المذاهب الواضحة في مجال السياسة الخارجية لم يكونوا دائماً قادرين على التأكيد بشكل موحد من أن التنفيذ يتوافق مع مفاهيمهم وعقائدهم الخاصة.
من جانب آخر، وعلى قدر تعلق الأمر بالشرق الأوسط وعقيدة جو بايدن، فإن عقيدة بايدن تعني شيئاً واحداً على المسرح العالمي وشيئًا اَخراً في الشرق الأوسط. فمبدأ بايدن في الشرق الأوسط لا يُعيد ابتكار نهج الولايات المتحدة في المنطقة بقدر ما يعزز تركيزه التقليدي على القضايا الأمنية والالتزامات العسكرية ومبيعات الأسلحة، بينما يتجاهل إلى حد كبير المشكلات التي تبدو مستعصية على الحل مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في ظل الانحياز لإسرائيل، والملف النووي الإيراني والحروب الأهلية المزعزعة لاستقرار المنطقة في كل من سوريا وليبيا وغيرها.
في ضوء ذلك يكون التساؤل الرئيس للدراسة هو: هل توجد عقيدة واحدة للرئيس الأمريكي جو بايدن على مستوى السياسة الخارجية؟، وكيف يتم تطبيقها على مستوى الشرق الأوسط؟
ومن خلال هذا التساؤل الرئيس تنبثق عدة أسئلة فرعية:
1. هل ثمة عوامل تعيق صياغة عقيدة واحدة متكاملة ومتماسكة وواضحة للرئيس الأمريكي بايدن على مستوى السياسة الخارجية؟
2. إذا كان هناك ثمة عوامل تمنع صياغة عقيدة واحدة للرئيس الأمريكي بايدن على مستوى السياسة الخارجية. كيف لنا التنبؤ بالإجراءات المستقبلية وعملية صنع القرار الخارجي بالنسبة له؟
3. ما هي عقيدة جو بايدن في الشرق الأوسط. وما هي السيناريوهات التي يمكن أن تعيق تطبيقها؟
أولاً: العوامل التي تمنع صياغة عقيدة واحدة متماسكة لجو بايدن في مجال السياسة الخارجية (هل ثمة عقيدة تحكم الرئيس جو بايدن).
من حيث المبدأ ثمة عقيدة من المفروض تحكم تصرفات الرئيس جو بايدن، تسمى «عقيدة بايدن» ووفق تلك العقيدة يتم السعي إلى إحياء الديمقراطية كنموذج للحكم الرشيد القادر على الدفاع عن الحرية، من خلال استخدام القيادة الأمريكية في الصراع بين الديمقراطية والسلطوية- وهو صراع يتم خوضه بشكل أساسي على أسس فكرية، ولكن في بعض الأحيان في ساحات القتال الفعلية، كما هو الحال في أوكرانيا. إضافة إلى تأييد الفرص ودعم الحقوق العالمية لحقوق الإنسان والتي تكون في قلب السياسة الخارجية الأمريكية، واحترام سيادة القانون، ومعاملة كل شخص بكرامة، على حد تعبير بايدن نفسه، والعمل مع الحلفاء كعلامة مميزة للسياسة الخارجية الأمريكية أيضاً.

لقراءة المزيد اضغط هنا