الخلفية:
ترتبط معضلة التلوث البيئي بسوء استخدام واستنزاف الموارد البيئية وبطريقة غير منتظمة بحيث تفقد توازنها وتزداد مخاطرها التي تنعكس على النظام البيئي بكل أشكاله (الهواء، والماء، والتربة) بل حتى التعامل مع الموارد البيئية بعدم وعي أو تهاون من قِبل الأفراد أو بعض الجهات يؤدي إلى تلوث كبير في البيئة، مما يؤثر على الإنسان اجتماعياً وصحياً.
وتزداد الملوثات البيئية في العراق تبعاً للظروف السياسية والأمنية والاقتصادية وما يرافقها من تدمير للبُنى التحتية نتيجة الحروب وآثارها من قبيل استهداف محطات توليد الطاقة الكهربائية، والمنشأة الاقتصادية، والمعامل الصناعية، وسكك الحديد، والمصادر النفطية، وأنظمة معالجة وتصريف مياه المجاري، والمجمعات السكنية وتعطّل وحدات تصفية المياه، وضعف دور آليات البلديات في نقل وطمر النفايات، كل هذه العوامل وغيرها زادت من معضلة التلوث البيئي، وترتبط قضايا تدهور البيئة وتلوثها بالمناطق الحضرية أكثر من ارتباطها بالمناطق الأخرى، وقد يعود ذلك إلى اعتبار المناطق الحضرية مناطق استهلاك ضخمة للموارد البيئية (مواد غذائية، ماء، طاقة…) فبحكم الزيادة السكانية العاملة في المجالات الصناعية والأدبية والفنية والسياسية والتجارية والإدارية والخدمات العامة، تُلقي بظلالها من خلال المخلفات وبكميات هائلة.
وعلى هذا الأساس تأتي هذه الورقة لتسلط الضوء على دوافع وأسباب التلوث البيئي، والتركيز على أبعاد التلوث البيئي (هواء- ماء- تربة) من أجل تقدير حجم الضرر، فضلاً عن التكلفة الاجتماعية والصحية الناجمة عن التلوث البيئي، والبحث عن أفضل السُبل والوسائل لمواجه ضرر التلوث البيئي.
دوافع (أسباب) التلوث البيئي:
تواجه البشرية مخاطر ومهددات بيئية متنوعة تؤثر على أشكال الحياة الأخرى في كوكب الأرض، فمثلاً بإمكان (هواء أو ماء أو تربة) ملوثاً في بيئة معينة أن يهدد حياة الكائنات الحية (الإنسان والحيوان والنبات والكائنات الأخرى) فيها. وقد أدى (التقدم الصناعي السريع، وما رافقه من أبخرة وغازات ونفايات سامة والسعي الحثيث إلى جانب الزحف السكاني وهجرة سكان القرى إلى المدن) إلى تلوث البيئة من (هواء، وماء، وتربة)، وعليه، يُشير التلوث البيئي إلى التغيّرات في خواص البيئة، مما يؤدي بطريق مباشر أو غير مباشر إلى الإضرار بالكائنات الحية أو المنشآت أو يؤثر على ممارسة الإنسان لحياته الطبيعية، كما يُعبر عن التغيّرات الكمية والكيفية في مكونات البيئة الحية وغير الحية، مع عدم قدرة الأنظمة البيئية على استيعابه دون أن يختل توازنها ().
ومن أبرز أسباب التلوث البيئي في العراق هو الانفجار السكاني الذي بلغ (40،220000) مليون نسمة لعام 2021، والذي أثر على جميع مفاصل البيئة من حيث الحاجة المتزايدة إلى موارد الغذاء والطاقة والإسكان والماء، فضلاً عن زيادة النفايات والفضلات الصلبة والسائلة، وتدهور الموارد الطبيعية () التي تعادل (2.9%) من الناتج المحلي الإجمالي (44% من مجموع الخسائر)، وتدني مستوى التخطيط الإقليمي والتضخم الصناعي والزراعي وعدم اتباع الطرائق المناسبة لمعالجة مصادر التلوث، فضلاً عن اللامبالاة من قبل الإنسان في تعامله مع بيئته، مما يترتب عليه كلفة في الصحة ونوعية العيش إذ تعادل (3,7%) من الناتج المحلي الإجمالي (56% من مجموع الخسائر)، والتلوث له تأثير ضار على المصادر الطبيعية فتلوث المياه لا سيَّما تلوث المياه السطحية وعدم الحصول على مياه الشرب السليمة والصرف الصحي وعدم كفاية النظافة المنزلية والشخصية والمواد الغذائية يأتي (3,5% من الناتج المحلي الإجمالي)، بينما تلوث الهواء في مدن بغداد والبصرة وبابل ونينوى والنجف وكركوك وميسان والسليمانية ودهوك وأربيل جاء بتكلفة تقديرية تعادل (1,5%) من إجمالي الناتج القومي الإجمالي.

لقراءة المزيد اضغط هنا