أحمد ناطق أحمد الآلوسي – رئيس مهندسين في وزارة الموارد المائية  – باحث في الشأن المائي
المقدمة:
 في الآونة الاخيرة، أصبحت قضية التغيّر المناخي هي الأهم والأكثر خطراً على قائمة الاجتماعات الدولية، والتي تَمخّض عنها عدّة تعاونات واتفاقيات ومعاهدات دولية، الغرض منها معالجتها أو الحدّ منها، إنّ الأسباب الرئيسة لذلك، هو التداعيات المُرعبة والتي بدأت تزداد شيئا فشيئاً، مثل: موجات الحر، الجفاف، التصحّر، الأعاصير، الفيضانات، الحرائق، والتي أصبحت للأسف تؤثر في حياة الإنسان في أمنه واستقراره، من خلال النزاعات حول مصادر المياه أو الرزق.
بيّن الخبراء والناشطين في أكثر من موقف، عن تداعيات التغيّر المناخي والتي تزداد شدّتها على المجتمعات الفقيرة، والفئة الأضعف في التسلسل المجتمعي وهي المرأة، حيث عانت وما زالت من قضايا، والهجرة القسرية والاستغلال وغيرها.
أهمية الدراسة :
يمكنُ اعتبار التغيّر المناخي أكبر مشكلة تواجه البشرية؛ حيث زيادة استهلاك الطاقة غير المتجددة قد يسبب تهديد لملايين البشر، وقد يؤدي ذلك إلى حروب مستقبلية، لذلك، فإنّ هناك مخاطر عديدة وكبيرة تُحيط الكرة الارضية بكافة أحيائها وأشكالها، حيث زيادة درجات الحرارة وقلّة الموجات الباردة وذوبان الثلوج وارتفاع مستوى سطح البحر، وقد يؤدي مستقبلاً إلى غرق عدّة جزر؛ لذلك سيتم البحث عن تأثيرات التغيّرات المناخية وانعكاساتها، وبسبب تقليلها لذلك أطلقت الأمم المتحدة جدول أعمال تنمية، وكذلك معاهدة باريس للمناخ في سنة (2015) والتي انضم إليها العراق مؤخراً.
تأثير التغيّرات المناخية على شحّة المياه وانعكاساتها على الاقتصاد والاجتماعية:
أحد أهم انعكاسات التغيّرات المناخية، هو تأثيرها على المياه من خلال قلّة الأمطار المتساقطة والثلوج، وبالتالي قلّة كمية المياه حيث أنّ ازدياد السكان والطلب المستمر عليها يقوم باتساع الهوة بين الطلب والمتوفر، وأيضاً لا ننسى بأنّ هناك مشكلة أخرى، هي أنّ الزيادة السكانية معناها زيادة في الفضلات وتلوث البيئة المائية، وبالتالي ستؤثر على نوعية المياه المستخدمة من قبل المواطن، إنّ زيادة الطلب على المياه هو عامل مهم جداً لتغطية احتياجات الإنسان في الصناعة والزراعة والشرب وغيرها، وبالتالي ستقل الرقعة الجغرافية للزراعة وهذا معناه بأنّ المصدر الرئيسي للفلّاح كمصدر رزق أصبح صعب المتناول، وبالتالي تداعيات هذا الموضوع كبيرة تجعل من الفلّاح في وضع حرج لتلبية متطلبات معيشته.
يرى الخبراء والناشطين بأنّ أكثر قطّاع تأثيراً بالتغييرات المناخية، هو قطّاع الزراعة، وبالتالي، تأثيره بشكلٍ مباشر على الأمن الغذائي والثروة الحيوانية، حيث أنّ ذلك يؤثر على كمّية الأعلاف والغلة الزراعية ومدى كفايتها للأفراد والمزارعين، إضافة إلى تقلّص مساحات الزراعة. وبالتالي زيادة كمية المساحات غير المزروعة وانضمامها إلى المناطق الصحراوية، وبذلك نخسر شيئاً فشيئاً مساحات خضراء لصالح التصحّر.
إنّ التغيّرات المناخية أثرت بشكل كبير في مجال “الهيدرولوجيا” مثل البحيرات والمجاري المائية والأراضي الرطبة، حيث فقدان المغذّيات الرئيسة للبحيرات من المياه السطحية أو السقوط المطري وبالتالي، انخفاض نسبة الأوكسجين في المياه في البحيرات والأنهر والتي تؤدي إلى قلّة الأحياء في البحيرات، وعندها يقلّ عدد الأسماك التي تعيش في هذا النظام، مما يضطر البشر المُعتاشين على الصيد  إلى إيجاد مصادر رزق أخرى، إنّ تأثير ذلك أصبح واضحاً وجليّاً على منطقة الأراضي الرطبة وهي الأهوار في الجنوب والذي يعيش القاطنين هناك على هذا النظام البيئي، حيث يَعتاش الرجال على صيد الأسماك، أمّا النساء فقد ارتبطت علاقتهن مع الجاموس علاقة وطيدة حيث يتم صنع الكثير من منتجات حليب الجاموس وخاصةً القيمر والذي يشكل مصدر دخل جيد لهذه الفئة، ولكنّ نتيجة هذه التغيّرات المناخية؛ واجهت هذه الحيوانات مشاكل كثيرة في نقص المياه والغذاء، إضافةً إلى نوعية المياه، وبالتالي، نفوق أعداد كبيرة منها وبالتالي، أثرت بشكل كبير ومباشر في نمط الحياة للمرأة خصوصاً، وحياة الاسرة عموماً. إنّ عملية فقدان مصدر رزق مُستدام ومهم ويدرُّ أرباحاً جيدة يؤثر بشكل كبير على نمط الحياة وبالتالي، تضطر المرأة إلى البحث عن مصادر دخل أخرى، وهنا تَكمن المشكلة الكبرى، حيث من غير المعقول أنّ المرأة التي تربّت في بيئة معينة لآلاف السنين يتم رحيلها إلى بيئة أخرى وبنمط جديد وعمل آخر، ولحياة جديدة لاتعرف نواتجها وعواقبها.

لقراءة المزيد اضغط هنا