مقدمة
واجهت الدولة العراقية عديداً من التحديات الأمنية الوجودية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، وما تلاه من احتلال عام 2003، وقد ساهم التمرُّد والعنف الطائفي -ومؤخراً تهديد داعش- في استمرار تدهور البيئة الأمنية في البلاد، ونتيجة لذلك، كانت الدولة العراقية تستثمر بكثافة في قطاعها الدفاعي، مع التركيز على تحديث أجهزتها الأمنية، والحصول على أنظمة ومعدات وأسلحة متطورة بالغة الأهمية، ومع ذلك، لطالما ابتليت عملية الشراء هذه بالفساد، وأوجه القصور التي لم تُعَالج، ونقص الشفافية، وندرة الخبرات، نتيجة لذلك، تتميَّز المشتريات الدفاعية العراقية بالتأخير، وتجاوز التكاليف، والأهم من ذلك، المعدات ذات الجودة الرديئة، علاوة على ذلك، فقد أدَّى وباء كورونا العالمي إلى تفاقم التحديات المذكورة في أعلاه، إذ كافحت الحكومة العراقية لمواجهة ضغوط اقتصادية جديدة، مرتبطة ارتباطاً أساسياً بخفض إيرادات الدولة؛ بسبب انخفاض أسعار النفط قبل الأزمة في أوكرانيا، وبالنظر إلى هذه التحديات، من الضروري أن يبدأ العراق في اتخاذ خطوات نحو الإصلاح في عملية الشراء الدفاعي لمتابعة اقتناء أنظمة، ومعدات أكثر فاعلية وكفاءة مع معالجة العناصر الخبيثة للفساد، والتعتيم الذي يعاني منه المشتريات الدفاعية، ستحاول ورقة السياسة هذه تحليل الطبيعة الحالية لقطاع الدفاع العراقي، وتشريح التحديات المختلفة، وتقديم توصيات للإصلاح العام.
ستقدِّم الورقة نظرةً عامةً على قطاع الدفاع في العراق، بما في ذلك القدرات الحالية، وستفصل النظام البيئي الذي أُنْشِئَ حول عملية المشتريات الدفاعية المعمول بها حالياً، سيمكِّن ذلك من إجراء فحص شامل للتحديات التي تواجه المشتريات العراقية، لا سيَّما الفساد، والتعتيم الإجرائي والمالي، فضلاً عن أوجه القصور الموجودة في جهود التخطيط والتنسيق الحالية، أخيراً، ستُقدَّم توصيات ملموسة، وفرص أساسية للإصلاح، وتحديداً زيادة المنافسة والشفافية والمساءلة، فضلاً عن تعزيز دور هيئات الرقابة في عملية الشراء، ستعرض الورقة توصياتها المتعلقة بالسياسة فيما يتعلق بمشتريات الدفاع العراقية، مع الأخذ في الاعتبار السياق السياسي، والاقتصادي، والأمني الفريد في العراق، والهدف العام هو توفير إطار للإصلاح الذي يستهدف نقط الضعف التي تحول دون عملية الشراء في العراق حالياً، إذ إنَّ تعزيز فعالية المشتريات الدفاعية وكفاءتها، وتعزيز الشفافية، وإدخال المساءلة الملموسة كلها تهدف في نهاية المطاف إلى المساهمة في تعزيز قدرة الدولة على ضمان قدر أكبر من الأمن والاستقرار للعراق والعراقيين.
ستوضِّح هذه الورقة الحاجة الملحَّة للإصلاح في عملية المشتريات الدفاعية العراقية، في حين تحاول تقديم مسارات عملية لتحقيق الإصلاح المذكور، ومع ذلك، فإنَّ الغموض الذي عُولِجَ عن طريق هذه العملية في العراق يعني أنَّ كمية المعلومات والبيانات الموثوقة المتاحة محدودة، ومن ثَمَّ فإنَّ التوصيات التي اسْتُكْشِفَت لاحقاً قد صِيغَت مع المعلومات المتاحة حالياً، وتأخذ هذا النقص في الاعتبار.

لقراءة المزيد اضغط هنا