تيفان بتينغر – باحث واكاديمي في الاقتصاد – خريج جامعة اوكسفورد
ترجمة: د. محمود داغر
كانت روسيا أكبر مصدر صافٍ للغاز والنفط في العالم عام 2021، ومع ذلك شهدت سلسلة من الأخطاء الإستراتيجية هزَّت مكانتها كلاعب رئيس. إنَّ رهانها عالي الخطورة بقطع إمدادات الغاز عن أوروبا يأتي بنتائج عكسية، وتركت روسيا غاز الذي لا يمكنها بيعه، كما يتسبب الحظر النفطي الذي يفرضه الاتحاد الأوروبي وانخفاض أسعار النفط في مزيد من الانخفاض في عائدات التصدير، إذ يُتَدَاول النفط الروسي بخصم حاد مقارنة بالأسعار العالمية.
بدت الأمور مختلفة جداً في أوائل عام 2022، وسنوات من التهاون في الطاقة تركت أوروبا معتمدة على الواردات الروسية. اسْتُرِدَ (46%) من الغاز الطبيعي مباشرة من روسيا، وهو مكوِّن رئيس للصناعة الألمانية. ثم خفَّضت روسيا -في صيف عام 2022- إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا تخفيضاً كبيراً. ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية، ما يقرب من عشرة أضعاف مستوى ما قبل الحرب. ومع بيع كميات أقل من الغاز بنسبة (75%)، لم تتأثر الإيرادات الروسية في البداية؛ بسبب ارتفاع الأسعار. تسبَّبت أزمة الغاز -في أوروبا- في حدوث صدمة تضخُّم حقيقية بنسبة (10%) لأول مرة منذ عقود.
كان بوتين آملاً أنَّ مثل هذا الألم الاقتصادي سيكون مستداماً لأوروبا الغربية. ومع ذلك، هذا لم يحدث. أولاً، (كما ينسى السياسيون غالباً ) أنَّ الاقتصاد ليس كل شيء. صحيح أنَّ الناس لا يحبُّون الأسعار المرتفعة، لكن الرأي العام عموماً وافق على ضرورة فرض عقوبات على روسيا. لكن الاقتصاد الآن هو الذي ينقلب أيضاً ضد روسيا. انخفضت أسعار الغاز -في منتصف الشتاء- انخفاضاً غير متوقع إلى مستويات ما قبل الحرب.
يُتَدَاول أسعار الغاز المستقبلية فعلياً عند مستوى أقل؛ ممَّا كان عليه قبل مارس 2022، والنتيجة هي أنَّ أرباح الوقود الأحفوري الروسي قد انخفضت بنسبة (40%) منذ أوائل عام 2022. وستكون هذه ضربة كبيرة للحكومة، إذ تأتي (45%) من عائدات الضرائب من النفط والغاز.

لقراءة المزيد اضغط هنا