دانييل جولي – باحثة في علم الاجتماع، ونائب رئيس في المركز الفرنسي للأبحاث في العراق
تقديم
أثارت التعبئة النسائية في إيران حركة احتجاجية بالغة الأهمية بعد مقتل الشابة الكردية، (مهسا أميني) على يدي الشرطة.
تتحدَّى تلك الأحداث الصور النمطية الشائعة عن المرأة المسلمة، والتي تميل إلى تصويرها على أنَّها سلبية وخاضعة، وغير مهتمة بالقضايا التي لا تتعلَّق بالمنزل والأسرة.
في الواقع، يُفترض -عموماً- أنَّ النساء لسنَ فاعلات مهمات في الحياة العامة والسياسية، ولا يهتمنَّ كثيراً بالسياسة، وهناك مَن يعتقد أنَّ السياسة هي في الأساس شيء يخص الرجل؛ لأنَّ كلَّ شيءٍ يشجعهم على هذا التفكير ومنه: (التقاليد، والحياة الأسرية، والتعليم، والدين، والأدب) «دوفيرجر استشهد به في Allwood and Wadia 2000»
 يُنظر إلى النساء المسلمات -بسبب الثقافة الاجتماعية والدينية- عن طريق عدسات متشابهه، كالافتراض المتزايد بأنَّ قدرتهنَّ على العمل في الفضاء العام محدودة، وقد غذَّت وسائل الإعلام السائدة تصوراً عاماً عن هؤلاء النساء كضحايا للهيمنة والعنف، ومن ثَمَّ عزَّزتِ التحيزات التي تصورهنَّ على أنَّهنَّ كائنات خاضعة، أو غير مبالية، أو غير مطلعة، ومحصورة في المجال الخاص من المنزل والأسرة. ويعني هذا أنَّهنَّ غير قادرات، أو غير راغبات في التصرف كأفراد فاعلين، ومن ثَمَّ لا يستحقنَّ عديداً من الحقوق الناشئة عن المشاركة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، ومن ثَمَّ فإنَّ الأمر يستحق دراسة كيف تتفاوض هؤلاء النساء على العقبات والعوامل التمكينية.
نساء مسيطرات
تواجه النساء المسلمات عقبات أمام استقلاليتهنَّ في عديدٍ من الساحات، وعلى أيدي شخصيات مختلفة. نقلاً عن تحقيق أُجْرِيَ في كردستان، يسرد القضايا الأساسية التي تهم النساء (Joly and Bakawan 2016)، وهم يؤكدون المسألة الحيوية المتمثلة في السلامة الجسدية، وحقوق الإنسان الأساسية كالرقابة المفروضة عليهم، كما توجد مجموعة أخرى من القيود ضمن المجال القانوني حينما تكون الشريعة مصدراً رئيساً للقانون، كما هو الحال في معظم البلدان الإسلامية، والمجال الثالث المهم هو الوصول إلى التعليم والتوظيف، وهي عوامل تمثِّل وسائل مهمة لمتابعة مشروع حياة الفرد، ونشاطه في الفضاء العام، والتي كثيراً ما تُقيَّد على الأقل.
تمثِّل الأعراف والتقاليد الأبوية مصدراً للسيطرة على المرأة، والتي بموجبها تمنح بنية الأسرة الممتدة لسلطة رب الأسرة الذكر، ليس فقط في شخص الأب والزوج، ولكن في حالة غيابهما، كالأخ، أو العم، أو حتى القريب البعيد الذي يتولَّى السيطرة على المرأة في الأسرة.
تُعدُّ الأدوار الاجتماعية للمرأة على أنَّها أدوار -الزوجة، والأم، والابنة- منسوبة وَفْق الجنس، والعمر، والحالة الاجتماعية. فضلاً عن ذلك، فهي الوديعة لشرف الأسرة وكرامتها. وتشمل أسوأ الجوانب الناتجة عن هذا الوضع جرائم الشرف، والزواج القسري، وزواج الأطفال، والعنف المنزلي والزوجي، وكذلك تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (ختان الإناث)، والمصاحبة لحالات الانتحار الناجمة عن تلك الانتهاكات. ومع ذلك، يجب أن يكون المرء حريصاً على تحقيق التوازن بين هذه الملاحظات، كما تفعل النساء المعنيات؛ لأنَّها لا تنتقص من حقيقة أنَّ الأسرة قد تمثِّل أيضاً موقعاً مهماً للراحة العاطفية والحماية والدعم، أو حتى حصناً ضد اضطهاد الدولة.

لقراءة المزيد اضغط هنا