د. محمد أرمين كربيت –  باحث بالشأن السياسي «الإسرائيلي»
مع أنَّ النتائج التي ظهرت عقب الانتخابات في «إسرائيل» ليست حدثاً استثنائياً، وغير مسبوقٍ في المشهد الإقليمي والعالمي، لا سيَّما تلك السياسة التي تعتمد على تحديد الهويات، وأمثلة ذلك في فوز اليمين في الانتخابات في إيطاليا، وصعود اليمين في الانتخابات الفرنسية بيد أنَّ العنصرية (الإسرائيلية) تمتاز عن غيرها باعتمادها على الإبادة التامة، والتقاطع مع كلِّ ما تحدثت عنه أدبيات حقوق الإنسان.
تكرار سيناريو الانتخابات: فشل وتصادم وعدم قدرة على صياغة طريقة للعمل الحكومي المستقر
جرت انتخابات الكنيست الخامس والعشرين في يوم (الثلاثاء) الموافق 1/11/2022، وتُعدُّ هذه الانتخابات الخامسة في أربعة أعوام تقريباً، إذ لم يستطع أي ائتلاف حكومي الاستمرار لحين انتهاء مدته المفترضة البالغة أربع سنوات وَفْقاً للقوانين الأساسية في «إسرائيل»، وكان من المقرَّر أن تُجْرَى انتخابات الكنيست في عام 2025، إلا أنَّ عدم قدرة الائتلاف الحكومي في الاستمرار نتيجة الخلافات الأيديولوجية والسياسية بين الأحزاب المؤتلفة جعل من الصعوبة بمكان الاستمرار في العمل السياسي المشترك.
وأعلنت لجنة الانتخابات المركزية أنَّ نسبة المشاركة بلغت (73.1%)، وقالت اللجنة إنَّ هذه النسبة «هي الأعلى منذ عام 2015»، أي: إنَّها الأعلى من الانتخابات الأربعة السابقة، التي أجريت من 2019 إلى 2021، والتي أنتجت جموداً، أو حكومات لم تدم طويلاً، أمَّا الانتخابات الحالية فأسفرت عن  فوز معسكر رئيس الوزراء السابق ورئيس الليكود والمعارضة بنيامين نتنياهو بحصوله على (64) مقعداً، في حين بقي كل من أحزاب ميرتس وبلد (التجمُّع الوطني الديمقراطي) «والبيت اليهودي» تحت نسبة الحسم (3.25%) لعبور العتبة الانتخابية.
في الحقيقة أنَّ اليسار والوسط هما فئتان تحتضران في المجتمع «الإسرائيلي»، وهذا ليس فقط مسألة أرقام ومقاعد في نتائج الانتخابات، بل المقصود شيء أعمق بكثير، إذ بدأ عبر مسار غيَّر وجه المجتمع «الإسرائيلي»، وهو مستمر منذ أعوام، ومن أوجه هذا التغيير القومية المتطرفة، والعنصرية، وكراهية الآخر، والحنين إلى زعيم متسلط ديني، استقوائي عسكري، مؤيد للاحتلال، يستخف بالقانون، ويكره القيم الليبرالية الغربية.
لقد أفرزت النتائج النهائية للانتخابات «الإسرائيلية» للكنيست المقاعد الآتية لكل تكتل أو حزب سياسي: إذ حصل الليكود على (32) مقعداً، وحصل حزب الصهيونية المتدينة الذي يضم حزب «قوة يهودية (عوتسما يهوديت)» على (14) مقعداً، وحصل حزب شاس لليهود الحريديم (المتشددون دينياً) على (11) مقعداً، وحزب يهدوت هتوراه (يهودية التوراة) الحريدي على (7) مقاعد، وبذلك يكون قد حصد (64) مقعداً، في حين لم يحصل حزب ميرتس الذي يدعو للسلام على أي مقعد، في المقابل، حصل المعسكر المناوئ لنتنياهو على (56) مقعداً موزعة على النحو الآتي: حزب «يوجد مستقبل»، برئاسة رئيس الحكومة «الإسرائيلية» (حكومة تصريف الأعمال) يائير لبيد (24) مقعداً، وتحالف «المعسكر الرسمي» الذي يضم كلاً من حزبي «أزرق أبيض» و»أمل جديد» على (12) مقعداً، وحزب «إسرائيل بيتنا» على (6) مقاعد، وحزب العمل على (4) مقاعد، وحزب راعام (القائمة العربية الموحدة) على (5) مقاعد، وحصلت قائمة التحالف بين حزبي حداش (الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة) و(الحركة العربية للتغيير) على (5) مقاعد في الكنيست.

لقراءة المزيد اضغط هنا