فيرجينا سونر: باحثة مشاركِة
تدمير صور أو قطع أثرية، هو بالطبع شيء مستمر، ومحزن في تاريخ داعش قصير الأمد، فكَّكت (فرجينا سونر) رموز هذه الظاهرة شبه المستمرة، هدف هذا الجنون المدمِّر هو القضاء على كلِّ ذاكرة محتملة، أو دليل للقطع الأثرية لبلاد ما بين النهرين، أمنية داعش الوحيدة هي محو كل حضارة وُجِدَت قبل ظهور الإسلام، وكوَّنت حركة الإرهاب هذه وسيلة تواصل خاصة لها، إذ إنَّ كلَّ العالم قادر على رؤية التخريب الديني كما يزعمون، أظهر داعش للعالم أسوأ ما في الإنسانية حتى وصل إلى ما وراء التخريب، وأتاح فرصةً للسوق السوداء لبيع الآلاف من القطع الأثرية.
أمَّا المجتمع فالتراث هو الذي يمثِّل ما يجب نقله للأجيال القادمة نظراً إلى أهميته، وتعدُّ هيكلاً مهماً لبناء المجتمع.
يمكن استغلال التراث الثقافي كوسيلة حرب، أو عنصر نزاع للأطراف المتورطين، وإن عُدَّت أنَّ هذه الظاهرة قديمة، في العقدين الأولين من القرن (21). قد وُثِّق تخريب غير مسبوق، ومتعمَّد للتراث الثقافي المادي، تركت التغطية الإعلامية انطباعاً قوياً للتخريب الذي حصل من قبل هذه الجماعات الإسلامية، سواءً كانت (بوذا باميان) من قبل طالبان في أفغانستان في عام 2001، وفي عام 2012 من أضرحة (تمبكتو) في مالي من قبل مقاتلي أنصار الدين، وفي عام 2015، إذ دُمِّرت عديد من القطع من متحف الموصل في العراق من قبل جهاديي داعش.
وكانت تداعيات هذا التدمير المتعمَّد وآثاره من قبل داعش في سوريا والعراق سيئة جداً؛ بسبب حجمها ونواياها واستخدامها المنهجي، وإضفاء الطابع المؤسسي عليها ضمن إستراتيجية الحرب للجماعة الجهادية، فهي غير مسبوقة، وهذا النهب الذي حصل من قبل الجماعات الإرهابية لم يكن بسبب أيدولوجية معينة، بل لبَّى احتياجات أخرى، وتهريب القطع الفنية، والتحف هو مصدر هائل للدخل المادي، إذ ما يزال هذا هو الحال مع فقدان السيطرة على أراضي الخلافة التي نصبت نفسها بنفسها.
عملت جهات فاعلة عديدة -منذ عام 2015- على مختلف المستويات على الحفاظ وحماية التراث الثقافي، وأحد الأمثلة إعادة إعمار متحف الموصل.
الجزء الأول: ما الهدف من هذه الإستراتيجية؟
قام تنظيم الدولة الإسلامية ببثٍّ على نطاق واسع تدمير الأعمال الفنية، والمواقع الأثرية في الأراضي التي سيطرت عليها في العراق وسوريا من عام 2014-عام 2017. في فبراير 2015، في مقاطع فيديو نُظِّمَت بدقَّة ومنهجية، صُوِّرت في متحف الموصل، ثم بُثَّت على وسائل التواصل الاجتماعي. أظهرت مقاطع الفيديو هذه مقاتلي داعش يدمِّرون قطعاً مجسمةً يعود تاريخها إلى العصور القديمة، والمنحوتات الضخمة للآلهة الحارسة التي تزيِّن أبواب المدينة الآشورية القديمة (نينوى)، وكثيراً من المواقع الأثرية في العراق تضرَّرت بسبب ذلك، منها مدن آشورية (خورس آباد ونمرود) ومدينة حضر (هي مدينة محصَّنة كانت تحت سيطرة الإمبراطورية البارثينية وعاصمة أول مملكة عربية) حصيلة كل هذا الدمار والنهب من قبل داعش تُعدُّ مأساوية للدولة العراقية؛ لأنَّ هذا الدمار هو الأحدث في سلسلة الدمار التي استمرت  في حرب الخليج، في 1990-1991 وبعدها، في الغزو الأمريكي عام 2003.
وفي تدمر سوريا، من مايو 2015 إلى أغسطس 2016، فجَّر الجهاديُّون بقايا أثرية مهمة (معابد نوتا بلي بيل وبعلشامين).

لقراءة المزيد اضغط هنا