يعكس عدم المساواة بين الرجال والنساء وجود فجوة جندرية ترتبط بمستوى الاهتمام بالمعارف والمعلومات السياسية، وثقافة الأحزاب الأشبه «بأندية للرجال»، وكذلك الفتور السياسي «الحكومة المحلية التي لا سلطة لها»،  والافتقار إلى الدعم من قبل الحزب، أو الأسرة، وحتى محيط العمل، فضلا عن انعدام المهارات وفسح المجال أمام مشاركة المرأة في شغل المناصب والوظائف في الهيئات التشريعية، أو التنفيذية، أو حضورها في المجال السياسي.
ومع المبادرات المحلية والاتفاقيات الدولية من اتفاقية القضاء على جميع صور التمييز ضد المرأة، وأهداف التنمية المستدامة ما تزال المرأة ممثلة تمثيلاً منخفضاً في جميع مجالات الحياة السياسية بما في ذلك الأحزاب السياسية وعملية كتابة الدستور، وكمرشحات، وناخبات. إنَّ العادات السيئة والثقافة التقليدية والهياكل التاريخية الذكورية والبيروقراطية من الصعب تغييرها، ولكن ليس من المستحيل. وعليه، يفسِّر انخفاض تمثيل المرأة في السياسة إلى عوامل قد ترتبط في عدم تشجيع الأحزاب السياسية لترشيحات نسائية، وضعف المعلومات السياسية التي تحصل عليها النساء، ووضعها أثناء الترشيح في الدوائر الانتخابية والتحديات التي تواجهها.
 تتطلَّب مشكلة اتساع الفجوة بين الرجال والنساء في المجالات جميعها وضع حلول تحجِّم هذه الفجوة، وتوسِّع نطاق المشاركة لأفراد المجتمع عموماً لممارسة أدوارهم بالصورة الصحيحة. تسلِّط هذه الورقة الضوءَ على الفجوة النوعية بين (المرأة والرجل) على المستوى السياسي، ومعرفة حضور المرأة والرجل في الحياة السياسية، وما أسباب فجوات النوع السياسي أو جذورها، وتسعى هذه الورقة -أيضاً- إلى إجراء قياس كمي لتفسير التفاوت بين الرجال والنساء على المستوى السياسي، أو وَفْق ما يطلق عليه «الفجوة بين الجنسين»، أو فجوات النوع السياسي، والتي تُشير إلى التفاوت والتفرقة غير المتكافئة في التعاملات بين الجنسين، وتفترض الدراسة وجود علاقة بين جذور وأسباب فجوات النوع السياسي وتصورات (إدراكات) المواطن العراقي.
حضور المرأة والرجل في الحياة السياسية والتفاوت الجندري.
تضمُّ المؤسسة السياسية مؤسسات الدولة التنفيذية (المتمثلة بسلطة الحكومة) والتشريعية (المتمثلة بسلطة مجلس النواب) والقضائية (المتمثلة بسلطة القضاء) والأحزاب والمنظمات السياسية والجماعات الضاغطة والنقابات مثل مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الصحفية الرسمية…إلخ. تكون شبكة علاقات تتجسَّد بالوظائف التي تقوم بها المؤسسة للمجتمع من حيث إدارتهِ وحكمهِ والسيطرة عليهِ، وتوجيه فعالياتهِ ونموهِ وتطورهِ. مقابل ما يقوم بهِ المجتمع من وظائف تتجسَّد في طاعة القوانين وتنفيذها وتزويد الدولة بالطاقات البشرية المؤهلة لنجاح المؤسسة السياسية وتقدِّمها، وتحقيق أهدافها القريبة والبعيدة الأمد. لذا فإنَّ وجود المجتمع هو شرط أساس لقيام الدولة، وفي الوقت نفسه أنَّ وجود المؤسسة السياسية ليس شرطاً لقيام المجتمع، لكنَّه ضروري لاستقرار المجتمع وديمومتهِ.
 وإذا ما نظرنا إلى واقع مشاركة الرجل والمرأة في الحياة السياسية في الوقت الحاضر، نجد أنَّها تمثل غايةً ووسيلة إذ إنَّها غاية؛ لأنَّ الحياة الديمقراطية السليمة مرتكزة على اشتراك الرجل والمرأة في مسؤوليات التفكير والعمل من أجل مجتمعها، وهي وسيلة لأنَّه عن طريق مجالات المشاركة يتذوَّق الأفراد أهميتها ويمارسون طرائقها وأساليبها، وتتأصَّل فيهم عاداتها، وتصبح جزءاً من ثقافتهم الإنسانية وسلوكهم الديمقراطي، وفي هذا السياق نجد أنَّ مفهوم المشاركة السياسية للمرأة، أو تبوئها لمراكز اتخاذ القرار ينصب في المسؤولية التي تشارك فيها المرأة في نشر مضامين مفهوم الديمقراطية وممارسات إنسانية غايتها التعرُّف بحقوق الأنسان وتطبيقها في أوساط المجتمع وما يحققهُ من فائدةٍ لأفرادهِ وليس مجرد إشغالها لمنصبٍ سياسيٍ معين.

لقراءة المزيد اضغط هنا