بيمان إسحاقي –  طالب دكتوراه بمدرسة الثقافات والتحضر المسلم بجامعة برلين الحرة
من المقرَّر أن تنطلق الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا بعد قرابة (12) شهراً في آنٍ واحد، ومع أنَّ الانتخابات ستكون في يونيو من عام 2023، إلا أنَّ الرئيس التركي يمتلك الصلاحية في إجراء انتخابات مبكرة قبل موعدها. وعلى كلِّ الأحوال سيُنتخب رئيس وبرلمان جديدين لتركيا بعد سنة من الآن، وفي هذا الوقت الحسَّاس الذي تمر به تركيا والعالم أجمع، وبعد أن أدَّت التطورات التي سبقت انتخابات العام المقبل، إلى جانب المشاكل والتحديات الاقتصادية التي تمر بها، وخصوصاً في خضم الحرب الروسية الأوكرانية، إلى خلق مناخ معقَّد لتركيا شعباً وحكومةً. تهدف هذه التحديات إلى إيجاد فجوة وانقسام ثقافي داخل المجتمع التركي؛ تنبئ بحدوث أزمات داخلية، لذا من المنتظر أن تمر تركيا بأشهر صعبة، ومليئة بالمشاكل.
سنعرض في هذا المقال بصورة مختصرة الوضع الحالي لأنقرة، ثم نعطي لمحةً عامةً عن وضع المجتمع التركي بناءً على الخصائص والظروف الاقتصادية، كما سنستطلع السيناريوهات المحتملة لانتخابات 2023 استناداً على بعض استطلاعات الرأي في الأشهر الأخيرة، وفي الختام سنعرض بعض التوصيات للحكومة العراقية في التعامل مع الانتخابات التركية، وما يتوجب عليها العمل به.
وضعية اليوم
يُعدُّ النظام السياسي التركي حالياً رئاسياً مصحوباً بالبرلمان، فقد حصل رجب طيب أردوغان على أكثر من (52%) من الأصوات في انتخابات 2018، فيما حصل حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية تحت إطار “ائتلاف الجمهور” على أكثرية برلمانية بلغت (53،6%)، ومنذ انتخابات 2018، وتحديداً انتخابات مجالس البلدي 2019، شهدت انخفاظاً حاداً بمنسوب الشعبية لدى الحزب الحاكم وائتلاف الجمهور، في حين أنَّ انتخابات مجالس البلدية بمناطق مهمة من البلاد، من جملتها (إسطنبول، وأنقرة، وأسكي شهر، وأنطاليا، وأظنه). التي كانت تحظى بأغلبية لصالح حزب العدالة والتنمية، أو أحزاب موالية لهم، إلا أنَّها تراجعت تراجعاً ملحوظاً لترفع المنديل لأطراف المعارضة.
ومنذ بداية عام 2022 وتراكم المشاكل الاقتصادية من جملتها هبوط قيمة العملة، وصعود مؤشر التضخم بتركيا، تراجعت شعبية “رجب طيب أردوغان” و”حزب العدالة والتنمية” و”ائتلاف الجمهور” بنسبة 30%، فضلاً عن استقالة شخصيات مهمة بحزب العدالة والتنمية كوزير الاقتصاد التركي سابقاً وأحد الشخصيات الاقتصادية المهمة “علي بابا جان” ووزير الخارجية ورئيس الوزراء السابق “أحمد داود أوغلو” فيما أسسوا حزب “الديمقراطية والتقدُّم” وحزب “المستقبل”، فضلاً عن هجرة عدد من الكوادر المهمة بحزب العدالة والتنمبة، ممَّا أدَّى إلى ضياع نسبة كبيرة من الأصوات الانتخابية وذهابها إلى أحزاب أخرى.
وطبقاً للبنك المركزي التركي فإنَّ التضخم المستمر ابتدأ منذ 11/2020 بنسبة (12%) وازداد بداية عام 2021، وقد ازداد التضخُّم شدةً بداية العام الحالي 2022 حتى وصل إلى (70%) في الشهر الرابع من العام نفسه ، وبهذا أصبحت تركيا حالياً سادس دولة في العالم من حيث التضخم، وصاحبة أعلى معدل تضخم بين دول “العشرين” (الكومنولث)، وطبقاً للتوقعات فإنَّ التضخُّم مستمر في الأشهر المقبلة، إذ من المتوقَّع أن يتجاوز معدل البطالة فيه عتبة (100%) بعد أن كان يشكِّل (11,4%) في العقود الثلاث الماضية.
وطبقاً للاستطلاعات الأخيرة فإنَّ الشعب التركي متشائم حول مستقبل تركيا، فوَفْقاً لأحد الاستطلاعات التي أجريت، شكلت نسبة الأصوات المتشائمة بمسار تركيا على الطرق الصحيح (60،6%)، في حين كانت النسبة (36،7%) في (14) شهراً الماضية، فيما اعتقد (22،1%) أنَّ بلدهم في المسار الصحيح بعد أن كانت (27،4%) في (14) شهراً الماضية.

لقراءة المزيد اضغط هنا