هو واي /  نائب رئيس مركز أبحاث السياسة العامة التابع لمكتب المستشار بمجلس الدولة، ورئيس جمعية شنغهاي لأبحاث السياسة العامة، ورئيس اللجنة الأكاديمية لمعهد تشاهار.
الحرب الروسية الأوكرانية هي أخطر صراع جيوسياسي منذ الحرب العالمية الثانية، وستؤدِّي إلى عواقب عالمية أكبر بكثير من هجمات (11) سبتمبر. تحتاج الصين -في هذه اللحظة الحرجة- إلى تحليل اتجاه الحرب وتقييمها، فضلاً عن تأثيرها المحتمل على المشهد الدولي بدقَّة؛ من أجل السعي إلى بيئة خارجية مؤاتية نسبياً. تحتاج الصين إلى الاستجابة بمرونة، واتخاذ خيارات إستراتيجية تتوافق مع مصالحها طويلة الأجل.
تسبَّبت «العملية العسكرية الخاصة» الروسية ضد أوكرانيا في جدل كبير في الصين، إذ قُسِّمَ مؤيدوها ومعارضوها على خطينِ متوازيينِ توازياً شديداً. لا تمثِّل هذه المقالة أي طرف، وإنَّما هي موجَّهة إلى صانع القرار في الصين؛ ليطَّلع عليها، ويستفيد ممَّا جاء فيها. تُجْرِي هذه المقالة تحليلاً موضوعياً لعواقب الحرب المحتملة إلى جانب خيارات الإجراءات المضادة المقابلة لها.
توقعاتٌ مستقبليةٌ لحربِ روسيا وأوكرانيا:
قد لا يتمكن «فلاديمير بوتين» من تحقيق أهدافه المتوقعة، ممَّا يضع روسيا في مأزق. كان الهدف من هجوم «بوتين» هو حل المشكلة الأوكرانية بالكامل، وصرف الانتباه عن الأزمة الداخلية لروسيا عن طريق هزيمة أوكرانيا بحرب خاطفة، واستبدال قيادتها، وإقامة حكومة موالية لروسيا. ومع ذلك، فشلت الحرب الخاطفة، وروسيا غير قادرة على دعم حرب طويلة الأمد، وما يرتبط بها من تكاليف باهظة. إنَّ شن حرب نووية من شأنه أن يضع روسيا في مجابهة العالم بأسره، ومن ثَمَّ لا يمكن الفوز بها. كما أنَّ الأوضاع في الداخل والخارج غير مؤاتية بصورة متزايدة. حتى لو احتلَّ الجيش الروسي العاصمة الأوكرانية كييف، وشُكِّلَت حكومة ذات تبعية روسية بتكلفة عالية، فإنَّ هذا لا يعني النصر النهائي. يكون أفضل خيار لـ(بوتين) في هذه المرحلة، هو إنهاء الحرب بصورة لائقة عن طريق محادثات السلام، الأمر الذي يتطلب من أوكرانيا تقديم تنازلات هائلة. ومع ذلك، فإنَّ ما لا يمكن تحقيقه في ساحة المعركة يصعب الحصول عليه على طاولة المفاوضات. على أيَّة حال، يُشكِّل هذا العمل العسكري خطأ لا رجوع فيه.
قد يتصاعد الصراع أكثر، ولا يمكن استبعاد تورُّط الغرب في نهاية المطاف في الحرب. في حين أنَّ تصعيد الحرب سيكون مكلفاً، هناك احتمال كبير ألَّا يستسلم «بوتين» بسهولة؛ نظراً لشخصيته وسلطته. قد تتصاعد الحرب الروسية الأوكرانية إلى ما هو أبعد من نطاق، وقد تشمل حتى إمكانية توجيه ضربة نووية. لا يمكن للولايات المتحدة وأوروبا -بمجرد حدوث ذلك- البقاء بمعزل عن الصراع، ممَّا يؤدِّي إلى اندلاع حرب عالمية أو حتى حرب نووية. ستكون النتيجة كارثة على البشرية، ومواجهة بين الولايات المتحدة وروسيا. لن تكون هذه المواجهة النهائية لصالح «بوتين»؛ لأنَّ القوة العسكرية لروسيا لا تضاهي قوة الناتو.
حتى لو تمكنت روسيا من الاستيلاء على أوكرانيا في مراهنة يائسة، فإنَّ المشهد السياسي ما يزال ساخناً. وبعد ذلك ستتحمَّل روسيا عبئاً ثقيلاً وتُنهك. في ظل هذه الظروف، وبغض النظر عمَّا إذا كان «فولوديمير زيلينسكي» على قيد الحياة أم لا، فمن المرجَّح أن تنشئ أوكرانيا حكومة في المنفى لمواجهة روسيا على المدى الطويل. ستخضع روسيا للعقوبات الغربية، وستجبر على مواجهة التمرُّد داخل الأراضي الأوكرانية. سيكون الاقتصاد المحلِّي غير مستدام وسيهبط في النهاية. لن تُتَجاوز هذه المدَّة ببضع سنين.
قد يتغير الوضع السياسي في روسيا، أو يتفكَّك على يد الغرب. بعد فشل الحرب الخاطفة التي شنَّها «بوتين»، تضاءل الأمل في انتصار روسيا، ووصلت العقوبات الغربية إلى درجة غير مسبوقة. مع تأثر سبل عيش الناس بشدة، ومع تجمُّع القوى المناهضة للحرب والمناهضة لـ»بوتين»، لا يمكن استبعاد احتمال حدوث تمرُّدٍ سياسيٍّ في روسيا. مع اقتراب الاقتصاد الروسي من الانهيار، سيكون من الصعب على «بوتين» دعم الوضع المحفوف بالمخاطر، حتى لو ربح الحرب الروسية الأوكرانية. إذا أُطِيحَ بـ»بوتين» من السلطة؛ بسبب حرب أهلية أو انقلاب أو أي سبب آخر، فمن غير المرجَّح أن تواجه روسيا الغرب. من المؤكَّد أنَّها ستستسلم للغرب، أو ستحدث انقسامات داخلية قوية، وستنتهي مكانة روسيا بوصفها قوة عظمى.

لقراءة المزيد اضغط هنا